خبر فشل ثلاثي وفرصة .. هآرتس

الساعة 08:30 ص|10 يونيو 2009

بقلم: آلوف بن

بعد عودة بنيامين نتنياهو من زيارته لبراك اوباما بثلاثة اسابيع، ليس هناك شك بأن رئيس الوزراء قد فشل في مهمته الاكثر اهمية – بناء علاقات ثقة مع رئيس الولايات المتحدة. الدلائل التي تؤكد ذلك صارخة: اسرائيل والولايات المتحدة تتبادلان بينهما الرسائل السياسية من خلال الخطابات والعناوين الصحفية وليس من خلال المشاورات السرية. نتنياهو على قناعة بان اوباما يسعى للتصادم مع اسرائيل، واوباما وهيلاري كلينتون يوصان رئيس الوزراء علانية بتبديل لونه السياسي كما فعل بيغن وشارون واولمرت.

الصورة التي نشرها البيت الابيض من خلال المكالمة الهاتفية التي جرت بالامس بين اوباما ونتنياهو تشير الى كل شيء: الرئيس الذي يضع قدميه على الطاولة ووجهه جدي ويده تشير بحركة "فلتصغي لي ولتكتب مائة مرة عبارة الدولة الفلسطينية. اجل فلسطين". اوباما باعتباره مناصرا متحمسا للثقافة الاسلامية يعرف بالتأكيد انه لا توجد في الشرق الاوسط نهاية اكبر من توجيه الحذاء الى الشخص الذي تحادثه. الصور الرسمية التي التقطت عن المكالمات الهاتفية الرئاسية مع أشخاص اخرين تظهر اوباما وهو جالس خلف الطاولة وحذائيه على الارض.

ولكن العلاقات الاشكالية مع اوباما وادارته هي فقط ضلع واحد في مثلث فشل نتنياهو على الجبهة السياسية. الضلع الثاني يتعلق بمواقفه. نتنياهو يعارض الدولة الفلسطينية والانسحاب من اغلبية الضفة. مقابل براك ولفني واولمرت الجاهزين لتسوية نظرية مع دولة فلسطينية صغيرة منزوعة السلاح وخاضعة للرقابة، ولكن يعتقدان ان تحقيق ذلك ليس ممكنا بسبب الفجوات الكبيرة في المفاوضات، يظهر نتنياهو كمعارض جوهري لحل الدولتين ويعتبره خطرا كبيرا على اسرائيل.

في يوم الاحد القريب سيلقي رئيس الوزراء خطاب بار ايلان. وفقا للتقديرات سيقترب في هذا الخطاب من تبني فكرة الدولتين وقبول خريطة الطريق التي تقود الى الدولة الفلسطينية الى جانب اسرائيل. ان فعل ذلك فسيفسر بالتأكيد الانعطافة الدراماتيكية المتمثلة في ابقاء اسلافه له تركة مستحيلة من خلال موافقتهم على "خريطة الطريق" ، تماما مثلما اضطر لابتلاع اتفاق اوسلو في ولايته الاولى. هو سيطرح التحفظات والشروط المسبقة التي تفرغ الدولة الفلسطينية وتوضح بان التهديد الايراني اهم ولذلك يتوجب السير مع الولايات المتحدة وليس ضدها.

من الممكن التخمين بان الصيغة السياسة التي سيقترحها نتنياهو ستكون ضبابية بدرجة تكفيه ايضا للحفاظ على اليمين في الائتلاف وكذلك الفوز بثناء باراك وشمعون بيرس على الانعطافة السريعة في مواقفهم. ولكنه سيضطر لتوضيح سبب انتظاره الى الان ولماذا يبدو مثل خرقة مطوية تحت ضغوط اوباما وليس كقائد يأخذ زمام المبادرة. المطلب الامريكي منه بأن يعترف بالدولة الفلسطينية لم ياتي فجأة. من الاجدر به تبني هذا الشعار والامل بان ينسوا له عناده الغريب حتى الان.

الضلع الثالث في الفشل هو فقدان السيطرة على جدول الاعمال. رئيس الوزراء نجح في طريقه للبيت الابيض بوضع قضية مواجهة الذرة الايرانية على رأس جدول اعماله، ولكن في طريق العودة ناوره اوباما ومساعدوه ونقلوا الامر الى مسألة الخلاف حول البناء في المستوطنات – هذه المسألة التي لا يوجد لاسرائيل فيها انصار. لا يقوم أحد بالتظاهر قبالة البيت الابيض او اخذ تواقيع اعضاء الكونغرس لتأييد "النمو الطبيعي في المستوطنات". الادعاء كله كاذب. اسرائيل تريد البناء من اجل تعزيز سيطرتها في المناطق وليس فقط من اجل "تمكين ابناء المستوطنين من السكن بجانب اهاليهم".

كان من الممكن تفهم نتنياهو لو انه كافح من اجل حق اليهود في السكن في كل مكان في ارض اسرائيل كما يطلب اليمين. من الصعب تسويق هذا الموقف في العالم ولكنه ينطوي على منطق داخلي وادعاء قيمي على الاقل. مطلب "النمو الطبيعي" يدهور الخلاف المبدئي الى النقاش حول العقارات ونسب البناء مثلما يحدث في اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء. ولكن ائتلاف نتنياهو ملتزم بتوسيع المستوطنات وهو يرغب بالحفاظ عليها.

الخطاب في يوم الاحد سيكون فرصة لنتنياهو في الموعد الثاني الذي سيحاول فيه اعادة بناء علاقاته مع اوباما وملائمة مواقفه السياسية مع مطالب الادارة الامريكية وحرف جدول الاعمال من النقاش الاحمق حول "النمو الطبيعي" الى القضايا الاكثر حيوية لاسرائيل. ليس واضحا ان كانت ومتى ستكون لنتنياهو فرصة اضافية اخرى.