خبر فخري البرغوثي يكمل اليوم عامه الـ 32 في سجون الاحتلال .. ولا زالت الإرادة فولاذية

الساعة 05:40 ص|22 يونيو 2009

فلسطين اليوم : رام الله

يكمل اليوم الاثنين الأسير فخري عصفور البرغوثي عامه الـ32 خلف القضبان الإسرائيلية بصمود وتحدي، فرغم أن عمره بلغ أواسط العقد الخامس إلا أنه لا يزال يتسلح بالأمل والمعنويات والإرادة الصلبة مؤمناً بأن فجر الحرية قادم رغم أن إسرائيل شطبت اسمه من كل صفقات التبادل وعمليات الإفراج.

وينحدر البرغوثي من قرية كوبر قضاء رام الله، ويتصدر اليوم قائمة قدماء الأسرى رغم ما أورثته سجونه لهؤلاء المناضلين من أجل الحرية من عذابات ومعاناة وأمراض وذلك كجزء من سياسة العقاب والانتقام، التي كان للبرغوثي النصيب الوافر منها على مدى تلك السنوات والتي بلغت ذروتها باعتقال ولديه وبرحيل والديه دون أن يسمح له الاحتلال بوداعهما أو إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليهما.

وتشكل حكاية البرغوثي فصلاً آخراً من مسلسل العذاب الذي فرضه الاحتلال على العشرات من عمداء الأسرى ممن لا زالت عائلتهم تتجرع مرارة عذاب الاعتقال وفي حالة فخري فان زوجته الصابرة أم شادي التي لا زالت تنتظره بصبر لم تفقد في معانيه الأمل تكبر صورة المعاناة لان ولدها شادي يقبع مع والده ليمضي حكما بالسجن لمدة 27 عاما ورغم ذلك فإنها في ذكرى اعتقال زوجها تقول يسكنني الحزن والألم والعمر يمضي والسجن يغتصب سنوات عمر زوجي ومعه ابني ولكن لن أتخلى عن الإيمان بالله والأمل بان اللقاء قادم ومهما طالت المسافات ودارت عقارب الساعة فلن يدوم السجن ولن يموت الألم.

الثاني في القائمة

ويعتبر البرغوثي الثاني في قائمة عمداء الأسرى في سجون الاحتلال حيث يحتل ابن عمه الأسير نائل البرغوثي المرتبة الأولى بحسب تقرير –دهور في الظلام – الذي أصدرته منظمة أصدقاء الإنسان الدولية التي ذكرت أن فخري من مواليد قرية كوبر في عام 1954 وبعد عامين من زواجه في سن 22 عاما تمكنت قوات الاحتلال من اعتقاله في 23-6-1978 بتهمة تنفيذ عملية فدائية ليواجه كما تتذكر زوجته الصابرة سميرة الرفاعي أقسى أنواع التعذيب في مراكز التحقيق الإسرائيلية التي صمد فيها وسجل ملاحم البطولة التي أغضبت الاحتلال والذي لا زال يصر على الانتقام منه برفض الإفراج عنه رغم إدراج اسمه في كل صفقات التبادل وليواجه قرار الانتقام الثاني بالحكم عليه بالسجن المؤبد. ويقول التقرير الحديث عن الأسير فخري حديث مختلف ومعاناته بلا شك اكبر فلدى اعتقاله كان باكورة أبناءه شادي في عمر 10 شهور وزوجته حامل بطفله هادي الذي أنجبته خلال تعرضه للتحقيق إلا أن فخري ترك خلفه زوجه صابرة أنجبت له طفلين ربتهما على حب والدهم الأسير فكان حب الوالد جياشاً لدرجة عدم القدرة على فراقه فقد طالت المدة ورفاق درب أبيهم قد خرجوا من السجون وبقي والدهم وآخرين.

جمعهم السجن

على طريقتهم الخاصة قرر شادي وهادي أن ينهوا معاناة العائلة وتحرير أبيهم بانخراطهم في صفوف المقاومة بعدما شطبت إسرائيل اسمه من كل الافراجات ولكن الاحتلال كما تقول الوالدة كان لهم بالمرصاد و كان مصيرهم السجن.بعد اعتقال الابنين هادي وشادي بقيت الأم لوحدها الألم يعتصر فؤادها والوحدة تملأ بيتها وفي ذات الوقت كانت فرحة بعض الشيء لعل أبنائها يجتمعون بأبيهم وكان ما تمنته الأم فقد اجتمع الوالد بأولاده بعد غياب 27 عاماً في غرفة واحدة في سجن عسقلان وكان العناق الذي لا يمكن تخيل حرارته وكان البكاء سيد الموقف والتف عمداء الأسرى من حول فخري يطبطبون على كتفيه ويمسحون دموع المعاناة والفرح بعد سنين الظلم الطويلة وأصبحت الزوجة والأم الصابرة تعيش بانتظار لحظات الزيارة التي يجتمع فيها شمل أسرتها كما تقول خلف تلك القضبان فكنت رغم ألمي وحزني اشعر بالسعادة وأنا أرى زوجي وولداي واخفي دموعي وحسرتي على فراقهم ولكن للحظة واحدة لم افقد الأمل بتحطم تلك القيود واجتماع شملنا في منزلنا الذي لو نطقت جدرانه لبكت حزنا وألما على فراقهما.

