خبر قريباً.. وخلف الصورة حكاية توافق فلسطيني أخرى نحو 7 يوليو ..ماهر رجا

الساعة 10:51 ص|24 يونيو 2009

قريباً.. وخلف الصورة حكاية  توافق فلسطيني أخرى نحو 7 يوليو

ماهر رجا

 

هناك أخيراً شيء يتغير في واقع العلاقات الفلسطينية الفلسطينية...

بهذه الإشارة السريعة يختصر مسؤول فلسطيني توصيف تطورات المرحلة الراهنة من الاتصالات والتصريحات والكواليس على طرفي البيت الفلسطيني المنقسم.

وترجمة الحديث عن تغير في المشهد الفلسطيني تتعلق أساساً  بالحوار الفلسطيني والتحركات النشطة الأخيرة على خط العلاقة وجسر الهوة بين فتح وحماس مع اقتراب موعد السابع من يوليو الذي اعتبرته مصادر القاهرة والوزير عمر سليمان الخط الأخير لاختتام الحوار الفلسطيني بتوقيع اتفاق ينهي حالة الانقسام السياسي والميداني ما بين غزة والضفة الغربية المحتلة.

كثيراً ما تحدث المسؤولون المصريون في الأشهر الأخيرة عن "فرصة" لا تأتي مرتين أمام مسؤولين من حركتي فتح وحماسً، وأصبحت هذه النصيحة أكثر إلحاحاً بعد خطاب أوباما في القاهرة. وعلى نحو ما يبدو أن الرئيس الأميركي جيمي كارتر قال شيئاً مماثلاً لقيادة حماس في دمشق وكذلك في الضفة الغربية وغزة لدى اجتماعه مع رموز قيادية من الحركة.

على أن من يتحدثون عن تغيير دراماتيكي في المشهد الفلسطيني لا يقصدون فرصة مصالحة تنظيمية فقط تنهي أسباب الشقاق التي بدأت في تموز 2007 مع سيطرة حماس على قطاع غزة، وإنما أيضاً توافق سياسي "يقطف ثمار المتغير السياسي الأميركي" على حد تعبيرمسؤول مصري ، الأمر الذي يعتبره  اتجاه رسمي عربي على رأسه القاهرة والرياض ضرورة فلسطينية لاغتنام مزايا الخطاب السياسي الجديد للإدارة الأميركية ومشروعها السياسي للتسوية السياسية للصراع العربي الصهيوني.

وبالنظر إلى وقائع الأيام الأخيرة، من الواضح أن الأمور تسير فلسطينياً بهذا الاتجاه. ففي صباح الرابع عشر من حزيران الجاري، كانت لجان المصالحة بين فتح وحماس  تعقد لقاءاتها في رام الله وغزة برعاية السفير المصري الجديد لدى رام الله وتحقق تقدماً  في التفاهمات الأولية على وقف حملات الاعتقال في الجانبين ووقف التحريض الإعلامي، وبدا أن هناك أجواء انفراج، لا بل وإشارات ود سياسي أحياناً إلى درجة أن صائب عريقات مسؤول ملف المفاوضات في السلطة في رام الله دافع عن سياسات حماس لدى تعقيبه على خطاب نتانياهوعلى قناة الجزيرة.. مؤشر آخر إلى أن ثمة ما يتغير فعلاً في العلاقات الفلسطينية الفلسطينية بإملاء من حقائق التحولات والطروحات السياسية المطروحة إقليمياً ودولياً.. صحيح أن هذا التطور تعرض لنكسات هنا وهناك بما أعاد السجالات على شاشات المحطات الفضائية بين فتح وحماس، إلا أن ذلك كان يتراجع سريعاً ليحل محله التوجه نحو تلاق ما يبدو مرجحاً في يوليو المقبل.

 لكن المتغير الأهم هو المتغير السياسي. وثمة من يرى أن توافقاً سياسياً بات قريباً بالفعل في الساحة الفلسطينية على قاسم الحد الأدنى، لكن بشروط... وذهب البعض إلى الحديث عن استراتيجية سياسية جديدة لحماس وحلفائها في الساحة الفلسطينية، وهذه في واقع الأمر صيغ مبالغات إعلامية  حيث ما من  تغيرات أساسية في هذا السياق ، ولكن  المؤكد أن هناك عملاً حثيثاً على تدوير بعض الزوايا كما تقول أوساط  فلسطينية مطلعة.

مصادر فلسطينية في دمشق  قالت إن المصريين سعوا مؤخراً في لقاءاتهم مع قيادة حماس كما رشح من الغرف المغلقة، إلى مطالعة حاولوا فيها أن يبينوا أن لا خلاف سياسياً في الجوهر بين حماس وفتح ، مذكرين بأن الطرفين التقوا من قبل على وثيقة الأسرى في حكومة وحدة وطنية في العام 2006 ، وهي وثيقة الوفاق الوطني التي حظيت بإقرارها من قبل مختلف  الفصائل الفلسطينية في القاهرة في العام 2006  وتتعلق بقيام دولة فلسطينية ذات سيادة على حدود الرابع من حزيران/يونيو عام 1967 بما فيها شرقي القدس وعودة اللاجئين.

