خبر مهزلة مع فيل وفأر.. هأرتس

الساعة 09:18 ص|14 يونيو 2009

بقلم: يوسي فيرتر

قبل اقل من 24 ساعة على خطاب بار – ايلان كان من الصعب امس ايجاد شخص واحد في الساحة السياسية، من اليمين او اليسار، يعتقد أن نتنياهو سيلقي هذا المساء خطابا يشق الطريق، بحجم خطاب فك الارتباط لشارون في مؤتمر هرتسيليا، او خطاب سديه بوكر لاولمرت من فوق قبر بن غوريون. التقدير السائد هو أن نتنياهو سيحاول ايجاد نقطة التوازن المتملصة بعض الشيء التي توازن بين حاجته السياسية لاستمرار ولاية الائتلاف وبين توسيع مجال المناورة السياسية لديه حيال الرئيس اوباما. الصيغة السحرية التي تسمح له بالانطلاق نحو طريق سياسي، ولكن مع اسناد سياسي داخلي، وبقدر لا يقل اهمية، جماهيري.

اذا كان هذا بالفعل هو هدف نتنياهو، فانه سيضطر الى أن يظهر هذا المساء كفاءات فائقة في الشقلبة. ولكن اذا كان مثل سلفيه اختار المفاجأة والتغيير في خطاب واحد الواقع في الشرق الاوسط فهو لا شك سيفاجىء حتى نفسه. لدى شارون واولمرت كانت هناك مؤشرات مسبقة على التغيير المتوقع. ولكن لدى نتنياهو لا توجد كهذه ولم تكن. واذا كانت، فانه يؤسفنا ان تكون فاتتنا.

حتى قبل ان يلقى الخطاب، يبدو الامر منذ الان كالمهزلة؛ الحدث الذي دولة بكاملها وغير قليل من الزعماء في العالم يعدون الساعات بانتظاره، اصبح في عدة ايام مثابة عجينة حزبية – تفرغ سياسي - علاقات عامة - احابيل اعلامية، سميكة وهائجة على افضل ما في الثقافة السياسية الاسرائيلية في اسوأ حالاتها. وهذا يشبه بقدر اكبر الاتصالات الائتلافية من الاعداد لاختراق سياسي: نتنياهو تشاور مع ايلي يشاي وايهود باراك، زبولون اورليف وليبرمان، وامس آخر خطوة محتمة في هذا الكونسرت هو اللقاء مع الرئيس. وبين هذا وذاك، يدعو بيبي اليه "مفكرين" اصبحوا جزءا لا يتجزأ من السياسة الاسرائيلية – وهذه المرة ليسوا عاموس وعوز و أ. ب يهوشع الخالدين، بل دافيد غروسمان وايال مجيد. فمن أجل ماذا بالضبط دعاهم رئيس الوزراء؟ ماذا للكاتبين والخطاب السياسي؟ هل طلب نتنياهو مشورة ادبية ام ببساطة رفع شارة "النصر" في بند "المفكرين" الى جانب بند "كتلة الليكود": حوتبيلي ودانون، غروسمان ومجيد، وشيمون ايضا. هذا هو، يمكن الانطلاق على الدرب.

المهزلة المتدحرجة هذه حصلت على طابع التسويغ النهائي عندما اندلع من اجهزة الراديو صوت النائب زبولون اورليف من "البيت اليهودي" الا وهو المفدال رحمه الله. بعد لقاء مع بيبي توجه اورليف نحو الميكروفونات وعلى لسانه تصريحان: "خرجت متشجعا اكثر مما دخلت" كان هذا التصريح الاول. اما الثاني فاطلق تهديدا لنتنياهو في أنه اذا ما تجرأ على ان يلمح باي تلميح سلمي، فان المفدال سيرى ذلك بعين الخطورة ومثابة "اجتياز خطوط حمراء". يا لها من دراما! حزب هامشي، بحجم ثلاثة مقاعد، في عصر اورليف تلقى ضربة انتخابية تلو الاخرى الى ان كاد يشطب تماما في الانتخابات الاخيرة، يحذر نتنياهو من ضربة ذراعه. تماما مثل النكتة عن الفأر والفيل.

او الوزير يشاي، رئيس شاس، الذي هو الاخر خرج من اللقاء مع نتنياهو اول امس وعلى لسانه القول: "ينبغي الامتناع عن المواجهة مع الامريكيين، ولكن ينبغي الحفاظ على مبادئنا" (أي، البناء كالمجانين في المستوطنات ومعارضة كل مبادرة سياسية مثلما فعلت شاس في العقد الاخير).

أمس كان ممكنا ملاحظة اشارات اولية من خيبة الامل المضبوطة في محيط ايهود باراك. فلم تعد هناك الاعلانات السابقة من جانب باراك عن نتنياهو من أنه "اقرب الى بيغن منه الى شمير" (على فرض الا يكون قصد بيني بيغن)، بل تقديرات محسوبة عن الخطاب الذي سيلقيه هذا المساء، "ستقال امور ستكون اساسا معينا للتقدم. ما العمل"، اشار مقربو باراك، "سيكون هذا خطاب نتنياهو في بار ايلان، وليس خطاب باراك في ميدان رابين". باراك نفسه لن يستمع الى الخطاب. فهو سيقلع بعد الظهر الى الصالون الجوي في لابورجيه قرب باريس. فعندما سيتحدث نتنياهو سيكون باراك بين السماء والارض. كان يسره ان يتلقى من نتنياهو، قبل دقائق من الاقلاع نسخة محفوظة للخطاب وان يقرأه في اثناء الطيران. قد يمنحه نتنياهو هذه البادرة وقد لا.

في كل الاحوال، واضح للجميع ان هذا المساء في 20:35 تقريبا، عندما سينزل نتنياهو من المنصة في قاعة "بيغن – السادات"، هذا لن ينتهي. بل يبدأ فقط. المسألة هي ماذا سيبدأ.