خبر 3 أسئلة أمريكية ..فهمي هويدي

الساعة 09:38 ص|25 يونيو 2009

ـ الشرق القطرية 25/6/2009

سألنى مراسل صحيفة «واشنطن بوست» الذى جاء إلى القاهرة ليتابع صدى أحداث إيران الأخيرة فيها، بماذا تفسر سكوت العواصم العربية إزاء تلك الأحداث، رغم أن بعضها مشتبك مع طهران ومخاصم لها؟، قلت إن الصمت ليس تاما، وأن الإعلام العربى خصوصا فى مصر والسعودية قام باللازم، وبعض منابر الإعلام ليست بعيدة تماما عن السياسة، ويستطيع أى قارئ أن يرصد تعالي نبرة الهجاء والشماتة والتحريض فيما تنشره بعض الصحف وتبثه بعض الفضائيات. مع ذلك يظل السؤال صحيحا إذا انصب على التعبير الرسمى والمباشر الذى أحجمت عنه العواصم المذكورة، التى يعرف الجميع أنها كتمت ترحيبها بالاضطرابات التى حدثت فى طهران، وهذا الكتمان له ما يبرره، ذلك أن الضجة أثيرت فى إيران عقب الانتخابات الرئاسية، التى شكك غير الفائزين فى نتيجتها، وطعنوا فيها بالتزوير. وذلك يحرج دولا عربية لم تعرف الانتخابات أصلا ودولا أخرى لا تتم فيها الانتخابات بغير تزوير، وفضلا عن هذا وذاك فإن الاحتجاج على النتائج تم من خلال المظاهرات التى خرجت إلى الشوارع واشتبكت مع الشرطة وعناصر «الباسيج». وهذه ملابسات تجعل الحكومات العربية التى سرها ما حدث أن تتردد كثيرا فى تأييد المحتجين، لأن من شأن ذلك أن يفتح أعين مواطنيها على أمور يتم تجاهلها وحظرها فى بلدانهم. ومن حقهم إذا وجدوا أن حكوماتهم أيدت فى العلن المتظاهرين ضد النظام أن يتساءلوا لماذا كل ذلك حلال على الإيرانيين وحرام علينا. لذلك كان الصمت الرسمى حلا لهذه الاشكالات.

سألنى صاحبنا بعد ذلك هل تتوقع أن يكون لما جرى فى إيران صدى فى مصر، بحيث يتحرك الشارع محتجا إذا حدث أى تلاعب فى الانتخابات التى يتم الإعداد لها الآن؟، قلت إن الشىء الوحيد الذى أتوقعه أن يتم التلاعب فى نتائج الانتخابات، التى يتداول المهتمون بالشأن السياسى بعض نتائجها من الآن. على الأقل، فى الشق المتعلق بعدد المقاعد التى «ستفوز فيها» الاحزاب المختلفة. أما موضوع تحرك الشارع فهو مستبعد إلى حد كبير أولا لأن الاحزاب الشرعية مدجنة ومتفاهمة مع السلطة، وثانيا لأن التجمعات السياسية الأخرى إما أنها محدودة القدرة والفاعلية فى المجتمع أو أنها مقموعة بقسوة لا تمكنها من التعبير عن أى احتجاج سلمي. أما المجتمع فى إيران فوضعه مختلف نسبيا، ذلك أنه لايزال محتفظا بحيويته وعافيته وتعدديته السياسية والعرقية والثقافية. صحيح أن الشرطة وعناصر الباسيج تدخلت لوقف المظاهرات، لكن ذلك تم بعد خمسة أيام من اندلاعها، وما أوقفها ليس الشرطة ولكنها بيانات ونداءات القادة السياسيين الذين تحركوا لاحتواء الموقف. وفى كل الأحوال فإن الإجراءات البوليسية التى اتخدت هى عشر معشار ما تشهده فى بلادنا التى لا يسمح فيها أصلا بخروج المظاهرات وإذا خرجت فإن النهار لا ينتصف إلا وقد تم فضها بمختلف الأساليب.

السؤال الثالث كان كالتالى: ربما لاحظت أن الرئيس أوباما كان متحفظا فى الحديث عن الوضع فى إيران. وفى وقت لاحق دافع عن احترام إرادة الشعب هناك، هل تتوقع أن يتبنى هذا الموقف إذا ما حدث تطور مماثل فى مصر فى الانتخابات المقبلة؟

فى ردي قلت إن الرئيس أوباما بحاجة إلى التفاهم مع إيران لخدمة المصالح الأمريكية فى العراق وأفغانستان. ودفاعه الضمنى عن المعارضة الإيرانية مفهوم، لأنها متعاطفة مع الغرب والولايات المتحدة ومهادنة لإسرائيل لكن موقف المعارضة الوطنية المصرية مختلف، من حيث إنها ضد النفوذ الغربى والهيمنة الأمريكية ورافضة للخضوع للابتزاز والعربدة الإسرائىلية، لذلك لا أستبعد أن يكون للرئيس أوباما موقف مغاير لا يتعاطف فيه مع المعارضة المصرية إذا ارتفع لها صوت وتعرضت للقمع جراء ذلك.

كانت هذه «عينة» مما شغل به المراسل الأمريكى. والعيِّنة بيِّنة كما نقول.