خبر إن أردتم فهذه أسطورة.. هآرتس

الساعة 09:22 ص|14 يونيو 2009

بقلم: تسفي بارئيل

قبل عشرة أيام أخذونا للقيام بنزهة في بلاد العجائب. رئيس الولايات المتحدة حدثنا حكاية لم يحدثها أي رئيس امريكي من قبل. هو لم يطرح خطة او أية عروض او خرائط او طرقا. شخص طويل القامة نحيف الجسم أسود البشرة نسج أمامنا أسطورة عجيبة. وعدنا بأن يكون كل شيء على ما يرام وانه سيتحدث مع ازعر الحارة الايراني وينظم الامور وانه لن يخيفنا. هو سيصالح الفلسطينيين ويقرب اليد الاسرائيلية من اليد العربية. اوباما قال ان السلام الاقليمي هو سلام بين الاسلام والغرب وان مسيرة الاشقاء والشقيقات ستسير قدما نحو الافق.

اليوم سنسمع اسطورة اخرى من الحكايات. رئيس وزراء اسرائيل سيحدثنا عن كيفية الالتفاف على الحكاية الامريكية. هو سيوضح لنا كيف يمكن الحفاظ على بقائنا خلال سنوات حكم الساحر الواشنطي الثمانية، هذا الذي يبيعنا الاحلام ويعدنا بان الحلم الاسرائيلي هو الذي سيحافظ على بقائه.

أحقا؟ اسطورتان ليستا في الشيء الكبير. وهما حتى لن تضاهيا مستوى الحكايات التي تروى للاطفال قبل النوم. فما الذي تتضمنه الحكاية الامريكية؟ صحيح ان التطبيع سيحدث بين اسرائيل والدول العربية وان راية اسرائيل سترفرف فوق العواصم العربية من صنعاء مرورا بالخرطوم وحتى بغداد ودمشق. وصحيح ان الخضروات والفواكه الجليلية ستصدر الى لبنان ودبي وان الفنانين المصريين سيشاركون في اسبوع الطرب الشرقي في يافا وحافلات مكيفة ستنطلق في كل ساعة  دوارة من محطة كريات شمونه نحو دمشق مرورا بمرج عيون وبعبدا. مشجعو فريق الزمالك في مصر سيشتمون لاعبي بيتار القدس والقاضي البحريني الذي يميل لصالح اليهود.

هذا ما يقولونه لنا في عهد السلام الموعود. ولكن ليس أوباما هو الذي صور السلام بهذه الطريقة وانما خيالنا الموجه. لانها الطريقة الاكثر ضمانة لتقليص السلام والتنازل عنه. تفكيكه الى اجزاء صغيرة مجزأة واضفاء "الثمن الهائل" على هذا الجزيء. فلافل في دمشق مقابل حائط المبكى. الحكاية التي سيرويها نتنياهو اليوم سيتعامل معنا وكأننا كبار. كبار يفهمون ان الاحلام المجانية غير قائمة. السلام يبدو رائعا في واجهة العرض ولكن عندما نقرب وجوهنا من الواجهة سيكون بامكاننا ان نرى الصندوق الذي يسجل الثمن وكذلك سلم التسعيرة المتدرج.

السفر الى دمشق سيتطلب التنازل عن خطوط الباصات الى جملا وهاردوف التي ستستقبل الباصات السورية فقط. اما مقابل لعبة كرة قدم في القاهرة فسيتوجب علينا ان نلغي السفريات الى معاليه افرايم ونوكاديم وميغرون ويتسهار – هذه الرحلات لن تتواصل بعد ذلك. وان كنا قد دفعنا قرابة 10 مليارات شيكل مقابل اجلاء 7 الاف مستوطن من غزة فكم سيكلفنا اخلاء 200 الف يهودي من المستوطنات في فلسطين (على افتراض ان كتلا استيطانية معينة ستبقى على حالها)؟ اضافة هائلة من المستوطنين الذين سيحجون نحو اسرائيل ستجر الى ارتفاع ثمن العقارات والسوق سيدخل في حالة غليان. كتائب الجنود الذين سيتسرحون من الحاجة لحراسة وحماية المستوطنات وسفريات الاطفال في المستوطنات سيصبحون عاطلين عن العمل وطرف ما سيضطر بالتأكيد للدفع للاجئين الفلسطينيين ايضا مقابل التنازل عن حق العودة.

نافذة الفرص ليست مكونة من معطيات حول الصادرات للدول العربية او ثمن الاخلاء في المستوطنات او الفلافل في دمشق او التنازل عن قبر يوسف. الفرق بين مشروع اوباما وبين رد نتنياهو يكمن في مكان اخر. اوباما يقترح علينا مسارا سنتمكن في ختامه من التحرر من الخوف اما نتنياهو فيعتبر الخوف ذخرا وكنزا. اوباما يقترح انقلابا في اسلوب حياتنا ونتنياهو مجبول على هذا الاسلوب. نحن نعيش داخل الاحتلال منذ 42 عاما وما زلنا نسمي فلسطين "المناطق" وكأنها عقارات فارغة. كل الاسرائيليين الذين لم يجتازوا سن الاربعين لا يعرفون واقعا اخر. كما ان ابناء الخمسين يعرفون شيئا ما عن الاحتلال من الكتب. الطلاب على ثقة ان عوفرا وكفار سابا موجودتان في دولة اسرائيل وان هضبة الجولان مسجلة على اسمنا في التوراة. الاحتلال تحول من "وضع" الى دي ان ايه، والاحاديث حول السلام تحولت الى نظرية لم تبرهن عن نفسها بعد. تماما مثل النقاش حول الفرقعة الكبرى.

ليست زحزحة المستوطنات او الانسحاب من الجولان هما لب العقبة وانما نهج الحياة والعادة والمفاهيم المكرسة والخوف الذي يبرر كل شيء – كل هذه الامور هي التي يشكل اوباما تهديدا لها. ونحن نفضل حلم الفرص الذي لا يتحقق والقائد الذي يحرص على بقائنا دائما في حالة الحلم. الان سنشبك ايادينا ونرتكز للوراء في حالة اصغاء وترقب لبيبي. وهو يعرفنا تماما.