خبر ليبرمان من اليسار، بيغن من اليمين .. يديعوت

الساعة 10:40 ص|12 يونيو 2009

بقلم: ناحوم برنيع

نقل عن افيغدور ليبرمان في هذا الاسبوع انه قال بأن مشكلة اسرائيل رقم 1 في العالم اليوم هي صورتها السلبية. القارؤون في اسرائيل ضحكوا، والقارؤون في عواصم اوروبا والولايات المتحدة ضحكوا ايضا. ليبرمان هو الصبي الذي قتل والديه وبعد ذلك صرخ قائلا ارحموني انا يتيم.

هو يعتبر معتدلا في سياق الائتلاف الحالي، يساري تقريبا. المسطرة التي تقسم الائتلاف الى اثنين الان هي مسألة، ان يتوجب على نتنياهو ان يقول في خطابه يوم الاحد عبارة "الدولتين". ليبرمان وباراك يقولان له، قلها، بيني بيغن وبوغي يعلون يقولان له لا تقولها بأي شكل من الاشكال. نتنياهو معلق في المنتصف بين هؤلاء وبين أوباما، بين الرؤية التي جلبها من بيته الى موقعه كرئيس للوزراء بين ميوله ورغباته. مثل هذه المعضلات هي جزء من نصيب كل رئيس للوزراء. ولكن الادوار تبدلت في هذه الحكومة: اليسار برئاسة ليبرمان وباراك ينطلق من الافتراض بان المفاوضات لن تقود الى اي اتفاق، هذا بينما يعتقد اليمين بان الاتفاق ممكن. هذه مجرد لعبة، يقول ليبرمان وباراك. فلتلعبها. الامريكيون سيصفقون لك والشعب سيحبك.

هذا لعب بمستقبل الدولة، يقولان له بيغن ويعلون. إن قلت هذه العبارة فهذا يعني انك دخلت الى مسار المذبح. ان لمست المفتاح انطلقت بك الرحلة.

"هذه مجرد كلمات" قال نتيناهو عندما سئل في ختام لقائه مع رئيس الولايات المتحدة عن رأيه بشعار الدولتين للشعبين. ربما لا افسره بالطريقة الصحيحة، ولكن يبدو لي ان نتنياهو قلق من شيء ما أكثر اهمية من الكلمات. هو يعرف انه من اللحظة التي ستشرع فيها المفاوضات ستدب فوضى عارمة داخل الليكود. السؤال لن يكون حول ماذا تنازل وانما حول ماذا جرى الحديث. كان بامكان اولمرت ولفني ان يتداولا بالسر مع ابو مازن وابو العلاء حول القدس وحول مسار الحدود وحق العودة. حزبهما لم يكن واقفا لهما بالمرصاد. نتنياهو سيغتبط ان تسنى له عقد لقاءات مجاملة مع أبو مازن. ولكن من اللحظة التي سيعلن فيها عن بدء الانتخابات ستبدأ الاسئلة والاحتجاجات والتسريبات الاستقالات. رئيس الكنيست روبي ريفيلين ينوي تفعيل البند 31 أ من النظام الداخل للكنيست اثر خطاب نتنياهو في بار ايلان وعقد جلسة نقاش للبرلمان حول الخطاب.

نتنياهو لا يرغب بالمفاوضات. ليس بسبب الاخذ وانما بسبب الرد. بسبب بيني بيغن.

الخطابات التاريخية هي خطابات مكرسة لاحداث التغيير والانطلاقة. نتنياهو اختار نوعا اخر من الخطاب: خطاب محامي الدفاع امام هيئة المحلفين. موكلي بريء من التهمة سيقول لهم نتنياهو. هو لم يرتكب ما ينسبونه له نواياه طيبة وهو ينشد السلام فلتبرئوه من فضلكم.

وان لم تبرئوه فلتعطوه على الاقل عنوانا جيدا مع صورة جميلة احتفالية واقتباسات جيدة من الخطاب فهذا ما يتوقعه اغلبية المحامين الكبار.

التعايش مع الذرة

الجميع يعرفون ان الشعب قد تزحزح في السنة الاخيرة يمينا. التزحزح نحو اليمين ينعكس من خلال تركيبة الكنيست والحكومة والمواقف التي تبنتها حكومة نتنياهو في الاشهر الاولى من منصبها الا ان ذكرها الامريكيون بوجودهم.

هذا صحيح: الشعب تزحزح يمينا. السؤال هو كم تزحزح ولماذا وكيف. معهد ابحاث الامن القومي المجاور لجامعة تل ابيب اجرى منذ 1985 استطلاعا سنويا حول مواقف الجمهور في قضايا الامن القومي. هذا استطلاع مهم كرست له الجهود بما في ذلك زيارة منازل المستطلعين. في هذه السنة جرى الاستطلاع في شهر ايار.

