خبر خطاب حياتنا.. هآرتس

الساعة 09:20 ص|14 يونيو 2009

بقلم: جدعون ليفي

هذا العنوان مستعار من العنوان الذي اطلقه زميلي يوسي سريد على خطاب براك اوباما النهضوي وليس هناك ما هو اكثر منه ملاءمة لخطاب اليوم. رئيس وزراء اسرائيل سيحدد في هذا المساء الجهة التي ستسير فيها الدولة. هذه فرصة العمر التي لن تتكرر.

اللحظات التي يمكن فيها لشخصية واحدة ان تغير مسار التاريخ قليلة. لن يكون هناك اوباما آخر ولن تكون هناك فرص سلمية عربية اخرى، مثل هذه الفرص تسنح كل بضعة اجيال. وعندما تظهر مرة اخرى سيكون الوقت متأخرا ووضع اسرائيل سيء بدرجة لا توصف. اوباما قد يفقد اهتمامه والعالم العربي قد يصاب باليأس ولن تكون في صفوفه قوى اكثر اعتدالا:- بعد كل شريك استبعدوه ظهر على الدوام شخص أكثر منه تطرفا. كل تأجيل سيكون في هذه الحالة مصيريا وكل محاولة للمماطلة وتضييع الوقت وارضاء الامريكيين بالرفض والنفي ستكون قاتلة فتاكة. بنيامين نتنياهو سيحدد مصيرنا في هذه الامسية:- هل نتوجه نحو (60) عاما اخرى من اراقة الدماء والقتل والعزلة الدولية والعيش على أسنة الحراب، ونهم العقارات وابقاء ابناء الشعب المجاور تحت احتلال وحشي لا رحمة فيه ام اننا نسير نحو بداية جديدة واستنهاض للمشروع الصهيوني كله.

اية كلمات عالية تقال لن تضاهي اهمية الامور التي سيقولها نتنياهو في هذا المساء في جامعة بار ايلان. في آخر اليوم – اسرائيل سترد:- السلام او الحرب:- الانخراط في المنطقة او مواصلة تهديدها، الانضمام لاسرة الشعوب المتحضرة او اتباع نموذج جنوب افريقيا، مواصلة الصداقة الحاسمة مع الولايات المتحدة او القضاء عليها. في هذا المساء يمكن ان تنتهي حرب نهضة اسرائيل بانتصار كبير وفي المقابل ربما تندفع من جديد بكل قوتها وعنفها على طريق هزيمة اسرائيل. الخطاب يبقى خطابا، ونتنياهو هو نتنياهو فقط ومع ذلك فالعيون شاخصة والنفوس على اهبتها: هل سيولد عندنا الليلة شارل ديغول ام فردريك ويليام دي كلارك الاسرائيلي أم أن بيبي صغير مرة اخرى. هل سترى اسرائيل ما يرونه في العالم كله ام انها ستبقى على عماها ورفضويتها.

فرصة التغيير ضئيلة الى معدومة، الاصوات التي ترددت حتى الان تنذر بالسوء. في يوم الاربعاء التقى نتنياهو مع ديفيد غروسمان وايال مغاد في محادثة مطولة. الكاتبان خاطبا قلب نتنياهو وحاولا اقناعه بالسير على طريق عظائم الامور وهو كان يسجل ملاحظات في دفتره الشخصي بين الفينة والاخرى. هذه كانت خطوة مبشرة بالخير لولا حقيقة ان سجله الشخصي حافل بالملاحظات السيئة الاخرى وليدة البيع والشراء الغامض، ماذا سيقول بوغي وماذا سيدعي بوغي وما الذي سيرغب به كتسالا وما الذي سيسكت حوطوبلي.

كان على نتنياهو ان يبعد الجميع عنه وان يلقي خطاب العمر الذي هو خطاب حياتنا وفقا لنواياه العملية الحقيقية وحدها. لان هذا الخطاب سيقاس بما سيأتي من بعده:- خطاب هرتسليا التأسيسي الذي القاه شارون جر من ورائه خطة عمل حازمة او خطاب اولمرت المنسي في هرتسليا الذي كانت من ورائه كلمات خاوية فقط. لن تجدي اية ذريعة ائتلافية نفعا فاعمال القادة تقاس بطريقة اخرى. الكأس تمتلىء بعشرة درجات تسعة منها تحمل الفرص والعاشرة تنطوي على المخاطر:- فهل سينتخب مرة اخرى ام يتدحرج في منزلق المخاطر؟

الخطاب النهضوي قد يؤدي الى يقظة التيار المركزي في المجتمع:- وان لم يستيقظ فلن يسفعه اي خطاب شيئا. ليس رئيس وزراء وحده بل المجتمع كله سيردان في هذا المساء مختارين:- السلام او الحرب. هذه فرصة نتنياهو التي لا تتكرر لمعانقة التاريخ، ليس كمؤرخ مثل والده وانما كصانع للتاريخ. يقوم تلاميذ الوالد بدراسة اعماله. وهل سيلقي ابن المؤرخ خطاب ترهيب آخر ام سيفاجئنا بخطاب الأمل؟ لا حاجة للمستشارين والخبراء والاقتباسات من العهد القديم والقرآن المقدس. ولا حاجة للعبارات المنمقة او التشبث الملتوي بـ "خريطة الطريق" ولا التطرق لمحرقة ايران كذلك. هذه هي اللحظة لقول امور بسيطة حتى الألم:- الاحتلال الاسرائيلي سيصل الى نهايته عما قريب، المستوطنات ستتفكك وستقوم مكانها دولتان لشعبين. بضع كلمات ستفتح بوابة ضخمة امام اسرائيل. فلتفتح لنا هذه البوابة يا نتنياهو في لحظة اغلاق البوابة.