خبر مع المال تأتي الشهوة- هآرتس

الساعة 09:40 ص|28 يونيو 2009

بقلم: نحاميا شتريسلر

 (المضمون: قرارا الحكم اللذان صدرا على الوزيرين ابراهام هيرشيزون وشلومو بنزري يشهدان بأن المجتمع الاسرائيلي ما زال يعرف كيف ينظف نفسه من الفساد وهذا شرط لبقائه - المصدر).

أعترف وأخجل أيضا بأن هيرشيزون نجح في اختداعي أيضا. كان ذا مظهر بليد ثخين الجلد فظ. لم يدخن السجائر، ولم يبد وغدا ولم يسلك سلوك محتال. بل ربما عكس ذلك. بحيث بدت لي التهم بادىء الأمر الموجهة اليه داحضة جدا. أيخون شخص مثله ويسرق؟ ما الذي ينقصه؟.

كان له غطاء كامل ايضا: مسيرة الحياة بين اوشفيتس وبيركناو. من يستطيع أن يخطر في باله أن انسان يعمل في تخليد ذكرى الكارثة هو في الحقيقة لص بسيط أو حتى محكم؟

أين بدأ كل هذا؟

بدأ بقرار مهم للكنيست اتخذ في تشرين الاول 1996، وهو تحريم ازدواج عمل عضو الكنيست، بعد ان تبين ان اعضاء الكنيست استعملوا الكنيست مثل فأس يحفرون بها. مثلا عضو كنيست كان محاميا أيضا، كان يمثل في الصباح شركة ايغيت ازاء سلطات الدولة، ويصوت بعض الظهر في اللجنة المالية في شأنها.

لكن الكنيست لم تقم بعمل كامل. لقد جعلت رؤوس الهستدروت العامة وهستدروت العمال الوطنية شاذين. كانت تلك مصلحة مشتركة لحزب العمل والليكود، ولهذا جاز ذلك في الكنيست بسهولة، برغم اصوات الانتقاد من الخارج. رأس ابراهام هيرشيزون آنذاك هستدروت العمال الوطنية.

وهكذا اعطي هيرشيزون أول اذن ليعيش الخطيئة. أجل يوجد تضارب مصالح بين المنصبين، وهذه هي القاعدة التي نمت فوقها أعمال الفساد. كان هيرشيزون يأتي الكنيست بسيارة كاديلاك (لهستدروت العمال الوطنية) في حين سافر سائر اعضاء الكنيست في سيارات مازدا. وكان له حساب نفقات مفتوح استغله استغلالا جيدا في مطاعم فخمة. وكان له عدد من المساعدين، اضافة الى اولئك الذين منحته الكنيست اياهم. في الانتخابات التمهيدية كان يخرج أناس المركز لعطل نهايات الاسبوع الظريفة على حساب الهستدروت الوطنية. وهكذا فقد رويدا رويدا اتجاهه. لانه مع المال السهل تأتي الشهوة، وبعدها يأتي الطمع، وسكر القوة وفقدان الحذر.

شعر فجأة بأنه يستطيع فعل ما يريد بأموال الهستدروت الوطنية، لانه لا يوجد من يقول كلمة في المنظمة التي أديرت بلا رقابة واشراف، واذا وجد  مثل هذا فانه يكون هو ايضا قد مد يده. وهكذا اذا وطأت مرة ومرتين خطا أبيض ولم يوقفك أحد، اعتدت آخر الأمر على السير بخلاف القانون. بحسب مستوى نفقات هيرشيزون ومشترياته أحب الحياة الجيدة. لكنه نجح في أن يغطي ميله هذا بمظهره غير المرتب الى ان سقط.

        ليس العقاب الذي تلقاه عقابا سهلا. فهو عقاب شديد لكنه عقاب مناسب أيضا، لكي يكون واضحا لجميع افراد الحياة العامة ان المجتمع الاسرائيلي يريد ان ينظف نفسه من ظواهر فساد السلطة هذه.

لكن في حين يختبىء مقربو هيرشيزن لشدة الخجل، يرى مقربو شلومو بنزري قرار حكم المحكمة العليا تمييزا طائفيا آخر. فشاس أكبر تاجرة ببضاعة التمييز. انها تركبها حتى الأفق.

قال عضو الكنيست نسيم زئيف أمس إنه يجب الانتقال الى طريقة المحلفين، لانه توجد "سياسة موجهة تمييزية" في المحكمة. وقال الوزير مشولام نهاري انهم اشتدوا كثيرا على بنزري، لان مجرد حقيقة انه عزل وحوكم هي أكبر عقوبة يمكن أن توجه الى رجل حياة عامة. لكن أربما يكون الأمر على العكس؟ أربما من المناسب أن يطلب من رجل الحياة العامة خاصة معايير أكثر أخلاقية لانه يجب أن يكون قدوة؟

قال بنزري نفسه قبل سنتين إنهم لو كانوا يسمونه بنزروفيتش لما ألقوا له بالا البتة. لكن المشكلة هي ان هيرشيزون تلقى خمس سنين وخمسة أشهر وتلقى أربع سنين فقط. اذن أربما ألقوا بالا لهيرشيزون هذه المرة بالذات؟

يشعر أناس شاس بأن اعمالهم لها شيء من التحليل في الحقيقة. ففي السنين الاخيرة وجدوا أنفسهم مجرمين وفي السجن: آريه درعي، ويائير ميرتس، ويائير ليفي، ورفائيل بنحاسي وعوفر حوجي وشلومو بنزري الان ايضا.

انهم يشعرون بانهم يرفعون مظلمة تاريخية في الحقيقة، لانهم كانوا في أول ثلاثين سنة من سني الدولة خارج نطاق الحكم، ولم يستطيعوا السرقة والارتشاء كالاخرين. وأصبحوا في الثلاثين سنة الاخيرة جزءا من الحكم، فلماذا يشوشون عليهم في رفعهم مظلمة الماضي؟

في الحاصل يوجد في قراري الحكم شهادة شرف للمجتمع الاسرائيلي. فهو ما زال يعلم كيف ينظف نفسه من أوبئة الفساد وهذا شرط أساسي لبقائه.