خبر تقرير: الحوار بين « حماس » و« فتح » سيستمر دون جدوى

الساعة 07:38 م|29 يونيو 2009

تقرير: الحوار بين "حماس" و"فتح" سيستمر دون جدوى إلا إذا تم التوافق على القواعد الأساسية للمشروع الوطني

فلسطين اليوم- غزة

قال تقرير صادر عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت إن الوضع الفلسطيني الداخلي خلال سنة 2008 اتسم باستمرار الانقسام وتكريسه بين حركتي "فتح" و"حماس" وحكومتي رام الله وغزة، ولم يكن هذا الانقسام مجرد صراع على السلطة، بل كان انعكاسا لخلاف سياسي عميق، واختلافا بين رؤيتين في طريقة تناول المشروع الوطني، لم تتمكنا حتى الآن من التوافق على قضايا جوهرية مرتبطة بمساري التسوية والمقاومة، وبالاعتراف بـ"إسرائيل" و"حقها" في الأرض المحتلة سنة 1948، وقد يطول الأمر بانتظار أن تتوافق الرؤيتان أو أن يحسم الأمر لأحدهما.

 

وأشار التقرير السنوي الصادر عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت وأرسلت نسخة منه لـ "فلسطين اليوم" إلى أن حكومة تسيير الأعمال برئاسة سلام فياض واصلت عملها في إدارة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بدعم من الرئيس عباس، وبغطاء ضمني (وربما على مضض) من حركة "فتح"، مستفيدة من الاعتراف العربي والدولي بها. وتناغمت حكومة فياض مع اتفاقات أوسلو واستحقاقات خريطة الطريق، وأعادت التنسيق الأمني مع "إسرائيل"، وفتحت للجنرال الأمريكي كيث دايتون Keith Dayton المجال لما يسمى "تطوير وبناء" أجهزتها الأمنية، بما يتوافق واستحقاقات خريطة الطريق ومتطلبات الدور الأمني لإدارة الحكم الذاتي، فكفَّت يد الفلسطينيين، ولاحقت المقاومة؛ لكنها لم تنجح في الحصول على أدنى تعهد من الإسرائيليين بكفّ أيديهم عن الاستيطان ومصادرة الأراضي والتهويد والاعتقالات والاغتيالات.

 

بينما أوضح التقرير أن حكومة إسماعيل هنية و"حماس" في قطاع غزة عاشت بين خيارين: إما الحصار والموت البطيء، أو السقوط والتهميش وربما الاجتثاث إذا ما قدِّر لبرنامج أوسلو وخريطة الطريق أن تعود لإدارة القطاع، وقال: "سلكت دهاليز سنة 2008 بين الاستعداد العسكري لمواجهة العدوان الإسرائيلي المتوقع، وبين ثقل المسؤولية إزاء حياة الناس وتوفير حياة كريمة لهم. ولم تكن حكومة هنية وحماس ترى في تنازلها عن إدارة القطاع مجرد عملية سياسية اعتيادية،  فقد ارتأت في الحصار الاقتصادي والسياسي وسيلة لكسر الإرادة والتركيع، وفرض الشروط الإسرائيلية والأمريكية على الشعب الفلسطيني. وكان نجاحها يتمثل في قدرتها على البقاء في ظروف تكاد تكون مستحيلة، ويدفع ثمنها، حصاراً ودماراً، نحو مليون ونصف فلسطيني. وكان استمرارها في التسلح والإعداد لمواجهة الاجتياح الإسرائيلي، دليلاً على إصرارها على الصمود، وإنجاح خطّ المقاومة الذي تتبناه".

