خبر مغلق الشرفات-هآرتس

الساعة 09:41 ص|28 يونيو 2009

بقلم: جدعون ليفي

 (المضمون: بينما يتحدث اوباما عن العظائم يحاول نتنياهو ان يبيع بضاعة عفنة ويشغل العالم بالتوافه فيما مل العالم الاحتلال ويرغب في أن يضع حدا له - المصدر).

أذكر هذه الشخصية من طفولتي: الوكيل الذي كان يدق ابوابنا في ساعات المساء ويقترح علينا من حقيبة خشبية قديمة بضائعه البائسة، خرق للارضية وشفرات حلاقة. وكان يبعث فينا في حينه خليطا من مشاعر الرعب والشفقة، ولكن احدا لم يكن يرغب في بضاعته. تذكرته الاسبوع الماضي في ضوء صور رئيس وزراء اسرائيل يدق أبواب زعيمي ايطاليا وفرنسا، من اواخر اصدقاء اسرائيل.

بين عاصمة واخرى تنقل بنيامين نتنياهو خاصتنا وعرض اغلاق شرفات في المستوطنات. في كل مكان سمع ذات الامور، وطرقت الابواب في وجه الوكيل القزم، أما هو فبقي على حاله. ربما على الاقل مثل سان جمنيانو التي تبني بيوتها الى الاعلى. حاول مرة اخرى الاقناع، عبثا. وحتى سيلفيو برلسكوني الذي مواقفه المؤيدة لاسرائيل تكون احيانا سخيفة ومحرجة، طرق الباب في وجهه. ولكن حذار أن نظلم الوكيل القزم في طفولتنا: فهو قد حاول نيل رزقه باستقامة؛ أما نتنياهو فيحاول الخداع؛ ستغلق شرفات ويبنى 100 بيت آخر.

هذه الخردة كان يمكنها أن تثير الضحك لو لم تكن على هذا القدر من المصيرية. في مائة يوم نجح نتنياهو في أن يوجه كل العالم ضدنا، بمن فيهم آخر الاصدقاء. واشنطن بعثت الى الديار يكلله العار مبعوثه، اسحق مولكو الذي حاول هو ايضا بيع حل الشرفة، واللقاء مع المبعوث جورج ميتشيل الغي، ونتنياهو وضع نفسه في موضع اثارة الضحك في باريس وفي روما. وكل شيء من أجل شرفة، حيلة اسرائيلية يائسة اخرى ترمي الى خداع العالم.

نتنياهو بقي عاريا. رئيس الوزراء عديم الاجندة هو البشرى الاسوأ لاسرائيل. "سيد ارهاب" دون ارهاب، "سيد ايران" دون ايران – وحتى تاتشري بدون التاتشرية التي لفظت أنفاسها. كل تخويفاته، التي بنى عليها حياته السياسية تبددت او ردت دفعة واحدة، ونتنياهو بقي يعوزه كل شيء. ليس لديه شيئا يعرضه. الحقيبة فارغة. لم يعد ممكنا اخافة العالم من الارهاب الفلسطيني، إذ – ما العمل – منذ زمن بعيد ولا يوجد ارهاب، انقروا الخشب.

كما أن الحياة السياسية الثانية لنتنياهو، حياة "سيد ايران" اجلت الى موعد غير معروف بسبب انعدام ذات الصلة. عندما تشقق النظام في ايران في ضوء احتجاج شعبي على هذا القدر من الاثارة والشجاعة، وبراك اوباما يحاول تغيير الاتجاه، فان نتنياهو وان كان يمكنه أن يواصل هز الذيل ضد خطر القنبلة، مثلما حاول مرة اخرى عمله بشكل سخيف في رحلته الى اوروبا، الا أن الحديث يدور عن نقر على تنكة بالية. لبضاعة نتنياهو عن ايران لا يوجد من يشتري. نعم قنبلة، لا قنبلة، بقينا مع مسألة الشرفات.

        كم بائسة هي المسرحية التي يتجول فيها رئيس وزراء اسرائيل، الذي انتخب لتوه، في العالم مع هذه البضاعة العفنة. في الوقت الذي يتحدث فيه اوباما عن العظائم، نتنياهو خاصتنا يتحدث عن اصغر الصغائر؛ في الوقت الذي يرتسم فيه رئيس الولايات المتحدة كمبشر لتغيير تاريخي، رئيس وزرائنا يرتسم كبائع متجول صغير، يحاول بيع منتجات مخلولة لا يرغب فيها أحد.

بفضل اوباما عدنا الى المسألة الاساس المحملة بالمصائب: هل الاحتلال الاسرائيلي سيستمر أربعين سنة اخرى، أم أن العالم مله أخيرا وقرر وضع حد له. اوباما يؤشر بانه اختار الامكانية الثانية. الجدال على تجميد الاستيطان هو بالتالي بالفعل "اضاعة للوقت" مثلما صرح نتنياهو في اوروبا؛ حان الوقت للانتقال الى الامر الاساس: اخلائها. وعليه فان اقوال نتنياهو في بار ايلان تظهر كعقيمة ايضا: دولتان لا تبدآن باغلاق شرفات، بل باخلائها.

تبقى لنتنياهو الان، في وقت اقرب مما كان متوقعا، البقاء فقط – حيال الولايات المتحدة وحيال "البيت اليهودي". في آذار 2007 كتبت هنا: "رئيس الوزراء ماذا يوجد له في حياته؟ فهو ينهض في الصباح ويمسي المساء ولا يفكر الا اذا كان نجح في ارضاء الادارة الامريكية ورد الاشارات السورية؟ وماذا سيقول لنفسه رئيس الوزراء في ختام السنة الاولى من ولايته؟ والثانية؟ ماذا يفكر في ان يخلف وراءه، غير بقائه؟" هذه امور قيلت عن سلف نتنياهو، ايهود اولمرت. بعد اقل من سنتين ونصف السنة من ذلك، تبدد اولمرت، ولم يخلف وراءه غير بقايا خرائب لحربين زائدتين، والاقوال لا تزال سارية المفعول – لشدة الاسف والخجل – ضعفين بالنسبة لخلفه.