خبر أحمد سعدات .. مسيرة نضالية حافلة لم تستطع عنجهية الاحتلال أن توقفها

الساعة 06:15 ص|17 يونيو 2009

فلسطين اليوم : نابلس والوكالات

لم يكف الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات عن مقارعة المحتل الإسرائيلي من خلف قضبان أسره، استكمالاً لمسيرته النضالية الممتدة لمدة أربعين عاما في مناهضة الاحتلال للأراضي الفلسطينية.

ولم يكن قرار الإضراب عن الطعام تسعة أيام الذي أطلقه سعدات من بين جنبات عزله الانفرادي المفروض منذ ثلاثة أشهر، على وقع الذكرى الثانية لحصار قطاع غزة، سوى تلميح بظروف الأسر القاهرة، وتلويح باستمرار مسار الكفاح المسلح إلى حين دحر الاحتلال وتحرير الأرض والوطن.

غير أن دعوات سعدات المتواترة للمصالحة والوحدة الوطنية، والتي ما انفك القائد الراحل جورج حبش يرددها حتى أواخر أيامه، لم تجد صداها حتى الآن، بانتظار ما ستسفر عنه جلسات الحوار الوطني المقررة نهاية الشهر الحالي في القاهرة.

وتتماهى نضالات الأسير سعدات المعتقل بحكم ثلاثيني أصدرته محكمة الاحتلال بزعم ضلوعه في قتل الوزير الإسرائيلي اليميني المتطرف المناصر "للترانسفير" رحبعام زئيفي العام 2001، مع عبارات المقاومة والصمود التي لا تنفك كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، الذراع العسكري للجبهة، عن ترديدها استلهاماً لتاريخ زعيمها الراحل حبش.

ولا تتمايز كثيراً المقاربة ذات العلاقة للتاريخ النضالي لسعدات عن المسيرة النضالية لقادة الجبهة ومحركي مسيرتها، كحال كل من اختط النضال سبيلاً وطريقاً لدحر الاحتلال وتحرير الأرض والوطن، مع الأخذ بالاعتبار اختلافات الرؤى والاعتقادات.

فعلى امتداد مسيرة نضالية تشارف على النصف قرن إلا بضع سنين، تقترب من تأريخ عمر نكبة فلسطين المحتلة، كرس سعدات كأبرز الشخصيات الوطنية الفلسطينية حياته من أجل قضيته، فشهد إرهاصات النكبة لاجئاً وعاصر تداعياتها مناضلاً، مؤمناً بالهوية العربية وبحتمية الانتصار وهزيمة المشروع الصهيوني على الأرض الفلسطينية العربية.

وقد اختط سعدات طريقه النضالي مبكراً فآثر عيش بواكير شبابه على جبهات النضال وبين صفوف الكفاح المسلح بعدما اختبر طفلاً أولى إرهاصات مظاهر الاحتلال الإسرائيلي حينما شردت آلته العدوانية عائلته من قرية دير طريف، مع 900 ألف لاجئ آخرين، إلى فضاءات اللجوء والتشرد في مدينة البيرة ليكون لاجئاً في وطنه فلسطين.

وقد عاش أحمد سعدات عبد الرسول طفولته في مدينة البيرة، التي ولد فيها عام 1953، كشاهد على ممارسات قوات الاحتلال الصهيوني، فأنهى دراسته حتى تخرج من معهد المعلمين في مدينة رام الله العام 1975 تخصص رياضيات. وقد التحق سعدات بصفوف العمل الوطني في إطار العمل الطلابي منذ نعومة أظفاره بعد العدوان الإسرائيلي عام 1967، فانضم إلى صفوف الجبهة الشعبية عام 1969.

اعتقل سعدات أكثر من مرة بسبب نشاطه الوطني، وكانت المرة الأولى في شهر شباط (فبراير) عام 1969 حيث اعتقل لمدة ثلاثة أشهر، ولم تمض شهور قليلة حتى أعادت سلطات الاحتلال اعتقاله للمرة الثانية في نيسان (إبريل) العام 1970 وأمضى 28 شهراً في سجون الاحتلال. فيما أعتقل للمرة الثالثة في آذار (مارس) العام 1973 وأمضى عشرة أشهر، ومن ثم أعيد اعتقاله للمرة الرابعة في أيار (مايو) 1975 لمدة 45 يوماً، وفي أيار (مايو) عام 1976 اعتقل للمرة الخامسة وحكمت محاكم الاحتلال عليه بالسجن مدة أربع سنوات.