 

وأشار التقرير إلى أنه وعلى الرغم من القتل والدمار الذي أحدثته الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (27/12/2008-18/1/2009)، إلا أن صمود المقاومة وبسالتها، وحنكة وصلابة قيادتها، والتفاف الجماهير الفلسطينية والعربية والإسلامية وحتى العالمية معها، وانتصارها في معركة "كسر الإرادات"، من خلال إفشالها الهجوم الإسرائيلي؛ كل ذلك جاء رافعة شعبية وسياسية وإعلامية لـ "حماس" وحكومتها ولتيار المقاومة. وأسهم في إيجاد حالة إحباط لدى الأعداء والخصوم من إمكانية إسقاط "حماس" واجتثاثها، ودفع باتجاه الحوار لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني. وهو حوار ما تزال العديد من عوامل تعطيل إنجاحه قائمة في المدى المنظور، مما يستدعي إصراراً كبيراً، ومسؤولية عالية، وتقديماً للمصالح العليا للشعب الفلسطيني على الضغوط الخارجية، وعلى المصالح الشخصية والحزبية.

 

وأضاف التقرير: "أدى "فقدان الاتجاه" و"ضياع البوصلة" في قيادة المسار الوطني الفلسطيني، وتعارض برنامجي وأسلوبي القيادة في رام الله وغزة، إلى محصلة "صفرية" أو سلبية، جعلت المشروع الوطني الفلسطيني يدور حول ذاته. كما أن حالة "التيه" التي عانى منها الوضع الداخلي الفلسطيني طوال سنة 2008 ألقت بظلالها على الحوار بين فتح وحماس. ومن الناحية العملية فإن الاشتراطات الإسرائيلية والأمريكية وضعت سقفا مسبقا لنتائج أي حوار فلسطيني لا تؤدي نتائجه "لالتزام" "حماس" بالاتفاقات التي وقعتها منظمة التحرير وقبول الشرعيات التي قبلتها. وكان المعنى الضمني لاشتراط إقامة حكومة ترفع الحصار هو الاستجابة لتلك الالتزامات. وبالتالي أصبح الإسرائيليون والأمريكيون حاضرين في صناعة القرار الفلسطيني ولو لم يكونوا حاضرين لجلسات الحوار. وهكذا، فإن جوهر الأمر كان في الإجابة عن سؤال متعلق بمدى استعداد الفلسطينيين لتحمل التكاليف الناتجة عن التعبير الحرّ عن اختيارهم وإرادتهم وإصرارهم على حقوقهم التاريخية والمشروعة، أم بتقديم تنازلات مرتبطة بقراءة "واقعية" لموازين القوى والإمكانات المتاحة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه. ولذلك، فقد تشهد سنة 2009 مزيداً من جلسات الحوار، غير أنها ستظل تفتقد لشروط النجاح طالما لم يتم الاتفاق على القواعد الأساسية للمشروع الوطني الفلسطيني، وعلى أولوياته ومساراته، وعلى مظلة واحد للفلسطينيين تسع الجميع، ويحتكم إليها الجميع، والتي من المفترض أن تكون منظمة التحرير بعد إصلاحها وإعادة بناء مؤسساتها".

 

وخلص التقرير إلى أن الانقسام الفلسطيني والضعف العربي والإسلامي انعكس على مجمل مسار القضية الفلسطينية خلال سنة 2008، وقال: "لا توحي مسارات الأحداث، ولا الظروف الموضوعية والعوامل الفاعلة في المنطقة، بإمكانية حدوث تغييرات جدية في سنة 2009. غير أن فشل سياسة إدارة بوش في المنطقة، وفشل سياسات الحصار والاحتلال الإسرائيلي في كسر إرداة الشعب الفلسطيني، ووصول مسار التسوية السلمية إلى طريق مسدودة، ونجاح تيار المقاومة في إفشال العدوان الإسرائيلي الواسع، وتقديمه نماذج بطولية ألهبت حماس الجماهير العربية والإسلامية ودفعت باتجاه مزيد من التعاطف الشعبي العالمي...، كل ذلك يوحي بحالة مخاض تشهدها المنطقة، قد تنعكس إيجاباً في المستقبل القريب على القضية الفلسطينية، إذا ما أُحسن التعامل مع العوامل المحركة للأحداث والفرص التي تتيحها. غير أنه لا بد من التحذير من الإفراط في التفاؤل، إذ لطالما ضيّع الفلسطينيون والعرب العديد من الفرص، بينما استطاع الخصوم والأعداء توظيف الظروف المستجدة لصالحهم".