خبر الكتلة الكبرى.. هآرتس

الساعة 08:36 ص|21 يونيو 2009

بقلم: جدعون ليفي

نهاية الاحزاب في اسرائيل. من الممكن اغلاق مراكز الاحزاب كلها وليس فقط مركز حزب العمل في حي الامل كما فعل المؤدلج الجديد للحزب فايتسمان شيري، بعد خطاب رئيس الوزراء. لم تعد هناك حاجة لهذه الاحزاب. في اسرائيل الان حزب واحد مثلما هو الحال في بعض الانظمة وكل ما تبقى مجرد اقنعة.

اقنعة سحرية – هذه هي خلاصة التباينات "الفكرية" بين الاحزاب الصهيونية. بعد ان كلف بنيامين نتنياهو خاطره اخيرا وقال نعم للدولتين، لم يعد هناك اي فرق بين الليكود، كاديما، حزب العمل، ميرتس وحتى اسرائيل بيتنا – التكتل الاكبر في السياسة الاسرائيلية. كم هو مثير للكآبة ان نرى امامنا ناظرينا كيف طمست الفوارق الايديولوجية كلها وكيف زال النهج ولم يتبق اي شيء خاص ومميز.

من المحظور ان نقع في الخطأ: لسنا امام اجماع ايديولوجي وانما نحن نواجه ضياعا ايديولوجيا. هذه ليست وحدة افكار وآراء وانما موت للرأي الواضح والملزم. الجميع يجترون نفس الشعارات ولا يقصد احد القيام بشيء من اجل تحقيقها. ليس هناك اليوم مجهر قادر على تمييز الفوارق السياسية بين نتنياهو، تسيبي لفني وايهود باراك. ليس هناك ايضا تباين اجتماعي او اقتصادي بينهم. هم جميعا يتمتمون نفس الشعارات الاجترارية التي تعبر عن نفس التصنع البائس. ما الذي يجعل كاديما معارضة للحكومة؟ ما هو الفرق بينها وبين حزب العمل المشارك في الائتلاف باستثناء الانتهازية؟ الخارطة السياسية الاسرائيلية متناغمة بصورة مثيرة للجزع ان استثنينا الاحزاب الدينية والعربية وهوامش اليمين المتطرف. هناك وصمة كبيرة بيضاء او ان اردنا الدقة – وصمة سوداء.

صحف الاحزاب كانت اول من يلفظ انفاسه. بقينا مع ثلاثة حتى اربعة صحف تجارية للسكان الذين ازداد عددهم بشكل لا يوصف بعد ان كانت هناك عشرون صحيفة يومية اغلبها ناطقة باسم الاحزاب – ومع تناغم مقلق بين هذه الصحف المتبقية. لم تعد هناك اي فوارق فكرية بين صحيفة واخرى باستثناء الصحيفة التي تقرأونها الان.

بعد الصحف جاء دور النشاط الحركي وفروع الاحزاب التي اصبحت خاوية من اعضائها. هي تنبعث حية فقط مع مقاولي الاصوات في موسم الانتخابات التمهيدية الحزبية. اين ذهبت تلك الايام التي كانت فيها في حزب العمل وحده 5 – 6 دوائر فكرية كانت نقاط التماسي بينها حادة وواضحة. واين الايام التي كان فيها هناك يمين ويسار، حمائم وصقور وكان الانسان يعرف ما الذي يقصده عندما يقول تلك الكلمات. ومن هو اليسار اليوم ومن اليمين؟ من الصقر ومن الحمامة؟ يتساحي هنغبي من كاديما اكثر يسارية من دان مريدور من الليكود! المستوطن عتنيئيل شنلر من كاديما اكثر حمائمية من ميخائيل ايتان من الليكود! كلهم ضمن معجون واحد لزج ومتناغم بدرجة كبيرة. وهذا أمر خطير ايضا: ليس هناك عامل يتسبب بالعمى والغباء اكثر من وحدة الاراء وطمس التباينات وقتل كل جدل فكري. من المذنب في ذلك؟ حكومات الوحدة المتعاقبة التي ازالت خطوط التماس بين الاحزاب والمعسكرات هي المتهم الاول في ذلك.

الانتخابات القادمة ستشبه المناقصات والعطاءات. كل حزب سيطرح ادارته في كراس فاخر ولجنة المناقصة وجمهور الناخبين سيقررون ان كانوا يفضلون الادارة الحديثة على طراز لفني ام نهج التربيت على الاكتاف الخاص ببراك او اعتبارية نتنياهو. هم سيعدوننا بنفس الشيء – نعم للسلام، اجل السلام – ولكن احدا منهم لا يحرك اصبعا لدفع هذا السلام للامام. سيكون من الممكن الاختيار بينهم من خلال القاء العملة في الهواء، ومن الممكن تشكيل قوائمهم بحركة آن – دان – دينو: شاؤول موفاز لليكود، ماريدور لكاديما وباراك لكل واحدة منها – او العكس. ان كانت المعركة الانتخابية السابقة مثيرة للضجر في نظركم فلتروا ما سيحدث في المعركة الاتية.

هذا الانسجام يبعث على كآبة خاصة عندما نتحقق مما نبت في هذه الاحزاب في السنوات الاخيرة: ثلة من الشبان – الكهول المماثلين كاسلافهم، داني دانون بدلا من داني لافيه اللذان وصلا الى كنيست خاوية. وليس هناك جيل واعد من الخارج: الجيش الاسرائيلي لم يعد يمد السياسة بالنجوم المزعومة (وهذا جيد) والمؤسسة الاكاديمة باهتة بصورة مقلقة والعالم التجاري منغمس بشؤونه. ان نظرنا للصفوف الخلفية لن نجد احتمالية لظهور براك اوباما الاسرائيلي: جيلا جاميئيل؟ اوفير اكونيس؟ اليوم قبل اسبوع ماتت الايديولوجيا نهائيا ولفظت انفاسها: "الانقلاب:" الذي جلبه الينا نتنياهو هو قنبلة دخان القاها على الخارطة السياسة. من الان اصبح كل شيء مبهما. هذه "الفرقعة الكبرى" الجديدة: نظام احادي الحزب واحادي الفكر في اسرائيل.