خبر عندما تتعلق « أم شادي » بأحد الأسرى المفرج عنهم.. تعجز الأقلام

الساعة 11:36 ص|15 يونيو 2009

عندما تتعلق "أم شادي" بأحد الأسرى المفرج عنهم من سجون المحتل.. تعجز الأقلام!

فلسطين اليوم- غزة (خاص)

لم تتمالك نفسها فأخذت تجهش بالبكاء أمامه وتلح في أسئلتها عليه، ولم تنفك عنه حتى سمعت منه كل أخبار وتفاصيل حياة ابنها حتى أنها دعته لزيارتها في منزلها لكي تشعر بوجود ابنها الحاضر الغائب بين أرجاء المنزل الذي غاب عنه منذ سنين.. مشهد جمع بين والدة الأسير شادي أبو الحصين والأسير المحرر عادل الدبجي الذي أفرجت عنه قوات الاحتلال الإسرائيلي قبل أيام.

 

فبينما كان الدبجي يتنقل بين أهالي الأسرى القابعين في سجون المحتل والذين تجمعوا في مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمدينة غزة، أطلق بصوته "شادي كان معي بالسجن" عندما رأى صورة شادي تحملها والدته التي اتخذت لها مكاناً بعيداً اعتادت على الجلوس فيه كل اثنين.

 

وما إن سمعت والدة شادي هذه الكلمات من الدبجي حتى تشبثت به، وأخذت تسأله عن شادي وتفاصيل حياته في السجن وعن صحته، حيث يشكو من بعض الأمراض في صدره، وعن معاملة إدارة السجون الإسرائيلية له ولزملائه في السجون والتي تزايدت حدتها في الآونة الأخيرة.

 

أما الدبجي فكان يحاول طمأنة والدة شادي عن صحته، ولم ينسَ أن لا يذكر أمامها سوى ما يسعد قلبها ويطمأنها على ابنها، واعداً إياها بزيارتها في منزلها ليحدثها أكثر عن شادي ويثلج صدرها بذكر تفاصيل ومواقف كانت تجمعهما.

 

الأسير المحرر الدبجي (32 عاماً) من سكان خانيونس أفرجت عنه قوات الاحتلال قبل أيام بعد أن كان معتقلاً في سجن النقب الصحراوي، لم يخف في حديثه لـ"فلسطين اليوم" سعادته عندما يلتقي أهل أي أسير ويطمئنهم على ابنهم الأسير، ليؤكد أن اللحظات التي تجمعه بأهل أي أسير تجعله أكثر سعادةً بحريته التي نالها بعد سنوات في سجون المحتل.

 

وتحدث الدبجي عن معاناة الأسرى في سجون الاحتلال خاصةً أسرى قطاع غزة والتي كان أشدها حرمانهم من زيارة ذويهم منذ 3 سنوات، وتضييق الخناق عليهم بمنع مستحقاتهم وفرض الزي البرتقالي عليهم، ومصادرة أغراضهم وإهمالهم طبياً وعدم تقديم العلاج المناسب لهم.

وأكد الدبجي أن مستوى التضامن مع الأسرى ومساندة المؤسسات الحقوقية والمعنية بالأسرى لا ترتقي وحجم معاناة ومشكلة الأسرى في سجون الاحتلال، مطالباً الجميع بالعمل من أجل الوقوف بجدية بجانب الأسرى وذويهم، وتفعيل سبل التضامن معهم، والأهم من ذلك كله الوحدة وإنهاء الانقسام الذي أثر على الأسرى.

 

والدة أبو الحصين مازالت تنظر للدبجي وكأنها ترى صورة شادي فيه، أو كما قالت لـ"فلسطين اليوم" "أشم رائحة شادي في الدبجي فهو من جلس بجانبه سنوات حرمت أنا منه"، فشادي معتقل منذ رمضان 2003، وترك وراءه طفليه (شهد وشهاب).

 

وأضافت أبو الحصين، أنها لم تستطع أن تحتفل بالعيد مع شادي فقد اعتقلته قوات الاحتلال في شهر رمضان، ولم يتبق على حكمه سوى سنة ونصف، لكنها تشعر أن كل يوم فيها بسنة كاملة، مشيرةً إلى أنها لم تتمكن من زيارته بسبب منع قوات الاحتلال لها كونها لبنانية وحصلت على الهوية الفلسطينية مؤخراً.

 

وطالما حلمت أم شادي بدخول ابنها عليها فجأةً وكم تخيلت أنه بين أحضانها تتحدث إليه وتشكو همه، قائلةً :" في بعض الأحيان يحدثني عبر الهاتف وأشعر أنني أمتلك الدنيا بأكملها بهذه الدقائق القلائل التي يحدثني بها ولا أستطيع سوى الدعاء لله كل ليلة بأن يجمع كل أم بابنها لأن ألم الفرقة صعب".

 

ولم تكن قصة أم شادي والدبجي الوحيدة، فكل الأسرى الذين تفرج عنهم قوات الاحتلال يكونون صلة الوصل بين الأسرى وذويهم بعد أن قطعت إسرائيل كل سبل التواصل بين الأسرى وذويهم، حيث يقومون بتوصيل الرسائل لهم وطمأنتهم على حياة أبنائهم مما يسعد أهالي الأسرى.

 

يشار إلى أن إسرائيل تمنع زيارات الأسرى وخاصة أسرى قطاع غزة منذ ما يقارب الثلاث سنوات متتالية، حيث أن قلقاً كبيراً يساور أهالي الأسرى على أبنائهم في ظل استمرار تشديد الخناق عليهم والانتهاكات بحقهم.

 

من ناحيته، أكد رأفت حمدونة مدير مركز الأسرى للدراسات، أن منع الأسرى من الزيارات أحدث نقصاً حاداً في احتياجاتهم الأساسية كالملابس والأحذية والأغطية، وأن إدارة السجون تفرض على الأسرى شراء هذه الاحتياجات من الكانتينة وبأسعار باهظة الأمر الذي يضاعف من معاناتهم.

 

وناشد حمدونة، المتخصصين والباحثين والمؤسسات الرسمية والأهلية والجمعيات الحقوقية والمنظمات المتضامنة مع الأسرى والداعمة لهم لمساندة الأسرى في قضيتهم واستئناف زياراتهم وفقاً للمواثيق الدولية التي حفظت لهم هذا الحق.