خبر أبو مازن انزل عن الشجرة .. هآرتس

الساعة 09:30 ص|22 يونيو 2009

بقلم: عكيفا الدار

"الخصام" الذي أعلنه محمود عباس مع بنيامين نتنياهو ليذكر الطفل الذي يهدد والديه بأنه لن يذهب معهم الى السيرك بأي شكل من الاشكال ان لم يشتروا له حبة بوظة. من الذي يعاقبه برفضه دخوله في المفاوضات كما فعل؟ هل يعاقبه رئيس الوزراء الذي يقضم اظافره بانتظار الاعلان عن الدولة الفلسطينية؟ ومن الذي يخيفه بهذا الموقف؟ براك اوباما الذي لا يعرف جمهور ناخبيه كيف يميز بين كريات شمونيه وكريات اربع؟ فهل يعتقد أبو مازن حقا أن أوباما سيقوم بكل العمل بدلا عنه في الوقت الذي يواصل فيه هو رئيس فلسطين القادمة التجوال في أنحاء العالم.

خطاب واحد من أوباما كان كافيا مع التلميح الرمزي بامكانية فرض العقوبات لانتزاع عبارة حل الدولتين من فم نتنياهو. بعد 16 عاما من قيام الولايات المتحدة باغماض عينها عن افلات البناء في المستوطنات، تخوض حكومة اليمين المساومة حول "النمو الطبيعي" في المستوطنات. فهل سمع أحد ما في الفترة الاخيرة شيئا عن مشروع E 1 في معاليه ادوميم على مداخل القدس؟ شروط نتنياهو – نزع سلاح المناطق، ومطلب الاعتراف باسرائيل كدولة للشعب اليهودي والسيادة الاسرائيلية في شرقي القدس – لا تؤثر على اوباما كثيرا. من برهن عن أن منصب المنظم الجماهيري كان بالنسبة له وظيفة مؤثرة على مسار حياته، تبنى مبادىء العمل الجماهيري على المستوى الشمولي – تلمس وايجاد العوامل والاطراف الايجابية والتعاون وجسر الهوات. كل هذا من خلال اعطاء مكان للجميع ومن دون اطلاق احكام لا داعي لها.

الانجاز الاهم بالنسبة له حيث أن الحوار مع حكومة اليمين من الآن فصاعدا لم يبدأ بالنقاش حول قضية اقامة الدولة الفلسطينية وانما حول حدودها والترتيبات الامنية والعلاقات مع الدول المجاورة. موقف اوباما في كل هذه القضايا أقرب الى التطلعات الفلسطينية منه للمطالب الاسرائيلية: الخط الاخضر هو المفتاح للحدود الدائمة، والولايات المتحدة تؤيد نشر قوة دولية في المناطق ولا تولي أهمية لهذا التعريف او ذاك للدولة المستقلة من قبل جارتها، وتعتبر شرقي القدس منطقة محتلة يتوجب تقسيمها بصورة عادلة بين اسرائيل وفلسطين. ولكن طالما بقي أبو مازن مقاطعا لعملية السلام، لن يتمكن أوباما من كشف الفجوات الجوهرية بينه وبين نتنياهو. وهكذا عاد واجب البرهان الى الجانب الفلسطيني وأصبح بامكان بني بيغن ان يبقى في الحكومة وفي نفس الوقت أن يكون وفيا لقسمه بعدم المشاركة في حكومة تمد يدها لاقامة الدولة الفلسطينية.

من الممكن القول ومن دون المخاطرة بالافراط والمبالغة أن الظروف العالمية والاقليمية لم تتمخض ابدا عن شروط افضل لنجاح حرب التحرير الفلسطينية. يد أوباما الممدودة للعالم الاسلامي من جهة واليد الصلبة التي يتبعها النظام الايراني مع المتظاهرين من جهة أخرى تمخضت عن مناخ مريح للقوى البراغماتية في العالم العربي وزرعت الارباك في المعسكر الخصم الذي يتضمن حماس وحزب الله والجهاد العالمي. رئيس مصر حسني مبارك ادرك جسامة اللحظة. في مقالة نادرة نشرها في الاسبوع الماضي في "وول ستريت جورنال" كرر اقتراح الجامعة العربية بـ "التطبيع الكامل" مع اسرائيل كجزء لا يتجزأ من التسوية السلمية مع سوريا ولبنان وكذلك المسار الفلسطيني. مبارك أضاف بان العالم العربي جاهز لاثابة حكومة نتنياهو عن خطواتها الجدية على طريق السلام.

الاصرار الذي يبديه أوباما بصدد حل الدولتين وايقاف البناء في المستوطنات اشار لاوروبا بان من المسموح لها هي الاخرى ان تضغط على اسرائيل. قرار تجميد رفع مستوى العلاقات مع اسرائيل الى ان يلوح تقدم في العملية السياسية وقضية المستوطنات ليس الا مقدمة. التغير الجوهري سيبدأ في الاتحاد الاوروبي بعد أن يسلم التشيكيون المتسامحون في الاسبوع القادم صولجان الرئاسة الدورية للسويد. أما الأمم المتحدة الشرك الثالث في الرباعية الدولية فلديها حساب مفتوح مع اسرائيل. هي شعرت بالاهانة من مقاطعة اسرائيل للجنة التحقيق التي ارسلتها للتحقيق في احداث عملية "الرصاص المصهور" والاستخفاف بالتقارير الشديدة التي اصدرتها الاونروا حول الازمة الانسانية في القطاع. رغم ان الوزير افيغدور ليبرمان يتحدث بلغتهم، ادعاؤه الجديد – القديم بأن الارهاب كان قبل المستوطنات أيضا، لم يزحزح روسيا عن موقفها من الاحتلال.

هذا الواقع قد يتبين كظاهرة عابرة. ان لم يسارع أبو مازن للسير مع أوباما فأن نتنياهو سيلعب لهما لعبة السيرك.