خبر القدس: موقف السيارات هو مجرد خطوة صغيرة .. إسرائيل اليوم

الساعة 08:42 ص|29 يونيو 2009

بقلم: يعقوب احيمئير

محظور أن تظهر المعركة على فتح موقف السيارات في القدس في ايام السبت، خلافا للعناوين الرئيسة وشدة المشاهد في التلفزيون، بانها المعركة الاهم التي دارت في العاصمة منذ حرب الايام الستة. وسنخطىء بحق الحقائق الثابتة للحياة في القدس اذا ما كان فتح موقف السيارات في ايام السبت سيسجل كحدث تاريخي: محظور ان يستخدم فتح الموقف – وهو قرار عادل – غطاء لمشاكل العاصمة الحقيقية.

الموقف سيشجع بعض الاسرائيليين من "دولة تل أبيب" للوصول الى الدولة الاخرى، القدس. وبعض آخر من الاسرائيليين سيتمتعون من الثراء الثقافي والديني للمنطقة المسماة "الحوض المقدس" البلدة القديمة، عرش العبادة لرب واحد. ويمكنهم أن يلاقوا يهودا بملابسهم الدينية يحجون الى الحائط الغربي، نساء يونانيات يلبسن السواد، ارامل يسارعن الى كنيسة القيامة، رهبان اثيوبيين يسكنون فوق كنيسة القيامة، وبالطبع الجمهور المسلم الغفير الذي يسكن ذات القدس المسماة "شرقية". بل انه سيكون بوسعهم ان يتذوقوا صحن الحمص الدسم واللذيذ. هذا الحمص الطيب، بالمناسبة، يوجد هنا، وليس فقط هناك، في دمشق. ان هذه لحضارة كاملة حقا.

والى جانب الانفعال الذي يلم بالموقع أدناه كلما تجول في الحوض المقدس ومحيطه يجدر بالذكر بان الحاكم في القدس، الطرف اليهودي، هو المخطىء الاكبر بحق "عاصمة الخلد"، وباقي الاوصاف التي يتلفظ بها السياسيون. الخطيئة الاكبر منذ حرب الايام الستة هي عدم توحيد القدس.

هكذا بالفعل! عدم توحيد القدس! إذ ان فتح الموقف هو خطوة صغيرة في طريق طويل ينبغي قطعه من أجل التوحيد الحقيقي للمدينة، وليس مجرد توحيدا شكليا وتوحيدا بالعلم. إذ في هذه الاثناء نجد ان الفجوة بين غربي المدينة وشرقيها هائلة. اسرائيل كمحي، باحث كبير في "معهد القدس للبحوث الاسرائيلية" يقول ان هناك اجزاء في شرقي المدينة تذكر بالعالم الثالث: فقط في مجال التعليم ينقص ما لا يقل عن 1.200 صف. توجد احياء ركام القمامة فيها مذهل حقا. "والطرق ليس حقا بطرق"، يقول كمحي. يمكن الاشارة الى غياب اضاءة مناسبة للشارع، غياب الارصفة، وفي جدول كيدرون المجاري تتدفق بحرية. إذن كيف يمكن الحديث عاليا عن توحيد المدينة؟! توحيد المدينة لا يجد تعبيره فقط برفع العلم، الازرق – الابيض.

توحيد المدينة يكمن أولا وقبل كل شيء في الحياة اليومية. عندما يستيقظ يهودي، مسلم او مسيحي – وليس في النكتة بل في الحياة – من نومه ويخرج الى اعماله في المدينة التي بين الاسوار، او خارجها، فانه ليس بالضرورة يوجه أولا نظرته الى الاعلى، الى العلم. وهو ليس بالضرورة سيفكر، ساعة ساعة، في كل انواع الافكار السياسية التي تطلق في الهواء، من الداخل ومن الخارج، لارضاء الاماني السياسية، الدولية.

ساكن القدس، اليومي، يريد أن يعيش. فهل سمع احد ما عن هذه الامنية الغريبة؟ انه يريد مثلي دافع الارنونا (ضريبة المسقفات – المصدر) ان يعيش حياته وهو يعرف بان احدا ما، هناك فوقن يمنحه مقابلا للضرائب التي يدفعها. ساكن المدينة ينفض رجليه، اذا كان يصل على الاطلاق الى مركز غربي المدينة، بين الحفريات والحواجز، بين اكوام التراب.

اذا كان تاجرا، فهو سيعرف أنه لن يصل الى باب دكانه الزبائن اليوم ايضا لان اشغال بناء القطار الخفيف لن تنتهي الا عندما يفتح "باب الرحمة" في السور والمسيح يصل على حماره، وليس عندما يجلس هو في مقطورة القطار الخفيف.

وعليه، فان فتح الموقف في السبوت هو مجرد خطوة صغيرة فقط نحو تحويل القدس الى عاصمة، ليس عاصمة شعار فقط. وهاكم ايضا مؤشر آخر يدل على أن القدس ليست في رأس فرحتنا: في الحكومة التي يوجد فيها 30 وزيرا وعدد ذروة للوزراء بلا وزارة، انتهكت التقاليد: لم يعين وزير لشؤون القدس مثلما في الحكومات السابقة. وحتى من تسلموا ملف القدس في الحكومات السابقة لم يفعلوا العظائم. فقد علموا دون ميزانية، في ظل الاغتراب بينهم وبين رئيس البلدية، وبدون صلاحيات، وجعلوا ملف القدس فارغا من كل مضمون.

الاستنتاج: محظور ان تخفي مشاكل ايقاف السيارات عن العين وعن القلب المشكلة الحقيقية للقدس، وهذه ليست مشكلة السياسي الاجنبي، بل مشكلتنا – نحن الاسرائيليين، يهودا وغير يهود.