عضو الكنيست سابقا من المفدال يهودا بن مئير الذي عين مسؤولا عن الاستطلاع من قبل المعهد يقول ان الانزياح يمينا ليس دراماتيكيا. الجمهور يأس من احتمالية حدوث التسوية ولكن ان طرحوا عليه تسوية في صبيحة الغد فسيتلقفها بكلتا يديه. 53 في المائة من الجمهور يعتقدون ان على الجمهور ان توافق على اقامة دولة فلسطينية في اطار الاتفاق الدائم. هذا انسحاب بنسبة 2 في المائة بالمقارنة مع استطلاع 2007. 63 في المائة يؤيدون حل الدولتين للشعبين.

في المقابل هبطت نسبة المؤيدين للانسحاب احادي الجانب حتى الجدار الامني. 43 في المائة فقط مستعدون لتسوية دائمة مقابل 57 في المائة معارضين. النهج احادي الجانب على طريق شارون فقد سحره.

في عام 2007 حصلت حرب لبنان الثانية على علامات سيئة جدا: 77 في المائة اعتقدوا ان الحرب انتهت بالتعادل او بانتصار حزب الله بينما قال 23 في المائة انها كانت انجازا لاسرائيل. الردود على سؤال مشابه بصدد عملية غزة، كانت معاكسة: 74 في المائة تحدثوا عن انتصار لاسرائيل 32 في المائة عن تعادل و 4 في المائة فقط اعتبروها انتصارا لحماس.

من الممكن المجادلة حول حقيقة هذه التقديرات. الامر الواضح ان عملية غزة امتلكت علاقات عامة افضل من حرب لبنان.

ربما كان الرد الاكثر اثارة من قبل المستطلعين في المسألة الايرانية. سألوهم كيف سيؤثر حصول ايران على السلاح النووي على حياتكم.

80 في المائة قالوا ان حياتهم لن تتغير. 9 في المائة قالوا انهم سيفكرون بالانتقال للسكن في منطقة اخرى. 8 في المائة سيبحثون عن امكانيات عمل في الخارج و 3 في المائة سيهاجرون من البلاد.

هذه الامور وردت من اجل لفت نظر المواطن القلق بنيامين نتنياهو.

فلتكونوا علمانيين

جمال خاشوغي محرر صحيفة "الوطن" وكبير الصحافيين في السعودية رجل ذو قسمات وجه عالية يرتدي جلبية ناصعة البياض ويرتدي كوفية بيضاء مترامية الاطراف على الكتفين. لحيته قصيرة مبيضة. نظاراته سميكة. عندما قابلته في يوم الخميس الماضي، عندما كنا في انتظار للمقابلة المشتركة مع براك اوباما، سألته ان كان يوافق على مصافحة يدي. وقال أجل فلا مشكلة في ذلك. مصافحته كانت جافة وموضوعية من دون عرق. حاولت تجاذب أطراف الحديث الصحفي معه. قلت له هناك مصريون كثيرون لم يكونوا راضين من بدء زيارة اوباما عندكم في الرياض وليس عندهم. هذا عادي، قال لي. العلاقات بيننا وبين المصريين على ما يرام.

كما ان هناك اسرائيليون كثيرون لم يكونوا راضين قلت له. الرئيس يزور الرياض والقاهرة ولكنه لا يزور القدس. الصحفي السعودي قال لي ان اسرائيل ليست جزءا من العالم الاسلامي.

ولكن لدينا تجمع سكاني اسلامي كبير بما يكفي قلت له.

انتم لا ترغبون بالمسلمين عندكم، رد علي. ان كانت اسرائيل ترغب بان تكون جزءا من هذا العالم فعليكم ان تتوقفوا من ان تكون يهودا.

ماذا هل تريدنا ان نغير ملتنا؟ لا قال لي. فلتكونوا اسرائيليين وليس يهودا. كونوا علمانيين قال الصحفي السعودي.

ابتسمت. انت لا تسمع في كل يوم نصيحة كهذه من سعودي. ربما يجدر بكم انتم ان تكونوا علمانيين قلت لزميلي السعودي.

جمال خاشوغي ذكر في المقالة الصحفية التي نشرها في صحيفته انه اجرى مقابلة مع صحافي اسرائيلي. مع ذلك حرص في الصورة المشتركة مع اوباما على اخراجي من الصورة.

