خبر المهزلة الفارسية.. معاريف

الساعة 09:17 ص|14 يونيو 2009

بقلم: البروفيسور دافيد منشري

(خبير في الشؤون  الإيرانية)

ادعاءات الاصلاحيين، وعلى رأسهم مرشحهم الى الرئاسة مير حسين موسوي، قاطعة، لا هوادة فيها وتحتج على فوضى بحجم غير مسبوق وبنبرة لا ذكر لها في ايران. ايران دخلت في معمعان غير بسيط، فيما يقف على جانبي المتراس "ابناء الثورة" – تلاميذ آية الله الخميني.

الاشخاص الذين يفترض ان يهدئوا الروع وأن يثبتوا استقرار الوضع (وبالاساس الزعيم الاعلى اية الله خامنئي، رئيس المجلس المقرر للمصلحة الرسمية رافسنجاني ورئيس مجلس المراقبين جناتي) أصبحوا بانفسهم يتماثلون مع هذا التيار او ذاك. في اثناء كتابة هذه السطور تتخذ خطوات شديدة لتثبيت مفعول النتائج من قبل معسكر احمدي نجاد – وبالتوازي اعمال حازمة للتشكيك فيها، بما في ذلك مظاهرات في العاصمة طهران.

والى ذلك تبرز الفجوة بين احتفال بدء الحملة الانتخابية والذروة المضادة التي هبط اليها في الغداة. في الاسابيع الماضية شهدنا بوادر خطوة تشبه الديمقراطية، بما في ذلك كرنفال انتخابي زاهر، مناظرات تلفزيونية، منشورات في وسائل الاعلام، مظاهرات شوارع كبيرة ويافطات ضخمة. فقاعة ديمقراطية في نظام يقوم على أساس أولوية حكماء الشرعية. ولكن كان واضحا ان هذه هي فقط القشرة الخارجية لواقع أكثر تعقيدا بكثير. كانت هذه خصومة ايديولوجية، سياسية وشخصية بين معسكرين، مع الكثير من الدم الفاسد، النقد الشخصي وضربات تحت الحزام. أكثر من 700 شخصية تقدموا بترشيحهم للرئاسة ولكن اربعة فقط اقر ترشيحهم "مجلس المراقبين" (الذي يحق له رفض الترشيح دون اعطاء سبب). وحرمت النساء من هذا الحق على الاطلاق.

المؤسسات غير المنتخبة (الزعيم الاعلى، الحرس الثوري، "مجلس المراقبين" و"مجلس الخبراء") ساندت بشكل واضح الرئيس القائم. ومن جهة اخرى وقف مجتمع مدني هائج يسعى الى التغيير ويبحث عن أمل متجدد. ولما ادار ممثلو الاصلاح الكثيرين اقدامهم عن صناديق الاقتراع في انتخابات 2001 وانتخابات 2005، فانهم هذه المرة اجتاحوها بجموعهم، وذلك فقط كي يقفوا مندهشين في ضوء النتائج الرسمية.

للوهلة الاولى، في طريقة الحكم السياسية التي يسيطر فيها حكيم الشريعة فان للانتخابات الرئاسية معنى محدود للغاية. الرئيس ليس رئيس الدولة وهو خاضع للزعيم الاعلى. ومع ذلك، فان الرئيس مخول بأن يقود خطوات وهو يتمتع بقرب شخصي من الزعيم الاعلى. في ضوء ارتفاع مستوى الاستياء الجماهيري والانتقاد اللاذع على احمدي نجاد (وبالاساس في مجال السياسة الداخلية، ولكن ايضا في مجال السياسة الخارجية المتطرفة والتصريحات بشأن نكران الكارثة)، برز التوق الى التغيير في اوساط قطاعات آخذة في الاتساع.

انتخاب براك اوباما للرئاسة في الولايات المتحدة ومده اليد للحوار شجع الكثيرين في ايران على تأييد سياسة اكثر اعتدالا. بالنسبة للكثيرين، يبدو موسوي اكثر ملائمة لعصر اوباما وعملية الحوار. نتائج الانتخابات ستجعل من الصعب على اوباما دفع خططه الى الامام على المدى القصير، ولكن حتى احمدي نجاد يمكنه ان يكون شريكا في الحوار، اذا ما شعر بان هذا يخدم المصلحة الوجودية للنظام الثوري ويلقى التشجيع من الزعيم الاعلى.

وفي هذه الاثناء، بدأت الحماسة الايرانية الداخلية قبيل خطابه اليوم. المهزلة الفارسية تشكل ارضا خصبة، على الاقل في المدى الفوري، لتأكيد مزاعم اسرائيل بالنسبة للتهديد الايراني. في هذه الاثناء الكرة موجودة في الملعب الايراني، وفقط بعد انتهاء الاضطرابات سيكون ممكنا ان نرى الى اين تبحر السفينة الايرانية.