صور أخرى

أمضى هادي في الأسر فترة محكوميته البالغة عامين ومن ثم خرج ليعوض والدته عن أيام العذاب كما يقول ويخفف من الآلام الاعتقال الذي حول حياتها لجحيم خاصة وان شقيقه شادي الذي صدر بحقه حكما بالسجن لمدة 27 عاما بقي مع والدي في سجنه.

وعاد احدهم لحضن والدته وبقي الآخر في حضن أبيه خرج هادي وفي القلب غصه فراق الوالد خرج ليجد أمه على ذات الجلسة مقابل الشباك الذي يطل على مدخل القرية تحمل في يدها سبحتها الطويلة تسبح بحمد ربها وتدعوه من أجل فكاك زوجها وولدها.

أما هادي وحرصا على رفع معنويات والدته وتضميد جراحها فقد بادر كما يقول للزواج الذي لم يشعر فيه بالفرح ووالدته لم تتوقف عن البكاء وصور والده وشقيقه في سجنهم ترتسم أمامه وفي مخيلته ففي عرسي كان الفرح هو الغائب الوحيد والذي لا يمكن أن نشعر به إلا عندما يعود والدي وأخي إلينا وحتى عندما رزق هادي بطفلته التي سماها مجدل فلم يشعر بأي معنى للفرح كما يضيف إلا عندما وصلته مباركة والده وفرحته الشديدة بعدما رزقه الله بأول حفيدة لا يتوقف عن إرسال الهدايا لها فقد زادت من تمسكه بالأمل وحبه بالحياة ومنحته الصبر والقوة التي يتحدث عنها في كل رسالة التي ستحقق له ولكل عمداء الأسرى فجر الحرية القادم.

رمز النضال

كثيرة هي الأوسمة التي منحت لفخري تقديرا لصموده وصلابته ووعيه وبطولاته في نضاله من اجل الحركة الأسيرة خلال رحلة تنقله التي شملت كل سجون ومعتقلات ليشارك في كل المحطات النضالية التي خاضتها الحركة الأسيرة وكان في كل سجن يدخله يلتف الأسرى من حوله ليحدثهم عن شؤون الحركة الأسيرة وتاريخها ويزرع فيهم قيم النضال والتحدي والإيمان مما جعله يحظى بتقدير واحترام الجميع ومنحه مكانة عظيمة في قيادة الحركة الأسيرة.

رحلة العذاب

وبرغم صموده فقد تأثر الأسير البرغوثي كما تقول زوجته جراء توالي الصدمات على عائلتنا خلال اعتقاله خاصة بعدما توفي والديه وشقيقه وأعمامه خاصة وانه كان يرتبط بعلاقة خاصة مع والديه الذي شكل رحيلهما مأساة كبيرة له بينما يعاني زوجي من عدة أمراض أصيب بها داخل السجون بسبب سوء تجهيزها وعدم صلاحيتها لإقامة البشر.وفي بيتها المتواضع المزين بصور زوجها ونجلها تكرس أم شادي حياتها للمشاركة في الاعتصامات التضامنية مع الأسرى وزيارة السجون ومتابعة الأخبار وما يخصها كما تقول خبر واحد إكمال صفقة التبادل بمعايير فلسطينية تكسر المعايير الإسرائيلية الظالمة التي فرضت على زوجي قضاء 32 عاما في السجن وابن عمه نائل الذي بدا عامه ال 32 في السجون في نيسان الماضي وكذلك ابني فمن حقهم وسائر عمداء وقدماء الأسرى أن يتحرروا ولن يكون هناك قيمة أو معنى لأي صفقة لا تشملهم جميعا فهم الذين ضحوا بأجمل سنوات عمرهم من اجل حريتنا وحياتنا ولا معنى للحياة دونهم وهذه رسالتي لخاطفي الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط بعدم التسرع في الصفقة وانجازها وفق رؤية فلسطينية كاملة تبيض السجون وتعيد إلينا الفرح المسلوب فمنذ عقود ونحن ننتظر بفارغ الصبر خروجه وطوال هذه المدة التي تذوب من شدة قسوتها الجبال ونحن نسمع عبارات التصبير والمواساة من دون أن يقدم احد أي شيء يعيد شمل العائلة التي فرقها الاحتلال ومزقتها السجون.