كنا ثمانية، سبعة مسلمين ويهودي واحد او بتعريف اقل فئوية، مصريان وسعودي واحد ولبناني واحد وفلسطينية واحدة واندونيسي واحد وماليزية واحدة. البيت الابيض اختارنا – او اختار صحفنا – للجلوس ساعة من الزمن مع أوباما مع خطابه الكبير في جامعة القاهرة. وكما كان متوقعا تقاربنا أنا والفلسطينية فورا. وفاء عمر تقطن في رام الله وتعمل فيها. الاندونيسي محرر صحيفة "تيمبو" بانبانغ هاريموتي بدل بطاقات الزيارة بسرور. ومثله الماليزية شهناز حبيب مراسلة صحيفة "ستار".

ولكن وجودي كان للمصريين صعبا جدا وكذلك للبناني سركيس نعوم. الصحفي السوري الذي دعي للقاء الغى مشاركته. احد المصريي كان فهمي هويدي الصحفي المقرب من الاخوان المسلمين الامر الذي اثار دهشة وزارة الخارجية المصرية عندما علمت بان البيت الابيض قد دعاه. هذا كان بالنسبة لهم دليلا على الجهل والسذاجة الامريكية. هو جلس طوال الخطاب بجواري منتفخا ومعذبا. في اخر المطاف تنازل عن المقابلة واختفى. بعد ذلك كتب مقالة وبخ فيها الامريكيين.

في بيت عزاء

الصحيفة السعودية "الشرق الاوسط" التي تصدر في لندن تحدثت عن المصاعب في مقالة طويلة مفصلة ودقيقة جدا حسب اعتقادي. مراسلتنا سميدار بيري ترجمت اجزاء منها. هذه الاجزاء مخصصة لكل من يعتقد في واشنطن او هنا ان التطبيع بين اسرائيل والعالم العربي سهل وتلقائي.

"الامريكيون" كتبت الصحيفة السعودية، "اختاروا صحفيين مصريين، حفاظا على كرامة الدولة المستضيفة واختاروا عن قصد امرأتين ضمن المدعوين. الرئيس تزود مسبقا بسيرة كل واحد من الصحافيين وتعليمات حول كيفية لفظ اسمه. الامريكيون افترضوا ان المدعوين حساسين للطريقة التي تلفظ فيها اسماءهم.

"الامريكيون عرفوا مسبقا ان الجلوس معا بوجود اسرائيلي هو مسألة حساسة. هم سألوا كل واحد من السبعة ان كان وجود الاسرائيلي يشكل مشكلة له. الهدف كان تجنب الاحراج ومنع اثارة الشكوك مسبقا بصدد دوافع الرئيس.

"وبالفعل كان هناك احراج وارباك. هم اعتبروا ذلك محاولة من اوباما للدفع نحو التطبيع من قبل دول تقاطع اسرائيل وخصوصا المثقفين.

"الصحفيون تحادثوا فيما بينهم. كانت خسارة بالنسبة لهم ان يفقدوا عنوانا صحفيا هاما. مليارد مسلم ينتظرون الخطاب. وهم بالتأكيد سيتساءلون حول ما قاله الرئيس بعد ذلك. مثل هذه الفرصة لا تتسنى لهم كل يوم.

"الامريكيون طلبوا منهم الحفاظ على السرية: عدم ذكر الدعوة امام اي احد. السرية عللت بالدوافع الامنية.

المصري فهمي هويدي قرر الانسحاب. هو ادعى انه لم يعرف بامر وجود المراسل الاسرائيلي انسحابه اربك الامريكيين جدا هو لم يكن جاهزا للتطبيع ولا حتى مقابل اجراء مقابلة.

"السؤال المقلق كان ما الذي يفعله الاسرائيلي هناك. رد الامريكي كان ان هناك مسلمين في اسرائيل. هذا لم يكن جوابا مقنعا.

"مع ذلك قرر اخرون البقاء. جمال خاشوغي قال لقد جئت كصحافي. اهدار للفرصة خسارة. ليس في هذا الحدث اي نوع من التطبيع ولو طلبوا منا نشر بيان مشترك لتصرفت بصورة اخرى ولكننا قررنا القيام بعملنا والانسحاب هو خطوة غير مهنية.

"هويدي اختلف معه. وجود الاسرائيلي هو محاولة للقول بان اسرائيل هي جزء من المنطقة وهذا جارح".

مجدي الجلاد الصحفي المصري الثاني هو محرر صحيفة "المصري اليوم" الصحيفة الاكثر نجاحا في القاهرة. هو كتب حول اللقاء بابتهاج ولم يخف مشاركين ولم يجمل الامور التي قيلت. تأثره بأوباما كان مفرطا. "هو ينظر الى عينيك مباشرة وهو يتحدث معك" ويتوجه اليك وكأنكما صديقان من الطفولة. هذه كانت الساعة الاهم في حياتي المهنية.