خبر لا حوار والضفة ملاحقة ..مصطفى الصواف

الساعة 05:54 ص|11 يونيو 2009

لا حوار والضفة ملاحقة ..

مصطفى الصواف

التقى السيد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بمدير الملف الفلسطيني لدى الحكومة المصرية اللواء عمر سليمان في القاهرة، بناء على دعوته لمشعل الاثنين الماضي، والتي تهدف مصر من ورائها إلى إحياء فكرة الحوار بعد أن أطلق عليها السيد محمود عباس النار في محاولة للتخلص من الحوار وتبعاته، مما حدا بمصر إلى دعوة فتح وحماس، كل على انفراد في محاولة إلى رأب الصدع الذي قد ينهي جولات الحوار.

 

حركة حماس يبدو أنها تتمتع بمرونة عالية وعندما وجهت الدعوة لمشعل لزيارة القاهرة لم تتشنج، ولم ترفض لأن مصر لم ترسل الدعوة لمحمود عباس، قائد حركة فتح، طالما أن مصر دعت رئيس المكتب السياسي لحماس، أي أنها دعت الشخصية الأولى لحماس، في ذات الوقت وجهت الدعوة لحركة فتح دون الطلب من أبي مازن بالحضور، و أرسل الوفد برئاسة قريع ولا ندري عند أي رقم يقف قريع في قيادة حركة فتح، وكان بإمكان مشعل رفض الدعوة وتكليف أي من قيادات حماس لترأس الوفد وكلهم عدول و ينطق من موقف واحد، إلا أنه آثر الذهاب حتى يؤكد للمرة الألف حرص حماس على إنجاح الحوار وجديتها في ذلك رغم دماء الضفة النازفة على أيدي أجهزة عباس الأمنية بقيادة الأمريكي "دايتون".

 

ما تسرب من معلومات في اللقاء الذي جمع عمر سليمان، الوزير المصري حامل الملف الفلسطيني، والأستاذ خالد مشعل وعلى مدار ساعات أربع أو أكثر، لم تختلف فيها المواقف والطروحات قبل دخول مشعل مكان اللقاء، وكما دخل خرج، ولم يكن هناك اختراق  في موقف حماس، وبقيت مصر عند مواقفها المتمثلة في محاولة الضغط على حركة حماس.

 

الصورة واضحة وليس بحاجة إلى معجزة، وليس حماس التي يجب ممارسة الضغط عليها حتى تلين مواقفها، فعندما يقول مشعل في القاهرة: إن العقبة الكئود التي تواجه المصالحة ما يجري في الضفة، لأن ما يجري في الضفة من اغتيال وملاحقة واعتقال وتعذيب ومداهمات لمنازل المواطنين على أيدي أجهزة عباس التي يقودها دايتون يجب أن تتوقف وتنتهي ويفرج عن كل المعتقلين وتفتح الجمعيات والمؤسسات ويعود الناس بكل أطيافهم لممارسة قناعاتهم ونشاطاتهم بكل أشكالها وأنواعها، عندها يمكن التفكير بالحوار والمصالحة، وأن من يقوم بممارساته في الضفة هو الذي بحاجة إلى الضغط ومصر وسليمان يعلمون بالأمر ورغم ذلك يتجهون نحو الطريق الخطأ عندما يحاولون الضغط على حماس.

 

المقاومة حق للشعب الفلسطيني، رضيت أمريكا  وعباس و(إسرائيل) والرباعية العربية أو رفضوا، فهذا لم يغير في الأمر شيئاً، لأن هذا الحق ليس منة من أحد بل حق أقرته كل القواميس والقوانين والأعراف، لأن قانون المحتل هو المقاومة، وشعب احتلت أرضه ودياره وطرد منها لن يقبل إلا بالمقاومة من أجل استرداد الحقوق، والشعب الفلسطيني ليس بدعة بين الأمم، التي احتلت وحررت أرضها بالمقاومة واسألوا التاريخ.

