خبر ما الذي سيندلع في الخليج .. هآرتس

الساعة 08:38 ص|29 يونيو 2009

بقلم: أمير اورون

التطورات الداخلية في ايران منذ الانتخابات الرئاسية هناك ضبطت ادارة اوباما بين المضيقين وليس بصورة تصويرية فقط. هو عالق بين مضيق هرمز رقبة الخليج العربي (التسمية التي يستخدمها الامريكيون من اجل اصدقائهم المحليين)، او الفارسي (كما يسميه الايرانيون والاخرون). لم يمر اسبوع من دون ذكر رسمي في واشنطن او البحرين موقع قيادة الاسطول الخامس، حول أهمية مضيق هرمز لاقتصاد العالم: عبر هذا المضيق تبحر 40 في المائة من امدادات الطاقة للكرة الارضية كلها – خمس الغاز واكثر من نصف النفط. في كل يوم تمر من هناك عشرة الاف وسيلة نقل بحرية من كافة الاحجام، من الحاويات العملاقة حتى قوارب الصيادين، الى جانب البوارج الحربية الجاهزة لاطلاق النار.

في هذا المضيق وعلى امتداد الضفة الغربية للخليج حيث تنتشر مواقع البنية التحتية بجانب التجمعات السكانية (موانىء ومواقف ومحطات تكرير ومنشآت تحلية المياه)، قد يبادر الايرانيون الى احداث حالة عارمة من الفوضى، من اجل اخافة الدول العربية في الخليج – ومعها اوروبا واليابان – وتوسيع الجبهة في مواجهة اوباما. بعد ذلك في اللقاء المتعثر بين وول ستريت والبازار الفارسي، سيكلف محمود احمدي نجاد خاطره ويمنح اوباما انجازا يتمثل بتهدئة الخليج كتبرير للتنازل الذي يكرس مكانة ايران كدولة توشك على امتلاك السلاح النووي.

ضعف اوباما في الحكاية الايرانية ينبع من انعكاس الادوار في السياسة الامريكية. موقف الجمهوريين التقليدي كان يقوم على القوة والواقعية: تشكيل تحالفات ضد السوفييت وأعوانهم حتى ان لم يكن الحلفاء نموذجا للانتخابات الحرة والحريات. أما الديمقراطيون على الأقل بصورة معلنة فقد كانوا انصار ودعاة الديمقراطية. ولكن بوش الابن راهن على تفضيل "الحرية على الاستقرار" . بذلك شكل خطرا على نظام حسني مبارك واتاح لحماس المشاركة في الانتخابات الفلسطينية والفوز فيها. اوباما في المقابل ومن خلال مساعيه لان يكون صورة معاكسة لبوش ظهر في صورة الفطن المتيقظ: وحرص على عدم الدخل في الشؤون الداخلية لدولة اخرى.

هذا الخط برز في صورة خاصة في مواجهة ايران التي حظيت بعد اكثر من يوبيل من السنين باعتذار علني عن التدخل الامريكي في الانقلاب الذي أسقط رئيس الوزراء محمد مصدق لصالح الشاه رضا فهلوي. بعد التعبير عن الندم المصطنع حول خطيئة مصدق باسابيع قلائل، اتضح لاوباما ان الحياة اكثر تعقيدا من ذلك. التأييد الحماسي لانصار مير حسين موسوي سيظهر كتآمر على النظام على شاكلة ما حدث في الخمسينيات. وان كان سيقلد الخمسينيات فان ذلك يتم من دون خطة لمساعدتهم لاحداث مجزرة على شاكلة الاجتياح السوفييتي لهنغاريا.

الوعد بعدم التدخل ضمن أيضا في خطاب وزير الدفاع روبرت غيتس وبدا مثل ترجمة غريبة للفارسية لخطاب ابراهام لينكولين في غتسبيرغ حول الحكم والشعب: هذه قضية ايرانية ستحسم داخل ايران وعلى يدي الشعب الايراني.

خطاب غيتس قبل اسبوع القي على مسامع قيادات الجيوش العربية في دول الخليج التي اجتمعت في واشنطن. هو ارتكز على ذكرياته من ايام خدمته في الـ سي اي ايه ومجلس الامن القومي في العقود السابقة، وفي السياق خلال حكم ادارة ريغان التي حمت حركة ناقلات النفط في الخليج من الهجمات الايرانية خلال الحرب مع العراق. في الاونة الاخيرة سمح بنشر تقارير سرية بتوقيع ريغان امرت الاجهزة الامنية والاستخبارات الامريكية بمنع اي تآمر محتمل لاسقاط صدام حسين في مواجهة الخميني.

الماضي اعتبر بالنسبة لغيتس وتدا لتكريس موقف واضح بصدد مستقبل ايران: ليس راغبا بالتصدي للسلاح النووي وزعزعة الاستقرار في منطقة الخليج. المشكلة هي ان الحكام المتشددين في طهران هم الذين سيأخذون زمام المبادرة والذين توجد لديهم في مضيق هرمز قوة بحرية لحرس الثورة (خلافا لسلاح البحرية النظامي) ومنغمسون في تخطيط أعمال تخريبية ضد الاهداف الساحلية.

استقرار النظام الايراني يبشر بالتصعيد للخليج، وفي الجدول الزمني الذي سيختاره حكامه، ولذلك سيحث ايضا على تعزيز التحالف الامريكي – العربي ضد ايران، ولكنه قد يلقي اسرائيل وحدها في مواجهة الذرة الايرانية. في اخر المطاف الحساب في البحرين والرياض وواشنطن يختلف عن الحسابات القائمة في القدس. احمدي نجاد واوباما لن ينقذا اسرائيل من الحواسم المصيرية.