خبر انعطافة أيديولوجية .. هآرتس

الساعة 08:46 ص|15 يونيو 2009

بقلم: الوف بن

رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، قام في خطابه أمس بانعطافة ايديولوجية في مجالين هامين. اولا، وافق على فكرة الدولة الفلسطينية كأساس لتسوية سلمية بعد ان عارضها بحزم على مدى سنوات طويلة. بعد نحو ثماني سنوات من اريئيل شارون، ينضم نتنياهو ايضا الى الاجماع الدولي على مبدأ "دولتين للشعبين" كوصفة لانهاء الصراع الاسرائيلي الفلسطيني. وهو لم يعط هذا الاعتراف لتسيبي لفني في المفاوضات الائتلافية، ووافق عليه فقط تحت ضغط كبير من الرئيس الامريكي براك اوباما.

نتنياهو وضع سقفا عاليا للاعتراف بالاستقلال الفلسطيني. فهو يطالب الفلسطينيين بان يعترفوا باسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي. ليس بمفهوم "دولة يهودية" بل بالصلة وبحق الشعب اليهودي في السيادة في البلاد. كما أنه يطالب بان يتم حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين بكاملها خارج اسرائيل. بتعبير اخر كشرط للدولة يطالب نتنياهو الفلسطينيين بالتخلي عن أسس فكرتهم الوطنية – التي تصفهم كشعب سلبه حقه في أرضه التاريخية غزاة يهود استعماريون بأسناد من القوى العظمى الغربية. ثانيا، نتنياهو طلب ان تضمن الولايات المتحدة الترتيبات الامنية المستقبلية في المناطق وان تشرف عليها، كي لا تتحول الدولة الفلسطينية المرشحة الى "حماستان". وهكذا يكون المح بمرابطة جنود امريكيين في معابر الجدود بل وفي اراضي الدولة الفلسطينية من اجل حماية اسرائيل من تهديد وجودي. في الماضي عارض نتنياهو بحزم مرابطة جنود امريكيين على طول حدود اسرائيل خشية ان يؤدي الامر الى ضعضعة العلاقات مع الولايات المتحدة في حالة اصابة هؤلاء الجنود فيلقى الذنب على اسرائيل. التسوية الأمنية التي يقترحها نتنياهو كانت التجديد الاساس الذي عرضه في خطابه أمس. اسرائيل مستعدة لان تتنازل عن سيطرتها في معابر الحدود الفلسطينية، اذا ما فعلت امريكا ذلك بدلا منها. في نظر نتنياهو، اذا، لا يمكن لاسرائيل ان تدافع عن نفسها بقواها الذاتية اذا ما انسحبت من الضفة الغربية. اذا ابقت المنطقة للفلسطينيين، النتيجة ستكون صعبة على التحمل: صواريخ وقاذفات صاروخية على تل ابيب ومطار بن غوريون.

للمستمع الاهم بالنسبة له، براك اوباما، نتنياهو اعطى انجازا لفظيا باستجابته للدولة الفلسطينية. ولكن رسالته الحقيقية لاوباما كانت، مواقفي تمثل الاجماع الاسرائيلي ولا يمكنك ان تضغط علي. معظم الجمهور اليهودي مستعد لان يؤيد "دولتين" ولكن فقط اذا ما حموه من صواريخ حماس وأوقفوا التحريض ضده. انت يا اوباما، تعهدت بأمن اسرائيل؟ فلتتفضل، تعال للاشراف على التجريد الفلسطيني. نتنياهو رد الرواية التاريخية التي عرضها اوباما في خطابه في القاهرة وكأن دولة اسرائيل اقيمت بسبب الكارثة. ورد مطلبه بتجميد المستوطنات، ولكنه ترك يدا مفتوحة للمفاوضات مع الامريكيين في هذه المسألة. وهو لم يذكر خريطة الطريق، التي تحفظ عليها منذ عهد شارون، وذلك بالاحرى كي لا يلزم نفسه بكل بنودها وتفاصيلها. اوباما سيتعين عليه ان يقرر، اذا كان ما اعطاه اياه نتنياهو أمس كافيا كي يضغط على أبو مازن ليوافق على استئناف المفاوضات – ام ينبغي ممارسة جولة اخرى من الضغوط ولي الذراع على رئيس الوزراء.