خبر الجدل يتواصل بين الولايات المتحدة وإسرائيل والاستيطان يتواصل أيضا..

الساعة 02:14 م|20 يونيو 2009

فلسطين اليوم – القدس المحتلة

بينما يتواصل الجدل بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن الاستمرار في البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، في ظل تراجعات الأخيرة عن التجميد الجارف، فإن عملية البناء نفسها لا تزال تتواصل. كما تشير التقارير الإسرائيلية إلى أن المستوطنين الذين كانوا ينتظرون خطاب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، في جامعة "بار إيلان" الأحد الماضي، كان أكثر ما يعنيهم هو اعتبار نتانياهو للضفة الغربية جزءا من "أرض الأجداد" وأن الاستيطان هو "عمل صهيوني رائد".

 

كما يتضح من التقارير أن عدد المستوطنين قد ارتفع في السنوات الأخيرة، في عهد حكومة إيهود أولمرت، من 200 ألف مستوطن إلى ما يقارب 300 ألف مستوطن. وأن مساحة البناء في المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية تصل إلى 47 ألف دونم لا تشكل سوى 9% من منطقة نفوذ المستوطنات، بمعنى أن المستوطنات تمتلك مساحات شاسعة غير مبنية ضمن مناطق نفوذها.

 

وبحسب المصادر ذاتها فقد تمت مصادرة ما يزيد عن مليون دونم منذ سنوات الثمانينيات، تشكل 16% من مساحة الضفة الغربية (بدون القدس). علاوة على أنه منذ قرار حكومة نتانياهو في العام 1996 عدم إقامة مستوطنات جديدة إلا بمصادقة الحكومة، فقد أقيم أكثر من 100 مستوطنة، بعضها يحمل اسم "بؤرة استيطانية".

 

فقد كتب ألوف بن في صحيفة "هآرتس"، في أعقاب زيارة للمستوطنات والبؤر الاستيطانية في الضفة الغربية أنه بعد يومين "خطاب بار إيلان"، والذي اعتبره تحولا أيديولوجيا لدى نتانياهو في موافقته على الدولة الفلسطينية، لم يثر أي اهتمامات خاصة لدى "مستوطني التلال" حيث يفترض أن تقوم هذه "الدولة الفلسطينية"، بل إن المستوطنين اهتموا بتعهد نتانياهو بتوفير "حياة طبيعية" لهم.

 

ويضيف أن المحادثات مع المستوطنين غالبا ما تتناول الإخلاء، إلا أن قلقهم من الإخلاء في أعقاب تصريحات باراك أوباما لم يرفع من مستوى القلق لديهم، وعن ذلك يقول أحد عناصر ما يسمى بـ"شبيبة التلال" الاستيطانية من مستوطنة "يتسهار" أنه "يجب أن يكون هناك بلدوزر مثل شارون لإخلائهم من المكان"، وأنه ينظر إلى نتانياهو على أساس أنه "رجل أقوال وليس رجل أفعال".

 

ويتابع أن المستوطنين لا يختبئون خلف شعارات نتانياهو "الزيادة الطبعيية" و"التطور الجماهيري" التي تهدف إلى التخفيف من الضغط الأمريكي، ولا يخجلون في حربهم مع الفلسطينيين أساسا في إقامة وقائع على الأرض من أجل استمرار السيطرة الإسرائيلية.

 

ويتناول الكاتب مستوطنة "عاليه" التي تبعد 7 كيلومترات إلى الشرق من مستوطنة "أرئيل" فيشير إلى أن الطوبوغرافية الجبلية والمشاكل في تسجيل الأراضي جعلت منها "عنقودا" متبعثرا من الأحياء الصغيرة التي يصل عدد سكانها إلى 3 آلاف مستوطن. وبينما يتم تعريف بعض هذه الأحياء على أنها بؤر استيطانية "غير قانونية"، فإن المستوطنين يصرون على اعتبارها "أحياء" وليست "تلالا".

 

ويتابع أن الانتقال من مستوطنة "عاليه" إلى مستوطنة "يتسهار" يشير إلى تغير في الأجواء في المستوطنة التي تعتبر "رمز الكهانية" ورمزا للاحتكاك العنيف مع الفلسطينيين في الجوار والحرب ضد إخلاء البؤر الاستيطانية. وينقل الكاتب عن الراف يسرائيل هرئيل قوله "إذا تعرض فلسطيني لأحد المستوطنين فكل قريته متهمة". ويشير الكاتب في هذا السياق إلى الاعتداء الذي نفذه المستوطنون في "يتسهار" ضد أهالي قرية عصيرة القبلية، في الصيف الماضي. وبحسب أرئيل فإن المستوطنين يعتمدون على القوة، وأنهم لا يعتمدون على الجيش الإسرائيلي.

 

كما يشير الكاتب إلى عدد من البؤر الاستيطانية المنتشرة على التلال في محيط "يتسهار"، والتي يعيش فيها من يسمون بـ"شبيبة التلال". وبحسب أرئيل فإنهم "يرغبون بالعيش في الطبيعة بدون حدود، وأنه من المفضل أن يكون الصراع الذي يخوضونه على التلال وليس في داخل المستوطنة"، على حد قوله.

 

تجدر الإشارة إلى أنه قد تم إخلاء عدد من هذه البؤر الاستيطانية، إلا أنه في كل مرة تتم إقامتها من جديد.

