خبر سلامة عطا الله يكتب : « على » أم « في » يا رئيس الوزراء!!

الساعة 11:23 ص|20 يونيو 2009

"على" أم "في" يا رئيس الوزراء!!

 

سلامة عطا الله

حدثنا "هنية" قال: "ندفع باتجاه حل القضية على أساس إقامة دولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967"، كما جاء في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع الرئيس الأمريكي الأسبق "كارتر" حين زار غزة، وعلى الهامش، فإن استخدام "في" يعني القبول بإقامة الدولة على أي جزء داخل هذه الحدود، أما "على" فتعنى إقامة الدولة على كامل المناطق التي احتلت بعد الرابع من حزيران، ومعروف بأن حرفا واحدا كان سببا في تعطيل مفاوضات الجلاء بين فرنسا والجزائر.

 

فإن كان سيادته يقصد ذلك، فما الفرق بين مشروعه وما يذهب إليه غريمه رئيس السلطة، وإن كان لا يدري، فمن حقنا أن نرسم علامات سؤال بعدد قطرات الدم التي تسيل في سبيل رؤية تموت بين يديها الإجابات، وعلى حذر أفضح لكم "كهكهتي" حينما حدثني من أثق بهم، وهذه ليست نكتة، بأن عددا من قادة حماس تواصوا على الإصغاء لرؤية رآها شاب في منامه حول مستقبل الحركة (وأعوذ بالله أن تكون من وساوس الشياطين)، للاستئناس بها في حياكة المخططات السياسية.

 

يدري أم لا يدري..الأهم أن تبصرنا الحركة بمشروعها بعيدا عن التبذير في الشعارات، وأن تتجاوز تاريخ وقوعها في شرك وعقدة "نفاق الجماهير"، وهي عقدة رأى فيها أحد الكتاب الإسرائيليين العارفين بتفكير حماس، "فرصة دائمة" لتوريط الحركة، فإذا كانت الأخيرة أدركت مع الحرب على غزة، بأن المقاومة في هذه المرحلة مكلفة وغير منتجة، وأن البيئة السياسية من حولها تعصف بما تبقى من حلم مشروعها، فلماذا لا تتواطأ مع نفسها على نفسها بحكم الآلام، كي تتجنب المزيد ببرجماتية مرحلية تستند إلى مبدأ درء المفاسد أولى من جلب المنافع.

 

وإذا كانت حماس تدرك أن لا مناص من مفاوضات طرف فلسطيني مع الإسرائيليين، فلماذا لا تكون شريكا في ذلك!!، وتفويضها لمنظمة التحرير بمفاوضة الاحتلال كما جاء في اتفاق مكة وقبله وبعده يقول بأن لا خلاف على المبدأ، وهل هي جريمة تستحق القصاص أن نناقش الاعتراف بإسرائيل خارج "دائرة الحلال والحرام"!!، وكيف تطالب حماس العالم بالالتفات إليها وتصديق اعتدالها وهي تزرع خطاباتها بمفردات من طراز "سنلقن العالم درسا" "وادعمونا بالسلاح ونحن نكفيكم شر القتال" فصارت الحربة كلها وليست رأس الحربة فقط.

 

أما احتساب إنجازات أطراف إقليمية قريبة من حماس، على أنها قد تيسر للحركة ما اعترض طريقها، فذاك يبتعد عن موازين السياسة، فإذا ما نجحت سوريا في تحقيق اختراقات هنا أو هناك، فلعبقرية جغرافيتها دور لا ينسى، "وذكاء المكان" علمها أن تعيش بين المتناقضات وأن تبقى جاهزة لدفع الثمن من جيوب حلفائها، أما غزة فلعنة الجغرافيا أحاطتها، ومنعت صلتها بالأرحام السياسية حتى مستوى الجفاء أو العقوق، ولم يعد الإخوان بالإخوان، ولننظر ماذا يحدث حولنا.. 

