خبر سفير أمريكي أسبق فى القاهرة وتل أبيب: ما يقوم به نتنياهو فى الوقت الحالى هو عملية شراء للوقت فقط

الساعة 05:46 ص|20 يونيو 2009

فلسطين اليوم-المصري اليوم

حذر إدوارد ووكر، سفير الولايات المتحدة الأسبق فى القاهرة وتل أبيب، من الانخداع بالخطاب الذى وجّهه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يوم الأحد الماضى ووافق فيه على إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح. واعتبر ووكر أن ما يقوم به نتنياهو فى الوقت الحالى هو عملية شراء للوقت فقط، لأنه لا يريد أن يدخل فى صدام مباشر مع الرئيس الأمريكى باراك أوباما بعد خطابه الذى ألقاه فى القاهرة، ودعوته إلى حل للقضية الفلسطينية، وضغوطه على الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى للوصول إلى اتفاق حول ملف الصراع العربى الاسرائيلى.

 

وأضاف ووكر- فى تصريحات لـ«المصرى اليوم»- أن نتنياهو قد يكسب بخطابه هذا بعض الوقت، لكنه لن يستطيع أن يستمر طويلا لأن الرئيس أوباما الذى رحَّب بالخطاب واعتبره خطوة مهمة سينتظر منه خطوات أخرى مقنعة.

 

وقال السفير الأمريكى الأسبق إن هناك جوانب إيجابية فى كلام نتنياهو، لكن الخطابات لن تغير شيئًا فى واقع الأمر، فالقضية الفلسطينية تشغل ذهن جميع الأطراف والدول فى المنطقة، وهناك رغبة أمريكية لتحقيق تقدم فى هذا الملف لكنها تحتاج إلى إطار زمنى محدد، فالمباحثات والمفاوضات يمكن أن تستمر ١٠٠ عام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإحراز تقدم يعتمد على كيفية إدارة المفاوضات ومدى جدية كل طرف فى الوصول إلى اتفاق.

 

من ناحية أخرى، أشار ووكر إلى أن نتنياهو فى موقف حرج، لأنه صمم برنامجه الانتخابى على مبدأ التوسع الاستيطانى، ويواجه ضغوطا أمريكية لتجميد الاستيطان واستجابته للولايات المتحدة ستعنى انهيار ائتلافه الحكومى المتطرف الذى يدعم الاستيطان، كما سيبدو كأنه يغير كل مواقفه السابقة الرافضة إقامة الدولة الفلسطينية.

 

وردًا على سؤال حول قدرة الولايات المتحدة على الضغط على إسرائيل، قال إدوارد ووكر إن الولايات المتحدة لديها الإمكانات للضغط إذا أرادت ذلك، خاصة أن الرئيس أوباما يدرك أهمية القضية الفلسطينية وأن عدم تحقيق إنجاز فيها يمكن أن يقود إلى استمرار العنف وعدم استقرار المنطقة. ويدرك أيضا أنه يحتاج إلى حلفاء فى المنطقة، خاصة مصر والسعودية والمغرب، فإذا ضمن مساندة هذه الدول فإنه يضمن فرص الوصول الى اتفاق.

 

لكن المشكلة أن الولايات المتحدة لديها أيضا سياساتها التى يجب أن تراعيها، والأجندة السياسية التى تعمل بها الإدارة الحالية مثقلة بالمشاكل الداخلية، كما أن الرئيس أوباما لا يريد أن يدخل فى مشاكل مع الكونجرس واللوبى الإسرائيلى المتغلغل فى أروقة الكونجرس، خاصة فيما يتعلق بملف إسرائيل لأن ذلك سيقوده إلى خسارة قضايا أخرى فى موضوعات أخرى، وعلى أوباما أيضا أن يفكر فى ملفات أخرى ساخنة مثل الوضع فى العراق وأفغانستان وإيران، وكل دولة تمثل ملفا كبيرا فى اهتمامات السياسة الخارجية الأمريكية.

 

وأضاف ووكر: «لا أدرى إذا كان أوباما يريد مواجهة مع الكونجرس فى ظل رؤية اللوبى الإسرائيلى الذى لا يرى إمكانية لتنفيذ مسألة حل إقامة الدولتين ويعترض على ما صرح به نتنياهو ويعتبره رجوعا عن برنامجه الانتخابى وعن مواقفه السابقة».

 

ويوضح ووكر أن اللوبى الإسرائيلى لا يرى فرصة لإقامة دولة فلسطينية- حتى وإن كانت منزوعة السلاح- فى الوقت الحالى بسبب حماس لأن هناك اختلافا كبيرا حول الدور الذى ستلعبه حماس فى المستقبل، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات بين غزة ودمشق والصراعات الداخلية بين جيل الشباب فى حماس وبين الحرس القديم، وهناك عدة نقاط براجماتية فى هذه القضية لابد من حلها ويدفع الإسرائيليون أنه لا يمكن التوصل إلى إقامة سلام مع شركاء مختلفين فيما بينهم.

 

وفيما يتعلق بنتائج الانتخابات الإيرانية وفوز الرئيس أحمدى نجاد قال ووكر إن هناك شكوكا تحيط بهذه النتائج، ورغم ذلك فإن هذا الفوز يثبت أن لدى نجاد شعبية كبيرة فى إيران

 

وقال: «لقد تحدثت مع عدد كبير من الأصدقاء والمحللين السياسيين ولم أجد أحدا يدرك بالضبط ما الذى حدث فى هذه الانتخابات وماذا يحدث فى القضية الإيرانية بشكل عام، لكن المؤكد أنه باستمرار سياسات نجاد وطموحاته النووية، وعدم جديته فى التوصل إلى حلول دبلوماسية مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بالملف النووى الإيرانى فإن ذلك سيوجه الدوائر السياسية الأمريكية إلى ضرورة البحث عن حلول عسكرية.

