خبر حدود الاستخبارات- هآرتس

الساعة 08:13 ص|24 يونيو 2009

بقلم: عاموس هرئيل

 (المضمون: لم تستطع اجهزة الاستخبارات العالمية توقع ما يحدث الان في ايران. لان اهتمامها كان مصروفا الى برنامجها الذري عن اهتمامها باستقرار النظام الحاكم في ايران - المصدر).

1.     وجهة النظر الاسرائيلية. يراوح النقاش في اسرائيل لما يجري في هذه الايام في ايران بين طرفين مشكلين: الوصف الاعلامي للاحداث الذي يعاني احيانا افراطا حادا (فالامور مصيرية بقدر كاف بغير الزيادات المبالغ فيها ايضا). ووجهة نظر جهاز الامن والمستوى السياسي التي يفسدها المبالغة الزائدة.

ليست المواجهة العنيفة في جزء منها في ايران هي حرب بين ابناء النور وابناء الظلام. يوجد ههنا بقدر كبير، كما لاحظ البروفيسور دافيد منشاري من جامعة تل ابيب، نزاع داخل العائلة؛ توجد فصائل كانت جزءا من الثورة الاسلامية والسلطة وتتحداهما الان. هذا صحيح بالنسبة لمحافظين معتدلين كالرئيس السابق رفسنجاني بل بالنسبة حتى لاصلاحيين مثل موسوي. يمكن الان، حتى لو قمعت الهبة آخر الامر ايضا ان نقرر ان ايران تغيرت. لكن من المشكوك فيه أن تفصل ثورة حتى ايران البتة عن تأثير مؤسستها الدينية المتطرفة.

بمقابلة ذلك قد ترى اسرائيل – التي يجب أن نؤمل ان تكون حذرة من النبش المفرط في ما يحدث – نقاطا ايجابية بالنسبة اليها في كل واحد من السيناريوات الممكنة حتى لو تغلبت السلطة المحافظة فسيكون ذلك مصحوبا بقمع اعنف للاحتجاج. ان الاسرة الدوية، التي طورت مع السنين عدم مبالاة مقلقا بتهديدات الابادة الايرانية لاسرائيل، ترى على نحو اخطر دوس الديمقراطية الذي يحدث اليوم في طهران. هذا جانب من جوانب النظام القائم سيحث الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي على استعمال صرامة اكبر اذا فشل الحوار مع ايران في قضية البرنامج الذري ويفضي الى تشديد العقوبات.

أما فوز المعتدلين، بالرغم من انه من المعتاد افتراض انهم يلتزمون المشروع الذري، فقد يفتح ايران اكثر للغرب ويمكن من تفاهمات توقف البرنامج، وان يكن ذلك بثمن غير سهل على الاسرة الدوية. القلق الاسرائيلي في شأن الحوار سينحصر اكثر في اداء الادارة الامريكية. ان عدم الفعل الذي ما زال يظهره الرئيس اوباما ازاء تحرشات كوريا الشمالية، والفجوة بين الاقوال الفصيحة والافعال المترددة هما الامر المقلق.

2.حدود الاستخبارات. لا يجب ان تفاجىء الامور ولكن ما يحدث في ايران، من نتائج الانتخابات الى المظاهرات الضخمة، يقدم تذكيرا آخر بحدود قدرة الاستخبارات. يمكن ان نفترض انه حتى السي.اي.ايه تحدث معلوماتها الان عما يحدث في ايران من طريق تقارير السي.ان.ان والانترنت اكثر من ان يكون ذلك مبنيا على عملاء مغروسين في قلب نظام آيات الله. كان مجال اهتمام الاستخبارات الغربية الرئيس بايران في العقد الاخير البرنامج الذري لا استقرار نظام الحكم.

كان الزعم الشعبي في الاسبوع الاخير هو: كيف لم تتوقع الاستخبارات ما يحدث؟ لكن هذا يبدو مفاجأة عالمية. من المثير أن نعلم هل توقعت ذلك الاستخبارات الايرانية. بخلاف عد الدبابات، او تقدير الات الطرد المركزي، يصعب التنبؤ بمسارات على قدر اقل من المادية مثل نيات القادة ونتائج الانتخابات واستعداد الشعوب للتمرد على النظام الذي يقمعها. بل ان قاعدة معطيات متماثلة يمكن ان تولد استنتاجات تختلف تمام الاختلاف. مثلا قدمت "أمان" و "الموساد" في السنين الاخيرة توصيات متناقضة تتصل بمبلغ فائدة التفاوض السياسي مع سورية. اعتاد قائد المنطقة الشمالية غادي آيزنكوت، ان يقول ان خدمته سكرتيرا عسكريا لايهود باراك الذي كان آنذاك رئيس الحكومة علمته درسا رائعا. قال آيزنكوت: "جلست في الغرفة الى جانبه، ولم استطع احيانا أن اعلم ما الذي يفكر فيه ويخطط له. كيف إذن تستطيع استخباراتنا ان تحدد ما الذي يريده الرئيس الاسد؟".

يقول العميد (احتياط) شلوم هراري، الذي كان في الماضي مسؤولا رفيع المستوى في جهاز تنسيق الاعمال في المناطق، انه جرب حدود الاستخبارات على جلده مع نشوب الانتفاضة الاولى في المناطق في 1987. "يستطيع كل واحد ان يقول ان الوضع القائم غير ممكن ويفضي الى اشتعال آخر الامر. لكن لا يستطيع احد تقريبا ان يتنبأ متى سيحدث هذا، في مدة عشر سنين كاملة"، يزعم  هراري. كتب ديفيد بروكس في صحيفة "نيويورك تايمز" نهاية الاسبوع ان الفعل الحقيقي في ايران هو في الخارج، في الشوارع... ان مصير الامم تحسمه النظرات، واللقاءات العارضة: على يدي ضابط شرطة يقرر هل يطلق النار ويقتل ابناء شعبه ام لا، او على يدي امرأة خجول تهب لانقاذ فتى يهاجمه زعران على الرصيف".

يقتبس بروكس من اقوال مسؤول كبير سابق في مجلس الامن القومي في الولايات المتحدة كتب: "في نظرة الى الوراء، تبدو جميع الثورات حتمية. وفي نظرة الى المستقبل تبدو جميع الثورات غير ممكنة". اعتاد وزير الدفاع السابق موشيه آرنس ان يقول في شبيه ذلك ان اناس الاستخبارات يتمتعون برؤيا ستة على ستة الى الوراء". اضاعت اجهزة الاستخبارات ووسائل الاعلام توقع الهبة في ايران، كما ان الاعلام الاقتصادي والمحللين لم يتوقعوا الازمة الاقتصادية العالمية. يجب أن يكون الدرس هو ان الاستخبارات اداة لتزويد القادة بالمعلومات، وهي ذات قدرة محدودة على التنبؤ. لا تستطيع ان تحل محل متخذي القرارات. تبدأ المشكلات عندما يخلط بين المجالين وعندما يدعي أناس الاستخبارات القدرة على اقرار السياسات.