 

جولة على خارطة عمل جماعة الإخوان المسلمين في أقطارنا تقودك إلى حيرة مزعجة، أساسها سؤال كبير: ما السر في القدرة الخارقة للجماعة على تجنيد خصوم لها!!.. لعلها عقدة النرجسية بالعيش رافضة ومرفوضة على طول الخط، والغريب أن ذلك ليس اختيارا واعيا بإثبات القرائن والمؤشرات، فمن المستوعب ربما أن يكون الإخوان على طرفي نقيض تاريخي مع الأنظمة العربية، لكن الغريب أن الجماعة لم تعد محسوبة على محور الممانعة، فالواضح أنها أدرجت في العقل السياسي الإيراني تماما كما حالها في العقل السوري، على أنها لا ترى إلا ذاتها المتناقضة، ولا يؤتمن لها جانب سياسي..جماعة ببساطة في أحسن تحالفاتها (صديق جاهل).

 

جماعة مزاجها اللبناني إخواني قطبي قاعدي، أكلها وشرابها ومتعتها حديث (الولاء والبراء)، وفي غفلة خارج الحسابات، يُلزم من يربى على هكذا قواعد في (المحاضن التربوية)، بأمر من أمير، وبواجب البيعة، أن يعانق بصوته أميرا جديدا، يتغذى على الحليب الأمريكي، لتصبح الجماعة الإسلامية هناك بيضة في سلة مشروع كانوا يسمونه (صهيو أمريكي).

 

والحال كذلك في العراق، والوضع مشابه في الصومال، والنزيف يسيل في السودان..وكل بلاد العربان، ثم يأتيك من يقول (أهل مكة أدرى بشعابها)، ووفق منطقهم فالأهل يحاصرون الأهل..ألم يستخدم نموذج غزة فزاعة في انتخابات الأردن ولبنان وفي زيادة سطوة النظام المصري على الإخوان في مصر!!، ولم تكترث فروع الجماعة في بعض الأقطار لتؤكد بسلوكها السياسي والانتخابي نجاح من أرادوا لنموذج حماس أن يكون فزاعة، فنتائج انتخابات لبنان في إحدى وجوهها تبرهن: أن مشروع المقاومة الفلسطينية عزل عن ما يسمى بعمقه العربي والإسلامي.. وأبشر يا صانع الحصار وأوغل، فالموعظة قد وصلت، ولن نعيد التجربة..

 

 وعمق التناقض فمغروس في الألسنة التي تعلي من أسطورة المقاومة الفلسطينية وتقذف بها أعلى الشجرة، ليصاب (المفتخر بهم) بدوخة كلما نظروا إلى الأسفل، فلا هم قادرون على البقاء أبدا يتأرجحون خشية السقوط، ولا الجرأة تسعفهم لينزلوا مضحين بالتصفيق وخمر الثناء، (تصفيق لا يعلي قامة ولا يحفظ قائمة)..أعوام والحال هكذا، الموج يضرب حماس علها تبدأ زمن المراجعات، ففضلت الإقامة في دائرة رفع المعنويات، دونما إجابة أو استعداد واضح لما هو آت.

 

وللموضوعية فقد تكون حماس سائرة باتجاه الانجاز، ومطلوب أن تصدق ذلك بإفصاحها عن تصورها لمستقبل الشعب والقضية بعد عدة سنوات، وإلا فسيكون الإعداد للمستقبل رهن التخبط والأماني الحالمة، فإذا ما كانت القراءة تقود لسيادة المقاومة السياسية، فلتستثمر المقدرات والكفاءات لتحقيق ذلك، وإذا ما كانت المقاومة العسكرية هي السيدة فأعدوا لها، وإذا كنا لا نعرف كيف سيكون الغد، فلن يكون إعداد، ولن نكون، وبمعاندة الواقع والحقائق والاستمرار في إنهاك الشعب تحت عنوان الثوابت، فلا أرضا سنحرر، ولا شعبا سنبقي.