 

وفى رده على سؤال حول تصريح أوباما بعدم الدخول فى حرب مع إيران، قال ووكر إن الرئيس أوباما صرح بأنه لا يبحث عن حرب مع إيران وأنه يحاول حل القضية بالطرق الدبلوماسية، وهناك فارق، فالخيار العسكرى مطروح على المائدة لكن أوباما ما زال يبحث عن طريقة سلمية لحل المشكلة الإيرانية.

 

وأضاف السفير الأمريكى الأسبق: «أنا شخصيا لست واثقا أن البرنامج النووى الإيرانى هو فعلا لأغراض سلمية ولا أستطيع أن أحدد خطة تعامل الولايات المتحدة فى هذه القضية فى ظل فوز أحمدى نجاد وهل ستلجأ إلى الحل العسكرى أم لا، فهذا موضع جدل وسؤال، وقد ترى الإدارة الأمريكية تأجيل طرح هذا الملف لكنها لن تستطيع تأجيله إلى الأبد..

 

وما يقلقنى هو أن إيران قطعت شوطا كبيرا فى المجال النووى، وأن دولا كثيرة فى المنطقة تريد أيضا أن تقوم بنفس الشىء لحماية نفسها.. ولا أستطيع أن ألوم الولايات المتحدة فى اتخاذ خطوات احترازية فيما يتعلق بإيران، والسبب الأساسى فى هذه الخطوات أننا لا نريد إسرائيل أن تتدخل بشكل مباشر مع إيران».

 

وفيما يتعلق بملف الإصلاح السياسى فى مصر قال ووكر إن أعضاء الكونجرس الأمريكى غير مرتاحين لارتفاع حجم المعونة العسكرية لمصر، ويعتقدون أن هناك الكثير مما يجب القيام به فى أجندة الديمقراطية وتقوية القانون، مشيرا إلى أن ملف الإصلاح السياسى لابد أن يقوده اسم كبير وقوة تشد المجتمع وراءها، و

 

أوضح أن رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف ومجموعته الاقتصادية يقومون بعمل جيد، لكن مصر لا تزال مقيدة ما بين الاقتصاد الحر والاقتصاد الاشتراكى، ولأن النظام فى مصر فرعونى- وفقا لتعبير ووكر- فإن فرعون هو الذى عليه أن يقول نعم للتغيير والإصلاح، لكن الرئيس مبارك قلق أكثر على تحقيق الاستقرار والأمن.

 

وفى رده على سؤال حول رؤيته لمستقبل مصر فى ظل انتخابات برلمانية قادمة فى ٢٠١٠ وانتخابات رئاسية فى ٢٠١١ قال إدوارد ووكر إنه من الصعب على الرئيس مبارك أن يتخلى عن السلطة، فلديه كبرياء واعتقاد بأنه لا يوجد شخص آخر قادر على قيادة الدولة، لذا فهو مستمر فى الحكم ولديه إحساس أنه عليه التضحية لتحقيق ذلك.

 

ونفى ووكر فكرة حدوث فوضى أو شغب فى عملية انتقال السلطة فى مصر، مؤكدا أن الأجهزة الأمنية المصرية على درجة عالية من النفوذ والقوة، والإجراءات معروفة ولا يمكن لأحد الاقتراب من سباق الرئاسة إلا إذا كان مقربا من دوائر معينة فى السلطة.

 

وقال إنه يعرف جمال مبارك عن قرب من خلال العمل معه فى برامج للإصلاح السياسى، ومن خلال أنشطة الغرفة الأمريكية بالقاهرة وإنه معجب به بشكل شخصى

 

وقال: «يبدو أنه شخص يفهم فى الاقتصاد ولديه مساندة قوية من دوائر رجال الأعمال وقد بدأ فى الشهور الأخيرة التقرب من الدوائر الأمريكية لكنى أرى أن هناك مقاومة إلى حد ما، لأن المصريين لا يريدون أن يروا سوريا أخرى فى مصر».

 

وفيما يتعلق بملف التوريث قال ووكر إنه إذا كان الرئيس مبارك راغبا فى الدفع بابنه فى الانتخابات الرئاسية فعليه أن يقوم بذلك وهو فى كرسى السلطة، لأنه بذلك سيجد مساندة شعبية وحكومية كبيرة، ومن دون ذلك فإن الناخبين المصريين سيذهبون فى اتجاهات مختلفة وستكون الكلمة الأخيرة فى يد الجهة التى تستطيع فرض النظام والاستقرار، وهى الجيش.

 

وقال ووكر إن جماعة الإخوان المسلمين ليست بالقوة التى يحاولون الظهور بها، مؤكدا أنه إذا لم يكن النظام السياسى المصرى مفتوحا لما نجح الإخوان فى اكتساب أى أرضية سياسية أو برلمانية أو شعبية، مشيرا إلى أن الإخوان لا يملكون أى فرصة للوصول إلى الحكم وأن لديهم انقسامات داخلية كبيرة ولا يوجد بينهم شخص مؤهل لهذا المنصب، وأضاف أن الأحزاب المصرية الأخرى ضعيفة وليست حقيقية وأنها أداة فى يد بعض السياسيين ورجال الأعمال.