 

ويتابع الكاتب جولته في المستوطنات، فيصل إلى مستوطنة "ميغرون" حيث يعيش المستوطن إيتي هرئيل، نجل الكاتب في الصحيفة يسرائيل هرئيل الذي يعيش في مستوطنة "عوفرا" ويعتبر أحد مؤسسي الحركة الاستيطانية. ويدعي المستوطن إيتي هرئيل أن لديه تصويرا جويا للأراضي في المنطقة تثبت ملكية الأرض وتفند ادعاءات أصحاب الأرض الأصليين.

 

 

وفي سياق ذي صلة كتب عكيفا إلدار في صحيفة "هآرتس" أن الخلاف بين إدارة أوباما – كلينتون، وبين حكومة نتانياهو – ليبرمان بشأن المستوطنات لا يدور حول توسيع حضانة أطفال في "عوفرا" أو إضافة شرفة في "معاليه أدوميم"، وإنما هو نقاش قضائي سياسي يتصل بالمكانة القانونية للمستوطنات في الضفة الغربية والأحياء الاستيطانية في القدس الشرقية والسيادة على أراضي الضفة الغربية.

 

وبحسب الكاتب فإن التصريح الذي أدلت به وزيرة الخارجية الأمريكية بشأن عدم وجود تفاهمات سابقة موثقة مع إسرائيل بشأن استمرار البناء في الكتل الاستيطانية يأتي لكونها تدرك أن هذا التفاهم هو ثورة في السياسة الأمريكية. وبحسب الكاتب فإنه ومثلما لا يوجد القليل من الحمل (امرأة حامل قليلا)، فإن دولة عظمى تقول إن المستوطنات غير قانونية وترفض نقل سفارتها إلى القدس لا يمكن أن تعترف بالقليل من المستوطنات.

 

ونقل الكاتب مقتطفات من مقال كتبه السفير الأمريكي في إسرائيل، في عهد الإدارة الأمريكية السابقة، دان كيرتسر، يؤكد فيه أنه لا يوجد مثل هذه التفاهمات بشأن استمرار البناء في المستوطنات. ويقول إن مستشار أرئيل شارون في حينه، دوف فايسغلاس، طلب من الإدارة الأمريكية السماح لإسرائيل بمواصلة البناء في داخل المستوطنات، بيد أنه يشير إلى أن ذلك لم يخرج إلى حيز التنفيذ.

 

وبحسب كيرتسر فإن الرسالة التي بعث بها بوش إلى شارون التي تضمنت الاعتراف بالكتل الاستيطانية في الضفة الغربية تتصل فقط بالموقف الأمريكي في سياق الحل الدائم وبموافقة الجانب الفلسطيني.

 

كما لفت الكاتب إلى أنه منذ العام 67 فقد اكتفت الإدارات الأمريكية بالاحتجاج الهادئ بشكل عام ضد مشروع الاستيطان، الأمر الذي اعتبرته إسرائيل "موافقة صامتة" حيث "أمريكا تحتج وإسرائيل تواصل البناء". كما أشار إلى أن رئيس الحكومة الأسبق، إيهود باراك، كان قد أقنع الرئيس الأمريكي في حينه، بيل كلينتون، بعدم تحويل مسألة الاستيطان إلى قضية، وذلك من باب أنه سيتم التوقيع مباشرة على اتفاق الحل الدائم والذي يضم بعض هذه الكتل الاستيطانية إلى إسرائيل، ويتم تسليم الباقي للفلسطينيين.

 

ويضيف أن كلينتون ابتلع الطعم، وعندها ابتعد السلام، في حين ظل البناء متواصلا في المستوطنات. أما في عهد أوباما فيشير الكاتب إلى إمكانية أن يقوم ممثلو نتانياهو بـ"خداع" أوباما بثلاثة قضايا مركزية: الزيادة الطبيعية أو التزامات بدون معنى أو قصص عن تقديم التماسات إلى المحكمة العليا ضد تجميد البناء في المستوطنات.

 

وتحت عنوان "الزيادة الطبيعية" جاء أنه في إطار قرار حكومة شارون في العام 2003 تبني خارطة الطريق، فإن إسرائيل قد التزمت بوقف البناء بشكل تام في المستوطنات، بما في ذلك لأغراض الزيادة الطبيعية، وتفكيك كافة البؤر الاستيطانية التي أقيمت بعد آذار/مارس 2001. ومنذ ذلك الحين ارتفع عدد المستوطنين في الضفة الغربية من 200 ألف مستوطن إلى ما يقارب 300 ألف مستوطن.

 

أما بالنسبة لما يسمى "التزامات نتانياهو" فقد جاء أنه لا ينوي إقامة مستوطنات جديدة أو مصادرة أراض لتوسيع مستوطنات قائمة. مع الإشارة هنا إلى أن حكومة نتانياهو قد قررت في العام 1996 عدم إقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية، وإنما فقط بقرار من الحكومة. بيد أنه تمت إقامة ما يقارب 100 مستوطنة، منذ ذلك الحين، تحت مسمى "بؤرة استيطانية". واقتضى إقامة هذه المستوطنات مصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية، بحيث أن المستوطنين اليوم يملكون مساحات واسعة من الأراضي المصادرة.

 

وبحسب الكاتب فإن إسرائيل قد صادرت ما يقارب مليون دونم منذ العام 1980، تشكل 16% من مساحة الضفة الغربية. كما أن مساحة المستوطنات المبنية تصل إلى 47 ألف دونما، أي ما يعادل 9% من مناطق نفوذها. ورغم التعهدات بعدم مصادرة أراض حتى من قبل شارون وإيهود أولمرت، فقد صودر في السنة الأخيرة فقط ما يقارب 275 دونما.