خبر ما العمل واما باراك-هآرتس

الساعة 08:09 ص|24 يونيو 2009

بقلم: عوزي برعام

 (المضمون: باراك افترس حزب العمل مستغلا وجوده المتواصل في حالة احتضار - المصدر).

حزب العمل في حالة غرق متواصل نحو الاعماق لدرجة يخيل فيها انه في حالة احتضار. ومن الصحيح القول ان هذه الحالة لا تنسب لشخص واحد او طرف بعينه، وانها نابعة من التغيرات الاجتماعية التي طرأت على المجتمع الاسرائيلي وفرار الحزب من اية محاولة لبلورة بديل ايديولوجي وسياسي. قصر النظر وانعدام القيادة ادى الى تلاشي الارهاصات والبراعم المطالبة بالتغيير وهي في مهدها.

حزب العمل بلور الاجماع الوطني في الماضي الذي مكنه من السيطرة على مقاليد الحكم في البلاد – هذا الاجتماع كان قائما على الصهيونية الديناميكية والرؤية الاجتماعية الاقتصادية التي تمزج بين الاقتصاد الشعبي والاقتصاد الخاص. هذا النموذج تلقى الانتقادات دائما الا انه نجح في دفع اسرائيل نحو انجازات كثيرة.

ولكن هل لحزب العمل مستقبل ايضا؟ الالتحاق بحكومة نتنياهو لم ينبع من التطلع لاحداث تغيير حقيقي وانما من اليأس وعدم الثقة بمستقبل حزب العمل والاستعداد لغض البصر عن نتنياهو المحاط بيمين تائه بلا درب ينتهجه. والامر الاكثر حساسية ومصيري هو غض البصر عن "لبرمنة" جهاز القانون في الحكومة والكنيست.

ايهود باراك يترأس حزبا مني تحت قيادته باكبر هزيمة في تاريخه. باراك تعلم العبرة من اريئيل شارون، عام (2001)، وفي هذه المرة لم يترك مقعده، بل قرر احتلال الحزب والسيطرة عليه من خلال تقييده بخيوط سميكة مربوطة بإبرة معوجة. هو يحاول فرض صلاحياته ومركزيته على مؤسسات الحزب من خلال تحديد رئيس لجنة الدستور في الحزب – اللجنة التي تشرف على رئيس الحزب وعلى مكتبه السياسي. وهو سيحدد أيضا من الذي يكون وزيرا اونائب وزير.

بامكان رئيس الحزب ان يقوم بكل هذه الامور، لانه في الواقع قام بتفكيك المعارضة في الحزب من خلال اضافة اعضاء مركز "من الموالين" الى اولئك الذين عينوا من قبل مقربيه. حزب العمل يسعى في نقطة ضعفه الانتخابية الاشد صعوبة للتنازل عن مبادئه الديمقراطية التي تجسدت من خلال كفاح طويل. الدستور الذي ينص على ان "محكمة الحزب لن تخول باصدار قرار يرفض قرار اللجنة المركزية او المؤتمر"، يدل بصورة لا تقبل التأويل على أن روح الليبرمانية في الحكومة هي روح باراك في الحزب.

ولكن الامر الذي يصعب تحمله هو خطأ حزب العمل السياسي. الحزب المفترض به ان يمثل الناخب المتموقع بين الوسط واليسار، يمد يده متعاونا مع محاولة نتنياهو التهرب من حل الصراع بواسطة الخداع وتقديم الاقتراحات غير الجدية.

حزب العمل يعرف ان مطلب الاعتراف بالدولة اليهودية هو صيغة سرعان ما ستؤدي الى تحطيم اية مفاوضات. وهو يعرف أنه لو أن بيغن ورابين طالبا بهذا الشرط لما توصلا الى الاتفاقيات السلمية مع مصر والاردن. وزراء حزب العمل صفقوا لرئيس الوزراء عن خطابه وتفاخروا بانهم نجحوا في انتزاع عبارة "الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح" منه – الى ان الحقيقة هي ان براك اوباما هو الذي اقتلع هذه                                                                                                                                                                                                                                                                                           

يتسحاق هرتسوغ وافي يشاي بريفرمان يدركان ان مد يدهما لخطوات نتنياهو وليبرمان السياسية يؤدي الى تضييع امكانية خوض الكفاح مع اخرين من اجل اقناع الجمهور باهمية وهشاشة الفرصة التي يوفرها اوباما للشرق الاوسط.

وبما ان حزب العمل قد وضع نفسه على يمين كاديما، فليس بامكانه ان يكون بيتا حقيقيا للكثيرين من مواطني اسرائيل الذين يعتقدون بأن تحقيق السلام في الفترة القريبة هو هدف ممكن يحتاج لقيادة جريئة ذات عزم وتصميم. نحن نعرف ان نتنياهو ليس مجبولا من هذه الطينة. باراك الذي سيحدد طريق الحزب وفقا لدستوره الجديد، منغمس في مبيعات المدى البعيد لصالح المدى القصير، ربما لانه لا يؤمن بان حزبا تاريخيا كحزب العمل قادر على البقاء على المدى الاطول.