خبر تفهموا الايراني .. معاريف

الساعة 09:09 ص|23 يونيو 2009

بقلم: بيتر بومنت

عندما زرت ايران في السنة الماضية من اجل تغطية الانتخابات البرلمانية، تبينت لي دولة تختلف تماما عن الانطباع المعتاد. وجدت نفسي أتحدث عن عالم الاجتماع اميل دوركهايم منتج موسيقى كلاسيكية في مقهى وأجادل في الوضع السياسي في المدن الشيعية في العراق حارسا لمسجد جنوبي طهران. جلست الى فنانين وشربت فوتكا مهربة في حفل، تحدثت الى معلمة ليبرالية تغطي رأسها عن قيد الحريات الشخصية في كل ما يتعلق بالزي الاسلامي. بل إن توجه مؤيدي الرئيس محمود احمدي نجاد، الذين التقيتهم في القرية، كان أكثر تعقيدا واختلافا مما عرفت. لان ايران الحقيقية تختلف تمام الاختلاف عن الطريقة التي يرونها عليها في الغرب.

لهذا فان كثيرا من المواقف التي اثيرت الاسبوع الاخير في الغرب وتتصل بالازمة في ايران غريبة عندي احيانا، ويصعب علي أن ألحظ المكان الذي يصفونه. هذا مقلق. اذا كنت قد تعلمت شيئا ما في الـ 15 سنة التي غطيت فيها الازمات الدولية فانه طريقة تبسيط او تشويه التقارير الصحفية وجعلها حقيقة مطلقة بدل مواجهتها. تبين لي مقدار خطر أن تكون هذه التقريرات تغذي مسار اتخاذ القرارات في حكومات الغرب، كما رأينا في حالة العراق.

في حالة ايران تلحظ صيغتين مختلفتان تماما عن الدولة. فمن جهة توجد الصورة التي يصورونها في اليسار العالمي القديم، والتي تحظى بتجديد بفضل جيل جديد راديكالي من النشطاء الاجتماعيين، ومعارضي العولمية ونشطاء حماية البيئة. هذا اليسار يتغذى بكتابات كتاب مثل عالم اللغة نوعم حومسكي وصحفيين مثل جون فيلجر، اللذين تسيطر على تصورهما العام رواية "معادية للاستعمار" تعادي التدخل الغربي. ومن جهة أخرى توجد جماعة أكثر تنوعا مع تأثير أكبر في متخذي القرارات؛ جماعة يقع اعضاؤها بين المعسكر الليبرالي والمحافظ الجديد. والمشترك بين اعضائها هو الايمان شبه الديني بقوة الديمقراطية الغربية على أن تهب قيمها للمجتمعات التي لم تذق الحرية قط. هذا ايمان اذا جاز لنا ان نسميه كذلك ما يزال صلبا برغم ما لا يحصى من الاخفاقات في السنين الاخيرة.

التصوران هما فقاعة احداهما للاخرى في مركب مهم واحد هو عدم التنوع المفرط الذي تصفان به ايران – سواء كمجتمع يؤيد أحمدي نجاد أو مجتمع يبغي التغيير. يوجد بين كتاب اليسار ميل الى تأييد أحمدي نجاد، صديق الفقراء وعدو الصهيونية، ويرونه ضحية محاولة انقلاب أكثر من كونه مسؤولا عن انقلاب من داخل مكتب الرئاسة. اما في الجانب الثاني فيميليون الى تبني رواية الحرية وتصوير المتظاهرين على أنهم ينفذون مطامح الجمهور الايراني.

لكن يجب الفحص عن الاحداث وراء الثرثرة المعتادة في شأن الصراع بين منكر المحرقة أحمدي نجاد وممثل الأمل فيما يشبه الاصلاح الديمقراطي، مير حسين موسوي. لا يمكن وصف المعركة على الشرعية في ايران وصفا تبسيطيا. قوي التوتر السياسي والاجتماعي منذ ظهور الاصلاحيين، وهؤلاء يتحدثون عن مشكلات يمكن فهمها فقط في سياق ايراني. مثلا كيف يجب على الناس التصرف في بيوتهم وفي المجالات العامة.

نحن موجودون في لحظة حاسمة لا بالنسبة للشعب الايراني فقط بل بالنسبة للمنطقة كلها. ليس التحدي هو صياغة الواقع ليصبح شيئا ما نشعر بارتياح اكبر معه ويحقق آمالنا وآراءنا السابقة. التحدي هو الفهم. لاننا بالفهم فقط سننجح في الامتناع عن احداث الظروف التي تمكن من تكرار الاخطاء الكبرى للعقد الاخير.