 

نجح دايتون اليوم أو عباس في ملاحقة المقاومة وإعدام المقاومين واعتقالهم، فهذا لا ينفي أن الشعب الفلسطيني سيعود لمقاومته في وقت لاحق، رغم قناعاتنا أن هذه الأعمال الإجرامية لن تثني الشعب الفلسطيني عن قانون المقاومة، وسيلاحق الاحتلال ومن ينوب عنه من أجهزة دايتون - عباس.

 

القاعدة لدى حماس، المصالح الفلسطينية، كما أكد عليها مشعل وكل قادة حماس ومتحدثيها سواء في موضوع المصالحة أو السلام في المنطقة أو مشاريع السلام التي طرحت والتي يعد لطرحها من قبل إدارة أوباما الجديدة والتي بدأت بالخطاب المتأسلم لأوباما والعاطفي وما سيأتي من بعده من خطة أوباما للسلام.

 

ومن هنا نقول لأوباما ولدول الاعتدال أو الممانعة وللعالم كله بأن أي مبادرة أو مشروع سلام أو خطة تتجاوز حقوق الشعب الفلسطيني ومصالحه لن يكتب لها النجاح، والغريب أن هؤلاء جميعا لا يتعلمون من التاريخ، حتى القريب منه، هناك عشرات المشاريع والخطط والاقتراحات لحل الصراع الفلسطيني الصهيوني وجميعها باءت بالفشل وكان آخرهم مؤتمر أنابوليس وهذا الفشل سينجر إلى تكملة أنابوليس في موسكو والذي تدعو إليه روسيا والذي اتفق عليه في أنابوليس، فإذا رأس أنابوليس فشل فكيف بالذيل؟ هل يتوقع له النجاح؟.

 

نعيد ونكرر أن كل محاولات الجانب المصري التي جرت والتي ستجري إذا بقيت على ما هي عليه من طروحات ومواقف، ودون أن تكون منطلقة من مصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه لن يكتب لها النجاح, وننصح أن تبقى المحاولات بعيدة عن الارتهان إلى المواقف الأمريكية أو الصهيونية أو شروط الرباعية الدولية أو العربية.

 

ما لم تكن الأجندة المتعلقة بالحوار فلسطينية فلن يكتب لهذا الحوار أي نجاح، وما يجري في الضفة عنوان هذه الأجندة المفروضة على جلسات الحوار، فلذلك جاء مشعل أو رفض عباس المجيء تحت عنوان الحوار، ضغطت مصر أو هدد سليمان بفرض اتفاق، فالحوار لن يكتب له النجاح.

 

نقول ذلك ونحن تعتصر قلوبنا ألماً، لأننا نريد إعادة اللحمة للصف الفلسطيني، لأن فيها متانة للموقف وتصميداً للشعب، لأن الوحدة أساس الصمود وقوة للمواجهة والطريق الصحيح نحو تحصيل الحقوق، دون ذلك مع الأسف هو مزيد من إضاعة الوقت وإتاحة الفرصة للعدو لتنفيذ سياسة الأمر الواقع والتسريع في مخططاته تجاه تهويد القدس ومصادرة أراضي الضفة وتوسيع الاستيطان.

 

ونقول لمصر مرة أخرى، لا تستعجلوا ولا تركبوا الرؤوس، ولا تفرضوا على أحد اتفاقاً إذا كنتم حريصين على إنهاء الانقسام والوصول إلى مصالحة فلسطينية، والنجاح مرهون بحقوق ومصالح الشعب الفلسطيني، وليس عبر حل الدولتين ولا عبر تضييع الحقوق التاريخية والدينية والسياسية، توافق ذلك مع رغبات عباس أو تناقض مع حماس، الأساس رد الحقوق وطرد الاحتلال.

 

لا تضيعوا الوقت وتجاوزوا الواقعية وسياسة الأمر الواقع، فلن يكون هناك إلا حل واحد، إنهاء الاحتلال لفلسطين، وعودة المهجرين إلى ديارهم وإقامة الدولة الفلسطينية بكامل ترابها، قلنا ذلك مرارا وسنقوله تكرارا، لأنه كما يقولون :" التكرار يعلم الشطار"، لا مصالحة والضفة ملاحقة.