خبر مشعل إذ يرد التحية لأوباما بمثلها ..عريب الرنتاوي

الساعة 07:09 ص|27 يونيو 2009

مشعل إذ يرد التحية لأوباما بمثلها ..

عريب الرنتاوي

 

اختار رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، أن يرد التحية للرئيس الأمريكي باراك أوباما بمثلها وبقدرها، من دون زيادة أو نقصان، وقد حاكت كلمات "خطاب دمشق" الكلمات الإيجابية المحفوفة بالحذر التي تضمنها "خطاب القاهرة"، فعبارة "نعم ولكن" ظلت سيدة الموقف و"الجملة الشرطية" في خطاب أبو الوليد من ألفه إلى يائه:

 

• "إننا نلمس تغييراً في النبرة والخطاب الأمريكي تجاه المنطقة وتجاه العالم الإسلامي، ونحن رحبنا بذلك، ونقدّر أي تغيير تقديراً موضوعياً....ولكننا لا نُسحر بالخطابات، بل نبحث عن التغيير في السياسات على الأرض".

 

• "إن الحديث الأمريكي اليوم عن تجميد الاستيطان وعن الدولة الفلسطينية أمر جيد....لكنه ليس جديداً، كما أنه ليس كافياً".

 

• "نحن وإن رحبنا بالتغيير في لغة أوباما....لكننا بكل وضوح لم نتجاوز هذا الحد طالما بقي التغيير في حدود اللغة".

 

أما النتيجة التي يخلص إليها مشعل بعد كل هذه الجملة الشرطية، فهي التعبير عن التقدير لـ"لغة أوباما الجديدة تجاه حماس"، باعتبارها خطوة أولى في الاتجاه الصحيح نحو الحوار المباشر وغير المشروط.

نبرة جديدة ولغة جديدة في خطاب خالد مشعل، ولكن من دون مواقف جديدة أو سياسات مغايرة، وهذا بالضبط ما كان فعله الرئيس الأمريكي في القاهرة: نبرة جديدة ولغة جديدة حيال حماس، ولكن مع الالتزام بالمواقف القديمة والسياسات ذاتها، ما يعني أن الطريق ما زال طويلا قبل أن نرى مقاربة جديدة و"خطوة أولى" تصدر من هنا أو هناك، بيد أن ما حصل كفيل بإطلاق العديد من المبادرات والوساطات، وقمين بشحن الهمم وشخذ المخيّلة لاجتراح مخارج وحلول تبني على النوايا الطيبة المتبادلة، وتجسّر الفجوة القديمة المتجددة بين المواقف والمواقع.

 

مشعل لم يكرس كل خطابه للرد على خطاب أوباما، وإن كان قد خصص جُلّه لهذا الغرض، فالرجل توّج مسار التحولات في مواقف حركة حماس وبرنامجها الوطني، مستلهما بالكامل برنامج منظمة التحرير الفلسطينية  ومشروعها الوطني (عندما كانت المنظمة منظمة والبرنامج برنامجا)، برنامج العودة وتقرير المصير وبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، باعتباره برنامج الحد الأدنى المشترك والمقبول من شعبنا، من دون أن يرهنه أو يقايضه بهدنة طويلة الأمد، ومن دون أن يصفه بالمؤقت والمرحلي، ومن غير أن يحيطه بشروط من نوع عدم الاعتراف بإسرائيل أو غير ذلك.

 

والحقيقة أن خالد مشعل في خطاب دمشق، اقترب بحماس من منظمة التحرير بالكامل، ليس من حيث تعريفها لأهداف النضال الوطني الفلسطيني وبرنامجه فحسب، بل ومن حيث تحديدها لأدوات هذا الكفاح ووسائله، فهو تحدث عن الحق في مقاومة الاحتلال، وهذا موقف المنظمة من الناحية الرسمية على أقل تقدير، وهو دعا لمزاوجة بين التفاوض والمقاومة، وهذا رأي الغالبية الغالبة من الشعب الفلسطيني بقواه وفصائله الحية، وهو تحدث عن المقاومة كوسيلة وليس كهدف، وعن المقاومة المُبصِرة للتطورات من حولها لا عن مقاومة عمياء.

 

أحسب أن خطاب خالد مشعل في دمشق، يوّفر بما تضمنه من روحية إيجابية ولغة جديدة ومواقف متطورة، أرضية صلبة لاستعادة وحدة الشعب والمؤسسات والمنظمة والسلطة في فلسطين، إن خلصت نوايا الأطراف وصدقت "مواقفها المعلنة"، كما أحسب أن نظرة منصفة للخطاب بعيون موضوعية لم يضربها "رمد المعايير المزدوجة" كفيلة بالتأسيس لحوار بين حماس والمجتمع الدولي، اللهم إلا إذا كان المطلوب من حماس أن ترفع الرايات البيضاء أمام فريق من الفلسطينيين في الحوار الوطني الداخلي، وأمام إسرائيل في المفاوضات الإقليمية المقبلة، وهذا ما سترفضه الحركة، وسنرفضه معها وإلى جانبها، فالراية البيضاء إن رفعت في سياقات كهذه ستكون إيذانا بهزيمة الشعب الفلسطيني واستسلامه، وليس هزيمة للحركة، وهذا ما نربأ بحماس عنه، وهذا ما رفضه خالد مشعل على أية حال عندما قال: "أنّ أولوية حماس ليس اعتراف الآخرين بها، ولكنْ اعترافهم بحقوق شعبنا وحقه في تقرير المصير".