خبر انقلاب نتنياهو -هآرتس

الساعة 08:34 ص|18 يونيو 2009

بقلم: آري شبيط

 (المضمون: خطاب نتنياهو كان انقلابا بمفاهيم ومصطلحات الصراع وحلوله ودحرج الكرة بالملعب الفلسطيني والدولي - المصدر).

 

قبل اسبوع نشرت في هذه الصفحة صيغة الكلمات السبع: دولة فلسطينية منزوعة السلاح الى جانب دولة اسرائيل اليهودية. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تبنى الصيغة. في خطاب بار ايلان حولها الى حجر اساس لسياسة اسرائيل.

 ولكن نتنياهو اضاف اساسيين ذوي اهمية كبيرة للكلمات السبع: ضمانات دولية واعتراف فلسطيني. ضمانات دولية قوية بان تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، واعتراف فلسطيني واضح في ان اسرائيل هي دولة يهودية. الضمانة الدولية لتقييد سياسة فلسطين حسب وجهة نظره هي استكمال الضمانات الدولية التي طلبها هرتسل لاقامة دولة اسرائيل. بالمقابل الاعتراف بدولة الشعب اليهودي القومية والخطوة السياسية المطلوبة من الفلسطينيين حتى يبرهنوا بانهم قد قبلوا حق اليهود بالسيادة في ارض اسرائيل. سلام نتنياهو هو سلام ثلاثي الابعاد: اسرائيل تقبل بالدولة الفلسطينية والفلسطينيون يعترفون بالدولة اليهودية والاسرة الدولة تضمن بان لا تشكل الدولة الفلسطينية خطرا وجوديا على الدولة اليهودية.

ضمن مفهوم معين خطوة نتنياهو تنصب في مسار اريئيل شارون. رئيس الوزراء ادرك انه عالق في مسار الذبح وان الضغط الدولي يدفعه نحو زاوية العزلة. ولذلك مثل شارون في عام 2000، قرر الخروج من الزاوية واخذ زمام المبادرة. نتنياهو قبل فكرة مبدأ تقسيم البلاد بصورة مضبوطة حتى لا يفرض عليه تقسيم قسري لها. كما اقترح تسوية سياسية مؤلمة من اجل منع الانسحاب السريع والخطير الى حدود حزيران 67. بهذه الطريقة لفظ كلمة الدولتين المحظورة التي اقيم في الماضي على عدم ذكرها كدولة فلسطينية.

ضمن مفهوم اخر، خطوة نتنياهو تسير على طريق ايهود باراك هو مثل باراك في عام 2000 ادرك ان العالم واسرائيل لا يفهمون الغاية التي تقاتل اسرائيل من اجلها. كما ادرك نتنياهو مثل باراك ان اسرائيل في موقف دوني عندما يكون القتال دفاعا عن خط القتال والمستوطنات. لذلك قرر مثله نقل اسرائيل من منطقة متدينة الى منطقة مشرفة. ومثلما تحدى باراك الفلسطينيين في كامب ديفيد، تحداهم نتنياهو في بار ايلان. من خلال تركيز النقاش حول قضايا اللباب تسبب نتنياهو بعدم مرور خط الجبهة الاسرائيلي - الفلسطيني من خلال منطقة النمو الطبيعي للمستوطنات وانما من خلال قضية الوجود وحق وجود البيت القومي اليهودي.

ضمن مفهوم ثالث خطوة نتنياهو كانت خطوة على طريق اسحاق رابين. رابين قتل عندما آمن بان القدس يجب ان تبقى موحدة وان غور الاردن يجب ان يبقى بيد اسرائيل. رابين قتل وهو يؤمن بان التسوية الدائمة سترتكز على اقامة دولة فلسطينية موسعة. بعد خطاب بار ايلان اصبح رئيس الليكود ايضا مدمنا لان التسوية الدائمة سترتكز على اقامة دولة فلسطينية موسعة. بصورة هزلية ومأساوية، اصبح بيبي الكريه امتدادا لنهج رابين.

ورغم ذلك نتنياهو ليس رابين او باراك او شارون. ليس من المباي ذوو النزعة الامنية وانما سياسيا اصلاحيا. لذلك عندما وصل الى نقطته الانقلابية ايضا تصرف كرجل من رجال الصهيونية السياسية. كونه تلميذا صارخا لزئيف جابوتنسكي اجترح في هذا الاسبوع انقلابا سياسيا في المفاهيم. خلافا لاسلافه الثلاثة لم يحاول الدفاع عن اسرائيل من خلال تسويات أمنية ملتصقة بالارض وانما من خلال مبادىء سياسية نهضوية. وخلافا لهم لا يحاول الان هندسة تسوية عملية وانما يتطلع لاحلال سلام فوق اسس فكرية واضحة وراسخة. هو يتعامل مع التاريخ  اليهودي بعبقرية خلافا لهم ويصر على حقوق اليهود ومبدأ السيادة اليهودية.

من المحتمل ان ينجح ومن المحتمل ان لا ينجح. من المحتمل ان يقود الى السلام او ان يدهورنا نحو الحرب ولكن هناك مغزى انقلابيا في خطواته. نتنياهو لم يقم فقط بعمل شخصي شجاع بل احدث انعطافة فكرية عقلانية. من خلال صيغة الكلمات السبع غير الجدل حول الصراع من اساسه. ومن خلال ذلك طرح تحديا غير مسبوق امام الشعب الفلسطيني والاسرة الدولية. بعد خطاب بار ايلان اصبحت المسألة المطروحة على جدول الاعمال العالمي ما الذي سيفعله الفلسطينيون والعرب والاوروبيون والامريكيون من اجل ضمان عدم انتهاء الانسحاب الاسرائيلي الكبير بكارثة، ولم يعد يتمحور حول موعد ومكان انسحاب الإسرائيليين.