خبر أوباما: الرجل، وليس الظروف .. إسرائيل اليوم

الساعة 08:34 ص|10 يونيو 2009

بقلم: يوسي بيلين

كثير من الحبر سكب (لمن على الاطلاق يوجد حبر، ومن يسكبه؟) في مسألة ماذا يغير التاريخ البشري – الرجل أم الظروف.

كثير من الكتابات كتبت عن موشيه وبار كوخبا وهيرودوس ونابليون. سألنا أنفسنا الى أي مدى فعلوا هم الافعال ذات الاهمية، خيرا كان ام شرا والى أي مدى كان الواقع هو الذي املى تطورا معينا في نهايته كان سيحدث في كل الاحوال في ظل أي زعيم.

وها هو، يوم الخميس الماضي جاء في القاهرة جواب قاطع للسؤال. انه الرجل، وليس الظروف.

***

امريكا ذاتها التي انتخبت جورج بوش، والتي كان بوسعها أن تنتخب جون ماكين او هيلاري كلينتون انتخبت بالذات، خلافا لكل التوقعات براك اوباما وهكذا في مجرد انتخابها للرجل، غيرت سير التاريخ. ما كان يمكن لاي رئيس آخر ان يلقي خطابا كهذا جالبا خلفيته الشخصية المذهلة؛ لا يمكن لاي رجل آخر ان ينجح في ان يغير موقف جموع الناس في ارجاء العالم نحو الولايات المتحدة، القوة العظمى التي قبل نصف سنة فقط ابنوها وتوجوا الصين مكانها.

وهذا يحصل في ديمقراطية قديمة، ديمقراطية لها مؤسسات فاخرة وبيروقراطية ثقيلة وهذا يحصل في دولة تعتبر دولة تدار بذاتها، دولة ليس مهما جدا من يديرها لانه بين هذا وذاك تدار هي من السوق والمصالح الاقتصادية والادارية. فقد درج على القول، بالنسبة للولايات المتحدة، بان الفوارق بين الحزب الديمقراطي والجمهوري هي فوارق تتعلق اساسا بمواضيع مثل الاجهاض والتجارب الطبية، ولكن لم يقل ابدا انها تتعلق بمواضيع الخارجية والامن التي هي ظاهرا "ثنائية الحزبية".

يا له من خطأ. هذا هراء. فها هو رجل واحد يصل الى الرئاسة ويغير كل شيء – الاقتصاد، السياسة الخارجية، سياسة الامن ومسألة تعذيب الاسرى. وهو يتصالح مع المسلمين، يخرج من العراق ويربط بين الخروج من العراق والكفاح ضد تحقيق السلاح النووي من جانب ايران وبين انهاء النزاع في الشرق الاوسط.

عندنا يحاولون ان يشرحوا له بان اخلاء البؤر الاستيطانية لن يغير السياسة النووية لايران، وهو يصر على الا يفهم. في بيته يحاولون ان يشرحوا له بان اغلاق غوانتانامو هو مخاطرة غير محسوبة وان مجرمين خطرين يخرجون الى الحرية، ولكنه يصر على الا يستوعب هذا الموقف. وعندما يقال له ان كل محاولة للحوار مع ايران هي دليل ضعف، وهكذا ايضا فهمت كوريا الشمالية، يبدو وكأن به لا يسمع.

* * *

يدور الحديث عن رجل واحد، في منتصف العمر، شخص حتى الان لم يدر أي منظومة في حياته، والان يسعى الى أن يغير العالم بأسره.

قبل ان تصاب حياته بجراح خيبات الامل والاحباطات، قبل أن يصفعه الواقع المرير على وجهه ويثبت له ظاهرا بانه لا يوجد من يمكن الاعتماد عليه وانه لا يوجد مع من يمكن الحديث، وان من يبتسم لك اليوم يطعنك في ظهرك بالسكين غدا وان كل شيء مصالح قصيرة المدى دون اخلاق ودون رحمة – يبقى يعمل انطلاقا من موقفه.

رجل واحد يقف على المنصة في جامعة القاهرة ويسعى الى تغيير عالمنا دون رفع صوت ودون تمثيل.

يا له من حظ.