خبر يجب ادراك الثمن الفلسطيني - هآرتس

الساعة 09:04 ص|23 يونيو 2009

بقلم: حاييم غناز

احد ردود الفعل الشرطية المحببة على الناطقين الاسرائيليين في اطار محاولتهم تبرير الثمن الذي دفعه الفلسطينيون مقابل تحقيق الحلم الصهيوني، هو القاء المسؤولية الكاملة عن هذا الثمن على كاهل الفلسطينيين انفسهم. حقيقة انهم رفضوا قبول قرار التقسيم الصادر في عام 1947 هي المرساة المركزية في هذا الارتكاس الشرطي. بنيامين نتنياهو طبعا لم يتمكن من ضبط نفسه وتكرار هذه العبارات في خطاب بار ايلان خاصته. ولكن هذه التكرارية ليست قادرة على دفع السلام للامام لانها تعبر عن عدم وجود استعدادية تامة من قبل الاسرائيليين للاعتراف بالثمن الباهظ الذي دفعه الفلسطينيون مقابل تحقيق الصهيونية – الثمن الذي اجاد الرئيس الامريكي براك اوباما في خطاب القاهرة التعبير عن الحاجة للاعتراف به.

انا اتحدث عن الثمن الذي دفعه الفلسطينيون ليس فقط مقابل اسهام الصهيونية غير العادل (طرد 1948، عدم المساواة بين اليهود والعرب في اسرائيل والتنكيل الآخذ في التواصل بحق الفلسطينيين من خلال المستوطنات)، انا اتحدث عن الثمن الذي دفعوه مقابل الاجزاء العادلة: اقامة دولة يهودية فوق ارض اسرائيل.

الحركة الصهيونية ارتكزت في تبرير تطلعها لاقامة دولة كهذه على الحق الذي تمتلكه كل الشعوب والامم في تقرير مصيرها، وعلى العلاقة التاريخية بين اليهود وارض اسرائيل وعلى الثمن الباهظ المترتب على ملاحقة اليهود في اوروبا في القرنين التاسع عشر والعشرين. عناصر هذا التبرير تظهر بوضوح ان من يتوجب عليه دفع كامل الثمن عن تطبيق هذا الحل ليس الفلسطينيون وانما غيرهم.

ولان التبرير يتحدث عن تجسيد حق اليهود في تقرير مصيرهم مثل باقي الشعوب لقد كان على الامم كلها وليس الفلسطينيون وحدهم المشاركة في دفع ثمن تجسيد هذا الحق. ولان الامر يتعلق بحق كان من العدالة تطبيقه فوق ارض اسرائيل بسبب ملاحقة اليهود في اوروبا، فقد كان على الامم الاوروبية ذات الصلة ان تتحمل الجزء الاعظم من هذا الثمن. قرار التقسيم الصادر عن الامم المتحدة لم يعبر عن كل ذلك. لذلك رغم ان قرار التقسيم كان عادلا من الناحية المبدئية الا انه كان أمام الفلسطينيين مبرر لمعارضة هذا القرار لانهم وحدهم الذين دفعوا ثمن اقامة الدولة اليهودية.

بكلمات اخرى كان للفلسطينيين مبرر اخلاقي لمعارضة قرار التقسيم رغم تبريره ليسس بسبب عدم عدالته. لقد كان امامنا مبرر قبول قرار التقسيم، رغم عدالة معارضة الفلسطينيين وليس بسبب عدم عدالة القرار.

التكرار المتواصل لحقيقة رفض الفلسطينيين قبول قرار التقسيم بهدف القاء المسؤولية عليهم وتحميلهم الثمن غير العادل كليا الذي نقوم باجبارهم على دفعه مقابل الصراع، يماثل اغماض العيون عن المظالم الكبيرة التي نرتكبها بحقهم. بدلا من ان ندرك عدالة الصهيونية بصورة تشمل الاعتراف بعدالة معارضة الفلسطينيين ايضا للاجزاء العادلة، نكفر ونتنكر لعدالة هذه المعارضة من أجل اعطاء الصهيونية اجزاء كثيرة غير عادلة.

وحده الادراك لعدالة الصهيونية والذي يتضمن ادراك عدالة معارضة الفلسطينين ايضا للاجزاء العادلة منها، ووحده الفهم الفلسطيني لعدالة معارضتهم للصهيونية والذي يتضمن ايضا الاعتراف بالاجزاء العادلة منها يمكنه ان يتمخض عن الحل العادل والراسخ للصراع.

اصرار كل واحد من الجانبين على عدالته وحدها مع افتقاد الاستعدادية التامة لرؤية عدالة الطرف الاخر سيكرس الصراع او سيؤدي الى فرض حله على الطرف الاخر بصورة غير مستقرة وغير راسخة. هناك انطباع بان اوباما قد عبر عن هذا الفهم في خطابه في القاهرة. اما نتنياهو فقد فعل العكس.