خبر أصغوا أيها القادة .. معاريف

الساعة 08:45 ص|15 يونيو 2009

بقلم: يوآف بورمر

كان مواطنو لبنان اوائل من استجابوا لبراك اوباما، رئيس الولايات المتحدة. فبعد ثلاثة أيام من خطبته التاريخية في جامعة القاهرة، قالوا مقالة لا لبس فيها في الانتخابات في دولتهم: لا للمتطرفين، نعم للاعتدال. فعل الناخبون في بلد الارز ما طلبه منهم اوباما، لكن السؤال الاكبر هو هل سيختار الزعماء أنفسهم في لبنان خاصة وفي الشرق الاوسط عامة المضي في آثارهم.

خصص جزء كبير من خطبة أوباما في القاهرة بتقوية الأنا الاسلامية: فقد ذكر أوباما باسهام الدين الاسلامي في تطور الانسانية بشيء من حقنة تشجيع خطابية، كانت ترمي الى التعويض من الشعور بالنقص التاريخي. لكن حينما عاد وتحدث أوباما عن المكانة المساوية للحضارة الاسلامية في الخط نفسه الى جانب الحضارة الغربية، لم يكتف بتذكير المسلمين بحقوقهم فحسب بل عرض عليهم الواجبات ايضا. "بنفس قدر رؤيتي كرئيس للولايات المتحدة واجب محاربة التفكير النمطي الذي يمس بالاسلام، أتوقع ان ينطبق المبدأ نفسه عليكم"، قال.

كانت الرسالة واضحة: لم يتوجه أوباما الى السكان فقط بل تحدث الى الزعماء في الاساس. فأوباما يريد زعماء من طراز جديد، أينما كانوا في المجتمع المدني او الديني او الثقافي او الاقتصادي. من أجل تحقيق "تلك البداية الجديدة" في الشرق الاوسط، لا يكفي الكلام. هذا ما قاله لنا الرئيس الامريكي في الحقيقة. يجب على أحد ما أن ينهض وأن يعمل أيضا. إن شئتم، مد أوباما يده الى العالم الاسلامي مؤملا ان يوجد أناس ينهضون ليردوا عليه لفتته.

اعتاد كارل ماركس وأشياعه في اليسار اعتقاد ان التغييرات السياسية تحدث معتمدة على قوى تاريخية اقتصادية. وهم يرون أن الثورات نتاج محتوم لعلاقات القوى الاجتماعية وفيها الانسان الفرد بلا أي دور.

اعتقد رومانسيو القرن التاسع عشر اعتقادا مختلفا. فقد آمنوا خاصة بقوة الفرد على القيادة، وتحطيم المسلمات، وتهشيم الاساطير، والامساك بعنان التاريخ وأخذه الى مكان لم يجرؤ الى المضي اليه من قبل. في العمل المحتذى للفيلسوف اليهودي الامريكي سدني هوك، "عن مكانة البطل في التاريخ" (1943)، بحث جذور الثورة الروسية وبين مقدار كون شخص واحد، زعيم حقيقي قادرا على ان يصوغ بيديه حياة اولئك الذين يحيطون به اجيالا متعددة.

في الحقيقة ان أوباما ليس رومانسيا، لكنه يفهم التاريخ فهما جيدا ويعي ان كل تغيير مهم حدث في الشرق الاوسط الحديث – لاسوأ او لاحسن – كان نتاج زعامة حقيقية. سواء أكانت تلك ثورة الضباط الاحرار لـ عبدالناصر، التي حررت القومية العربية من قيودها في 1952؛ او اتفاقات السلام التي عقدها أنور السادات مع اسرائيل في 1978؛ او الثورة الاسلامية للخميني بعد ذلك بسنة واحدة.

نجح زعماء أصحاب رؤيا فقط في اختراق حواجز التراث التي تلقي بظل ثقيل على الشرق الاوسط منذ مئات السنين، وفي دفع دول المنطقة نحو بداية جديدة. ان اكثر زعماء العرب المؤثرين اليوم مرهقون من الوضع. فهم بلا أي خيال سياسي ويريدون بما أوتوا من قوة الحفاظ على الوضع القائم. يفهم أوباما ذلك. ويحترم ذلك. لكنه بالقدر نفسه عالم أيضا بأن الشرق الاوسط لا يستطيع أن يستمر على العيش في الماضي. فهو محتاج احتياج يائس الى زعمامة مختلفة، شجاعة ذات حضور قوي وخلاقة.

أو بعبارة أخرى، بدأ الرئيس الامريكي يفهم ان الشرق الاوسط محتاج الى براك اوباما خاص به.