خبر العالم يناهض سياسة التعذيب..وإسرائيل تواصل إعدام الأسرى بها

الساعة 07:07 ص|27 يونيو 2009

العالم يناهض سياسة التعذيب..وإسرائيل تواصل إعدام الأسرى بها

فلسطين اليوم- غزة

أكد المركز الفلسطيني للدفاع عن الأسرى اليوم السبت، أن سلطات الاحتلال الصهيوني تعتبر من الدول القلائل في العالم التي تمارس التعذيب الشديد في سجونها غير الشرعية، بهدف انتزاع الاعترافات من المعتقلين بصورة مهينة ومذلة، معتبراً استمرار الاحتلال استخدام سياسة التعذيب جريمة متواصلة بحق القوانين السماوية والقوانين الأرضية والدولية التي تجرّم وتحرّم التعذيب بحق الإنسان.

 

ولفت المركز الفلسطيني في تقرير صدر عنه، بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة التعذيب، إلى أن عملية التعذيب المستمرة في سجون الاحتلال، تأتي في إطار رسمي وتغطية كاملة من قبل سلطات الاحتلال التي تخصص لعمليات التعذيب وانتزاع الاعترافات والأموال الطائلة وهو ما يتعارض تماماً مع كافة الأعراف والمواثيق.

 

وأشار المركز الفلسطيني إلى أن الغالبية الساحقة من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال تعرضوا للتعذيب الشديد على يد الاحتلال، وأن هذا التعذيب امتد من التعذيب النفسي والجسدي والقهر والاضطهاد دون أدنى مراقبة من تلك المؤسسات الدولية التي تتغنى بحقوق الإنسان وحماية الأسرى من البطش والإرهاب.

 

وشرح المركز الفلسطيني الظروف التي يعيشها الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال، وأكد أنها ظروفاً مأساوية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، مشيراً إلى أنهم يتعرضون لكل أنواع وأصناف من التعذيب والإهانة والإذلال، وقسّم ذلك إلى قسمين وهما: العقاب والتعذيب الجسدي، والعقاب والتعذيب النفسي، حيث أن سلطات الاحتلال تمارس بحق كافة الأسرى، أنواع كثيرة من التعذيب نذكر منها: (الشبح على الكرسي وعلى الجدران لساعات متواصلة ودون انقطاع، والضرب المبرح الذي قد يصل في بعض الحالات إلى الإغماء ومن ثم مفارقة الحياة، والصعق بالكهرباء.

 

ونوه إلى عزل الأسير عن باقي الأسرى لخلق جو من الضغط النفسي بهدف الإضرار بحالة الأسير، وكذلك حرمان الأسير من زيارة المحامي والالتقاء به، والحرمان من الحق بإبلاغ الأهل فور الاعتقال أو بانتقال من مركز تحقيق لآخر، والحرمان من الحق الإنساني بالنظافة وتغيير الملابس الداخلية، والحرمان من الحق بالحصول على وجبه لائقة وكافية بالأسير، كما وأن الاحتلال أيضا يمارس بحق الأسرى الحرمان من النوم، والتلفظ بألفاظ بذيئة ومخزية كما السب والشتم والتهديد بإيذاء العائلة أو اعتقال أفرادها، وكذلك تهديد الأسير بإبعاده خارج الوطن وبهدم بيته، مضيفا أن من أصناف التعذيب هو وضع الأسير في غرف المتعاونين "العملاء"، أو ما يعرف بغرف "العصافير" حيث يتعرض الأسير فيها لعملية ضغط نفسي شديد كما أنه يتعرض في كثير من الأحوال داخل هذه الغرف إلى التعذيب والضرب واتهامه بالعمالة، وذلك كله بطبيعة الحال من أجل الضغط على الأسير للاعتراف حتى لو على قضايا وحوادث لا يعرف عنها شيء.

 

وسلّط المركز الفلسطيني للدفاع عن الأسرى الضوء على المعلومات التي أقرتها التقارير الرسمية والحقوقية والتي بينت أن الاحتلال يستخدم قرابة 80 أسلوبا من أساليب التعذيب بحق الأسرى والمعتقلين، مبينا في الوقت ذاته أن نسبة 98% من الأسرى الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال تعرضوا للتعذيب في قرابة 30 سجنا ومركزا للتحقيق، وأن 88% من الأسرى تعرضوا لأسلوب تعذيب يعرف بـ "الشبح المتواصل"، حيث يتم تعليق الأسير عاريا من يديه أو قدميه في سقف الزنزانة لفترات طويلة يحرم خلالها من النوم وفي ذات الوقت يتعرض للضرب المبرح، مؤكدا أن عمليات التعذيب هذه لا يستطيع الأسير تحملها الأمر الذي يؤدي إلى إصابة الأسير الذي يخضع لهذه الأساليب من التعذيب بالإغماء أو التشنج أو مفارقة الحياة.

 

كما أوضح التقرير أن نسبة 68% من الأسرى الفلسطينيين تعرضوا لأسلوب تعذيب ما يعرف بوضع الأسير في الثلاجة، وهي عبارة عن مكان ضيق جدا مساحته 50 سم × 50 سم فقط، يوضع الأسير فيه وهو مكبل اليدين والقدمين، ويتم ضخ هواء بارد جدا من فتحه أعلى هذا المكان بحيث تكون درجة الحرارة في الداخل صفر مما يؤدي إلى تعرض الأسير إلى التجمد داخل الثلاجة، ويستمر وضعه في الثلاجة لساعات طويلة قد تقارب 8 ساعات وأكثر.

