خبر رؤيا الدولتين .. الشرط الزائد .. يديعوت

الساعة 08:11 ص|17 يونيو 2009

بقلم: أ. ب يهوشع

منذ اكثر من 42 سنة، منذ حرب الايام الستة، مجموعة صغيرة جدا من الناس في اسرائيل وليسوا جميعهم من معسكر اليسار بالذات، تحمل عالم الاعتراف بفكرة تقسيم ارض اسرائيل الى دولتين – اسرائيلية وفلسطينية كحل اضطراري للنزاع الاسرائيلي – العربي.

فكرة الدولتين رفضها معظم الاسرائيليين، وكذا الفلسطينيين. وهكذا، على مدى السنين سأل الاسرائيليون انفسهم ببراءة: من هم في واقع الامر الفلسطينيون الذين يستحقون دولة؟ والفلسطينيون من جانبهم قالوا – ان اليهود في واقع الامر هم مجرد طائفة دينية متناثرة في كل العالم، فلماذا تستحق طائفة دينية دولة؟

مياه كثيرة تدفقت في كل الانهار في العالم الى أن بدأ الاعتراف بالحل الاخلاقي، السياسي والعملي للدولتين يتسلل الى الساحات السياسية والايديولوجية في اسرائيل وفي اوساط الفلسطينيين على حد سواء. صحيح أن الاعتراف اللفظي لم يخلق بعد دولة فلسطينية والافعال على الارض في احايين قريبة وضعت مصاعب اخرى في وجه تحقق الفكرة. ولكن اللغة الجماهيرية بدأت تعتاد على التعبير، سواء لدى الاسرائيليين او لدى الفلسطينيين، والاطراف التي تبنت "رؤيا الدولتين" حظيت بتأييد واعتراف سياسي على المستوى الدولي.

بعد بيرس، رابين وباراك من حزب العمل، وصلت ايضا البادرات الاولى من الليكود – تسيبي لفني، اولمرت وشارون وها هو الان يصل من قلب القلعة الايديولوجية لليمين بنيامين نتنياهو ايضا بحيث أنه يمكن التهنئة: حسن متأخر على الا يكون ابدا.

كلنا نعرف أن السبيل الى تحقيق الفكرة مليء بالعراقيل والالغام، ولكن بين الشروط  المسبقة التي طرحها رئيس الوزراء في خطابه في بار ايلان توجد هناك شروط حيوية واخرى زائدة تعقد الوضع الاشكالي والمعقد بما فيه الكفاية.

تجريد الدولة الفلسطينية من السلاح الثقيل والمتطور هو شرط ضروري، محق وحيوي. وحتى مصر الكبرى والمستقلة وافقت على حكم التجريد لشبه جزيرة سيناء والقيود على التسلح والتزويد العسكري مفروضة منذ عشرات السنين على دول كبيرة وهامة كاليابان، المانيا والنمسا.

كما أن الشرط الذي يرفض توطين اللاجئين الفلسطينيين داخل اراضي دولة اسرائيل هو شرط معقول، منطقي ومحق. فما معنى عودة ملايين اللاجئين الى داخل اراضي دولة غريبة عليهم في طابع ورموز وقومية معظم سكانها؟ الى البيوت والاراضي التي لم تعد قائمة عمليا؟ وهؤلاء اللاجئون يمكن توطينهم في وطنهم فلسطين، بين ابناء شعبهم، تحت علم فلسطين وسيادة فلسطينية على مسافة 30 حتى 35 كم فقط من البيوت والاراضي التي تركوها او طردوا منها قبل اكثر من ستين سنة.

ولكن الشرط الذي طرحه رئيس الوزراء بشأن الاعتراف الفلسطيني بحق الشعب اليهودي لاقامة دولة او بوجود قومية يهودية، هو شرط زائد. برأيي من الزائد الذي لا داعي له الطلب من الفلسطينيين الاعتراف بقومية شعب تاريخي ابن الاف السنين، دولته تقيم علاقات دبلوماسية مع اكثر من 150 دولة. مثل هذا المطلب لم يطرح كشرط للسلام لا مع مصر ولا مع الاردن، وهو يضع عائقا لا حاجة له. يكفي بالتأكيد الطلب من الفلسطينيين الاعتراف بشرعية دولة اسرائيل فيما يعرف الجميع ما هي الهوية الاقليمية والسياسية لهذه الدولة. ونحن ايضا من جانبنا سنعطي اعترافا ليس للشعب الفلسطيني بل لدولة فلسطينية سيادية ومستقلة في حدود 1967.

مسألة ماهية القومية اليهودية معقدة اكثر حتى لليهود انفسهم، والقومية اليهودية هي كيان ليس واضحا على الاطلاق من ناحية ديمغرافية. كما أن حقيقة أن يهودا كثيرين يحسبون انفسهم يهودا بناء على رأيهم فقط وليس بناء على قوميتهم، تخلق صعوبة اخرى في تعريف الشعب اليهودي.

الفلسطينيون يرفضون اعطاء هذا الاعتراف بدعوى انهم بذلك يعقدون وضع الاقلية الفلسطينية في اسرائيل، وهذا ايضا سبب وجيه للتخلي عن الامر. العلاقات بين الاغلبية اليهودية والاقلية الفلسطينية داخل الدولة هي شأننا فقط، وهو شأن حساس بحد ذاته، وعليه فلا اعتقد أنه يجب اشراك الفلسطينيين من خارج اسرائيل في هذه المسألة.

على مدى اكثر من ستين سنة نجحت الاغلبية والاقلية في اسرائيل في الحفاظ على تعايش محتمل، صمد باحترام نسبي في جحيم الارهاب والاحتلال اللذين عربدا حولهما. ومع حلول السلام، نأمل جميعنا في أن تتعمق العلاقات بين الاغلبية والاقلية حول المواطنة الاسرائيلية المشتركة.

المفاوضات على اقامة دولة فلسطينية ستكون على أي حال مليئة بالمشاكل والعراقيل. فهيا نركز على حل المشاكل الاساس – التجريد، المستوطنات، الحدود واللاجئين ونترك لواقع السلام الحقيقي حل المسائل الدينية والتاريخية.