خبر عنصرية رسمية .. هآرتس

الساعة 11:42 ص|19 يونيو 2009

بقلم: أسرة التحرير

"أنتَ تبدو حقا مثل عربوش حقيقي"، قال وزير الامن الداخلي اسحق اهرنوفتش لعميل شرطي خفي، في ضوء الميكروفونات المفتوحة والجمهور الغفير من رجال الشرطة والصحافيين. وبعد ذلك عندما اثارت اقواله جلبة، اعتذر وشرح بان هذه كانت مجرد مزحة، اسلوب حديث دارج على لسان الشرطة، دون نية لاهانة احد.

ومع الزمن يتبين أن لحكومة نتنياهو – ليبرمان يوجد تفوق في السخرية المريرة: وزراؤها، ولا سيما من اسرائيل بيتنا يعبرون على رؤوس الاشهاد، عما يهمس حتى الان في الغرف المغلقة ويزيحون الستار من على الانماط البشعة والمنفية.

ولكن هذه ليست مجرد كلمات. الكلمات تعبر عن موقف مغاير للانماط، تستخف وتتشدد تجاه العرب – مجرمين، او مشبوهين بجرائم خفيفة او جسيمة على حد سواء. سلوك الشرطة في احدث تشرين اول 2000، والتي حظيت بانتقاد شديد في لجنة اور، هي التعبير المتطرف، ولكن الجلي، عن هذا الموقف. منذئذ قتل 30 عربيا آخر من مواطني اسرائيل في صدامات مع الشرطة، ولم يفتح أي تحقيق خاص. ليس فقط في بادرة اخوة مقاتلين سارع اول أمس خمسة ضباط شرطة كبار للدفاع عن اهرنوفتش. فمن اعتاد على الاصبع الرشيقة على الزناد في القرى العربية يجد صعوبة في التأكيد في أن يفهم ما الخلل في تفوه واحد بائس.

اسرائيل لم تخترع الصلة المقلقة بين النعوت النكراء وبين العنف العنصري، والذي سرعان ما يصبح هو ايضا نمطا مقبولا. غير أن دولا اخرى تعلمت من التاريخ بان الكلمات هي مرآة امينة تعكس مزاجا خطرا. لا يمكن اليوم تصور سياسي في الولايات المتحدة يصف افريقي – امريكي بنعت منكر عنصري، بجدية ام بمزاح، ويبقى في منصبه او وزير فرنسي يدعو مواطنا من اصل عربي او يهودي باحد النعوت النكراء الدارجة على لسان عنصريي بلاده ويواصل تولي مهام منصبه.

في هذه الدول يتشدد التحقيق مع العنصريين بل واكثر من ذلك يوجد فيها اجماع قيمي يشجع التنديد الجارف بالنعوت العنصرية وبالعنف العنصري. في اسرائيل لم تتطور بعد الحساسية المناسبة للعنصرية، وردود الفعل على اقوال اهرنوفتش تنقسم بشكل تلقائي تقريبا بين اليمين واليسار، اليهود والعرب وفي ظل غياب نقاش حازم في ضروب العنصرية وبالتردي الخطير للمجتمع في اسرائيل، فان كل جانب يتمترس في مواقفه. عدوان فظ من جهة وادعاء بالطهارة السياسية من جهة اخرى – والجميع ينشغل بمشادة لفظية لا تتوغل لتصل جذر المشكلة.

في ضوء كل هذا يبرز في خطورته موقف الحكومة، التي بالصمت الصاخب لكل اعضائها، بمن فيهم وزراء العمل، تمنح اسنادا مرفوضا لاهرنوفتش واقواله. لا يزال ليس متأخرا: يمكن لرئيس الوزراء الان ايضا ان يقف امام الجمهور وامام حكومته وان يندد بحزم باسلوب الحديث هذا وبالمفاهيم المغلوطة التي تقف خلفها، واذا لم ينحِ اهرنوفتش – فليوبخه على الاقل. كل رد فعل آخر من جانب نتنياهو سيفسر كشرعية رسمية لمظاهر العنصرية الفظة تجاه المواطنين العرب في اسرائيل.