 

وأشار المركز الفلسطيني في تقريره إلى أن عدد شهداء الحركة الأسيرة وصل إلى 196 أسيرا، مبينا أن هذا العدد الكبير من الشهداء الأسير معظمهم استشهد تحت التعذيب أو تعرض للقتل المباشر أثناء الاعتقال، مما يدلل على أن دولة الاحتلال تمارس القتل المتعمد والإجرام الممنهج بحق الأسرى في سجونها التي تفتقر لأدني مقومات الحياة البشرية، بل إنها لا تصلح لعيش الحيوانات وسط إهمال وغض للبصر من قبل المؤسسات الحقوقية الدولية.

 

وعلق المركز الفلسطيني في تقريره على سياسة الإهمال الطبي التي تمارسها سلطات الاحتلال وإدارات السجون بحق الأسرى المرضى الذين بلغ عددهم قرابة 1600 أسيرا، مبينا أن هذا العدد من الأسرى لا يتقلون الرعاية الصحية ولا يتناولون العلاج بسبب منع الاحتلال ذلك، واكتفاءه بإعطاء الأسير المريض بمرض عضال ومزمن بحبة "أكامول" أو مسكنات مؤقتة فقط، كما وتمنع سلطات الاحتلال الأسيرات على وجه الخصوص من توظيف طبيبة متخصصة لهن، الأمر الذي نادت به الأسيرات كثيرا ولكن لا مجيب من قبل إدارات السجون.

 

وبحسب الإفادات التي نشرها المركز الفلسطيني فقد أصيب العديد من الأسرى المرضى بأمراض داخل السجون، حيث أنهم تعرضوا للاعتقال وهم أصحاء، ولكنهم تحت التعذيب الشديد أصيبوا بأمراض مزمنة.

 

وذكر التقرير ما أفاد به الأسير المحرر صهيب الصعيدي (25 عاما)، من مخيم النصيرات (وسط قطاع غزة)، خلال مقابلة أجراها معه المركز الفلسطيني للدفاع عن الأسرى حيث أكد بأن الأسرى يتعرضون لمعاملة سيئة للغاية من قبل إدارة السجون وأن الاحتلال يمارس سياسة الإهمال الطبي أو الإعدام الطبي حيث يمنع الأسير من العلاج.

 

ونوه إلى أن أحد الأسرى تعرض لضعف شديد في النظر بسبب ممارسات وقمع الاحتلال داخل السجن حيث بدأ هذا الأسير يفقد بصره يوما بعد يوم، وشرح ذلك قائلا: "لقد كنت في أحد السجون وكان عندنا أسير يتمتع بصحة جيدة، ولكن مع مرور الزمن بدأت حالة هذا الأسير في تدهور مستمر حيث أصيب بمرض في عينيه ورفضت حينها إدارة السجن إخضاعه لعملية ورفضت عرضه على الأطباء أيضا، وظل هذا الأسير يعاني من ضعف في البصر يوما بعد يوم وحالته تدهور كذلك، حتى أصيب هذا الأسير بالعمى التام، وهو الآن أسيرٌ أعمى، لا يرى مطلقا، وبعدما أصيب هذا الأسير بالعمى قررت إدارة السجن عرضه على الطبيب بعد أربعة أشهر إضافية"، وقد رفض الصعيدي ذكر اسم هذا الأسير حتى لا يقلق ذويه خارج السجن.

 

وعبر المركز الفلسطيني للدفاع عن الأسرى في تقريره عن قلقه البالغ والكبير تجاه ما يتعرض له الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال من أساليب تعذيبية، معتبراً أن هذه الأحوال الرهيبة التي يعيشها الأسرى والمعتقلين في السجون من أطفال وشباب وشيوخ ونساء، يبين بشكل واضح وصريح، ويوضح بما لا يدع مجالا للشك أن سلطات الاحتلال بذلك تنتهك كافة البنود التي تحتويها كل الاتفاقيات والأعراف والمواثيق والمعاهدات الدولية التي تكفل للإنسان العيش بكرامة، والتي حددت أساليب التعامل مع الأسرى والمعتقلين في السجون.

 

ودعا المركز الفلسطيني للدفاع عن الأسرى كافة المسئولين الفلسطينيين إلى بذل المزيد من الجهود من أجل الإفراج عن الأسرى والمعتقلين وتسخير كافة الإمكانيات من أجل ذلك، لاسيما الإفراج أولئك الأسرى المرضى الذين ربما يفقدون حياتهم في أي وقت، كما طالب المركز إلى حمل قضية الأسرى إلى المستويات الرسمية العربية والإقليمية والدولية من أجل إنهاء هذا الملف المؤلم لكافة الفلسطينيين.

 

وجدد المركز مطالبته للفلسطينيين في الوطن والشتات والأمتين العربية والإسلامية والحكومات والزعماء العرب إلى التفاعل أكثر مع قضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال والمشاركة في كافة الفعاليات الرسمية وغير الرسمية التي من شأنها تعريف العالم بقضيتهم العادلة، وتعريف العالم بهذا الإجحاف وهذا الظلم الواقع عليهم في سجون الاحتلال.

 

ودعا المركز الفلسطيني مؤسسات وهيئات ومنظمات حقوق الإنسان وتلك التي تهتم وتتابع أحوال الأسرى والمعتقلين، إلى بذل أقصى الجهود وممارسة كافة الأساليب للضغط على سلطات الاحتلال من أجل وقف مسلسل الإذلال الرهيب والمخيف الذي يتعرض له الأسرى والمعتقلين، وكذلك كبح جماح هذا العدوان البربري والهمجي الذي تمارسه سلطات الاحتلال أمام مرأى ومسمع العالم كله بحق الأسرى بكافة أصنافهم.