لقد تقلد سعدات مسؤوليات متعددة ومتنوعة داخل السجون وخارجها، وانتخب عضواً في اللجنة المركزية العامة للجبهة في المؤتمر الرابع العام 1981، وفي المؤتمر الوطني الخامس العام 1993 أعيد انتخابه لعضوية اللجنة المركزية العامة والمكتب السياسي أثناء وجوده في المعتقل الإداري، كما أعيد انتخابه لعضوية اللجنة المركزية العامة والمكتب السياسي في المؤتمر الوطني السادس عام 2000.

وتولى سعدات عضوية لجنة فرع الجبهة الشعبية في الوطن المحتل، وأصبح مسؤولاً لفرع الضفة الغربية منذ العام 1994. وإثر إقدام حكومة الاحتلال على اغتيال القائد الوطني أبو علي مصطفى، تداعت هيئات الجبهة الشعبية لانتخاب أمين عام للجبهة، فانتخبت سعدات بداية تشرين الأول (أكتوبر) العام 2001.

وفي الخامس عشر من كانون الثاني (يناير) العام 2002 أقدمت السلطة الفلسطينية على اعتقال سعدات تنفيذاً لإملاءات وضغوط الحكومة الإسرائيلية إثر قيام الجبهة الشعبية بتصفية رحبعام زئيفي في تشرين الأول (نوفمبر) 2001، وقد نقل سعدات ورفاقه ممن تتهمهم إسرائيل بتصفية زئيفي في الأول من أيار (مايو) 2002 إلى سجن أريحا تحت وصاية أميركية – بريطانية، فيما سُمي في حينه صفقة المقاطعة إثر عملية "السور الواقي"، وفي السادس والعشرين من آب (أغسطس) 2002 أعلن سعدات إضراباً مفتوحاً عن الطعام احتجاجاً على استمرار حجزه في سجون السلطة الفلسطينية.

كما أقدمت قوات الاحتلال على اعتقال عبلة سعدات زوجة القائد سعدات أثناء سفرها إلى الأردن في 21 كانون الثاني (يناير) 2003. بينما أصدرت المحكمة العليا الفلسطينية في 3 حزيران (يونيو) 2003 قرارا بالإفراج عن سعدات الا أن القيادة الفلسطينية لم تمتثل للقرار واستمرت في اعتقاله، فما كان من سعدات أن أعلن في 15 آب (أغسطس) 2004 الإضراب عن الطعام مرة ثانية دعماً واسناداً لانتفاضة الأسرى في سجون الاحتلال، الذين أعلنوا اضرابا مفتوحاً عن الطعام.

غير أن قوات الاحتلال قامت في 14 آذار (مارس) 2006 على اختطاف سعدات ورفاقه من سجن اريحا في عملية خاصة هاجمت من خلالها السجن واعتقلتهم في سجونها، ومن ثم اصدرت محكمة الاحتلال في 25 كانون الأول (ديسمبر) 2008 حكماً بالسجن 30 عاما على سعدات، الذي يصر دوماً على عدم اعترافه "بالمحكمة التي تستند إلى القوانين البريطانية الصادرة العام 1945، وتصنف بأنها اسوأ من النازية التي ارتكبت جرائم لكنها لم تضع قوانين لتشريع ارتكاب الجرائم".

لقد آمن سعدات دوماً " بإرادة الشعب الفلسطيني وبحركته السياسية والوطنية ومقاومته، كما يطالب دوماً "بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وأراضيهم التي تشردوا منها بفعل العدوان الإسرائيلي عام 1948"، ويؤكد على ضرورة "استمرار النضال والكفاح من أجل دحر الاحتلال وتحرير الأرض والوطن ونيل الحقوق".