خبر وصف إسرائيل بـ«العبرية» اعتراف ضمني بـ«يهوديتها»! ..فايز رشيد

الساعة 04:14 ص|01 يوليو 2009

كتبنا في ما سبق عن خطأ استعمال مصطلح الدولة (العبرية) في الاستعاضة عن كلمة إسرائيل أو الكيان الصهيوني، فالكثير من كتابنا وصحافيينا ومحللينا السياسيين يستعملون هذا المصطلح في الدلالة على إسرائيل.

وفقاً لباحثين ومؤرخين غربيين وعرب منهم, على سبيل المثال لا الحصر ج.د. درايغر أستاذ اللغة العبرية في جامعة أكسفورد وفي مقاله المنشور في دائرة المعارف البريطانية، والمنقب وخبير اللغات القديمة كلوفاني بيتيناتو، والدكتور محمد نحل أستاذ التاريخ في جامعة الأزهر وغيرهم، وبخاصة بعد اكتشاف لغة (إبلا) في مغائر مملكة (إبلا) السامية، جنوب حلب، فإن كلمة عبرية، هي كلمة عامة تطلق على طائفة كبيرة من القبائل الرّحل في صحراء الشام، وجاءت بهذا المعنى في الكتابات المسمارية والفرعونية، ولم يكن لليهود وجود في ذلك الحين. ولما وجد اليهود وانتسبوا إلى إسرائيل كانوا هم يقولون عن العبرية إنها لغة كنعان.

يشير كثيرون من الباحثين وخبراء اللغات إلى حداثة اللغة العبرية وإلى أنها خليط من لغات منها القديمة والحديثة أيضاً، كما يؤكدون على أن الحاخامات اليهود وجدوا أن أحسن طريقة يمكن اتباعها لربط تاريخهم بأقدم العصور، هي استعمال مصطلح (عبري) للدلالة على اليهود بوجه عام، وبذلك يكون تاريخ فلسطين تاريخاً واحداً متصلاً ومرتبطاً منذ أقدم العصور بـ (الشعب) اليهودي.

وقد تمسك الباحثون والمؤرخون اليهود وما زالوا بالنظرية القائلة: إن العبرية بمعنى اليهودية، والتي أطلقوا عليها اسم (العبرانية التوراتية) هي أقدم لغة سامية معروفة، متجاهلين وجود الكنعانية القديمة، محاولين الربط القسري بين العبرية والتاريخ اليهودي واليهود.

لقد قاتلت اليهودية مريراً على صعيد المصطلحات وأبرزها مصطلح (العبرية) باعتبارها الاحتمال الوحيد لإيجاد الرابطة المفقودة أصلاً بين اليهود، وعمقت من شعار آحاد هاعام آخر يهودي وأول عبري، وأكدت على مقولة مناحيم ريبالو (لم تكن العبرية لغة الماضي فحسب، بل لغة المستقبل، لغة البعث، التي تمكن اليهود من البقاء كشعب واحد)، ويورد الكاتبان الراحلان: غسان كنفاني وجودت السعد في دراستيهما عن الأدب الصهيوني، الحرص الأدبي الإسرائيلي على استعمال مصطلح (العبرية) للدلالة على وجود (الثقافة اليهودية الواحدة).

لذلك، حرصت الحركة الصهيونية منذ نشأتها على محاولة إيجاد القواسم المشتركة لليهود، بمحاولة ربط اللغة العبرية بالأهداف السياسية والقومية التي طرحتها. وباعتبار أن المصطلح الأول قد استنفد أغراضه، لذلك في المستقبل يتوجب التركيز على (يهودية) دولة إسرائيل، ولذلك تصر أطراف الائتلاف السياسي اليميني المتطرف، على ضرورة أن يعترف الفلسطينيون والعرب بـ(يهودية) دولة إسرائيل.

من زاوية ثانية، فإن فلاسفة وكتاباً وباحثين يهوداً، منذ اختراع الحركة الصهيونية وحتى اليوم، بدءاً من كارل ماركس في كتابه عن «المسألة اليهودية»، مروراً بأبراهام ليون في مؤلفيه: «المفهوم المادي للمسألة اليهودية»، و«إمبراطورية الخزر وميراثها»، وإسرائيل شاحاك في مؤلفه «الديانة اليهودية»، «التاريخ اليهودي»، «وطأة ثلاثة آلاف سنة»، وصولا إلى شلومو ساند في كتابه: «كيف تم اختراع الشعب اليهودي»، وغيرهم وغيرهم كثيرون، ينفون وجود أية روابط بين اليهود القدامى واليهود الحاليين.

بالتالي فإن الربط بين إسرائيل كدولة، والقول إنها الدولة (العبرية) هو وقوع في الفخ الصهيوني ـ الإسرائيلي، عن غير قصد.

إن الجماعة القليلة التي هاجرت مع سيدنا إبراهيم من (أور) الكلدانية إلى أرض كنعان سنة (1805 ق.م) والذين سموا بـ (العبرانيين) إما لعبورهم النهر (إما نهر الأردن أو الفرات) وإما تيمناً باسم أحد أجداده (عيبر) أولئك هم غير اليهود الحاليين.

وبعد أليس بالإمكان الاستعاضة عن كلمة (عبرية) بـ(الكيان الصهيوني( مثلاً؟ سؤال نوجهه برسم مردديه!