 ويتردد الحديث في هذا الإطار عن أن حركة حماس قدمت موقفاً إيجابياً كان نواة المباشرة بلجان المصالحة في الضفة وغزة فيما بعد. لكن مراقبين يرجحون ان تكون حماس ومن حيث المبدأ وضعت شروطاً نالت موافقة القاهرة وينص أهمها على تعهد السلطة وحركة فتح بعدم القيام بكل ما يمكن أن يكون تفريطاً سياسياً في ملف المفاوضات

إن صحت هذه التسريبات والقراءة للمشهد فإن الأول من يوليو القادم سيشهد جولة الحوار الأخيرة بين فتح وحماس حيث تركز على إعادة تنظيم الأجهزة الأمنية في قطاع غزة، ومهام اللجنة التنسيقية التي اقترحت مصر تشكيلها بديلا عن حكومة الوفاق الوطني. ويلي ذلك مباشرة طاولة حوار فلسطيني شامل حيث يتوقع أن تدعوالقاهرة الأمناء العامين للفصائل تمهيداً لذلك، على أن يكون الحدث الختامي وتوقيع الاتفاق في السابع من يوليو المقبل كما هو شائع هذه الأيام.

هكذا إذا، مواكب السياسات الأميركية التي يصفها كثيرون بالجديدة في المنطقة، يتزايد تردد صداها  في البيت الفلسطيني المنقسم وفي عواصم عربية. على أن الصدى أكثر حضوراً  في القاهرة التي ترى اليوم أنها تقف على مفترق هام لاستعادة دور إقليمي ضائع وهي تسابق ساعة الرمل كي تقدم لإدارة أوباما عوامل اعتمادها بوصفها العنوان العربي الذي ينبغي أن تقصده عربات الرسائل الأميركية إلى المنطقة العربية..؛ فمن القاهرة الطريق العربية الوحيدة إلى غزة بحكم الجغرافيا، ومن القاهرة أيضاً الطريق إلى رام الله بحكم السياسة.

لكن الحلقة الناقصة والمفصلية أيضاً في حسابات القاهرة وأحلامها الإقليمية هي التوافق الفلسطيني على صيغة سياسية مشتركة ، وفي واقع تعقيدات ومصاعب تحقيق ذلك، سيجري الاكتفاء بإطار مبادئ عامة للتوافق السياسي على أساس وثيقة العمل الوطني، مع ضمانات بأن الأميركيين يمكن أن يكتفوا بذلك في المرحلة الأولى.

واليوم، ما يقوله المسؤولون المصريون للفلسطينين هو التالي:

ـ واشنطن ستقدم في تموز المقبل تصورها العملي للتسوية وآلية المؤتمر الدولي، وينبغي أن يكون الموقف الفلسطيني السياسي موحداً، وأن يتضح لواشنطن أن التطرف والمشكلة والرفض لهم أسماء إسرائيلية.

ـ واشنطن ليس لها موقف دائم من حماس،  وإدارة أوباما مستعدة لاتصلات رسمية مع الحركة شريطة أن توافق الحركة على الصيغة السياسية المتداولة للحل السياسي الشامل..

ـ  يمكن للموقفين المتجابهين سياسياً على الساحة الفلسطينية الالتقاء مرحلياً في إطار مقترحات الورقة المصرية التي تدعو إلى صيغة اللجنة الفصائلية التنسيقية المشتركة بدلاً من حكومة الوحدة الوطنية، مع بقاء ملف التحرك السياسي بيد الرئيس وملف التفاوض بيد منظمة التحرير. وبذلك يستبعد مؤقتاً شبح مطالبة حماس بالاعتراف بالاتفاقات الموقعة وشروط الرباعية التي تتضمن الاعتراف بالكيان الصهيوني.

وبعد، فمن المرجح أن خطاب نتانياهو الذي ألقاه مساء الرابع عشر من يونيو الجاري قد يكون أضاف دافعاً غير متوقع  للتغيير الدراماتيكي في واقع التجابه السياسي في الساحة الفلسطينية.. فنتانياهو صفق الباب في وجه السلطة بتقديمه عرضاً بتسوية سياسية ممسوخة بالكامل، ولم يشتر كل مشاهد الاستعراض الأمني التي مارستها أجهزتها في الضفة مؤخراً، وأعاد المعتدلين العرب والقاهرة في المقدمة، إلى القلق بعد سلسلة الأمال والأوهام التي وزعتها السياسة الأميركية في المنطقة.. ذلك لن يغير من واقع التوجهات الأساسية لهؤلاء طبعاً، لكنه على نحو ما قد يكون عاملاً في دفع المتضررين نحو اتفاق فلسطيني في السابع من يوليو القادم ، وهم في واقع الحال مازالوا يريدون لهذا التوافق أن يستثمر في سياق المشروع الأميركي السياسي الجديد حالمين بأن تتمكن إدارة أوباما  من أحداث  ثغرة صغيرة في جدار اشتراطات نتانياهو.