خبر مؤسسات حقوقية تطالب بالتحقيق في استشهاد طفلتين خلال الحرب على غزة

الساعة 05:14 م|09 يونيو 2009

فلسطين اليوم: غزة

طالب مركز "عدالة"، ومؤسستا "الميزان" و"الحق"، بالتحقيق في ظروف استشهاد الطفلتين سعاد وأمل عبد ربه برصاص جيش الاحتلال خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة.

وأوضح عدالة في بيان أصدره اليوم، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي، واصل في الأشهر الأخيرة إنكار الشبهات بقيام جنوده وضباطه بتنفيذ جرائم حرب أثناء الحملة العسكرية الأخيرة على قطاع غزة، مشيرا إلى أن الجيش والناطقين باسمه يتذرعون بحجج واهية، مفادها أن جميع الشبهات التي توجه ضده هي شبهات عامة غير عينية وأنه من الصعب التحقيق فيها.

وقال مركز 'عدالة' إنه بعث في ظل هذا، رسالة مفصلة إلى المستشار القضائي للجيش والمستشار القضائي لحكومة الاحتلال، طالبهما فيها بفتح تحقيق جنائي في شبهات تنفيذ جرائم حرب في حوادث عينية ضد عائلتين من عزبة عبد ربه شرق مخيم جباليا، واعتمدت المحامية فاطمة العجو من مركز 'عدالة' في الرسالة على الشهادات والإفادات المشفوعة بالقسم التي قام بجمعها مركز الميزان لحقوق الإنسان في قطاع غزة ومؤسسة الحق.

بدأ الحادث المذكور بعد أن استجاب أبناء عائلة عبد ربه إلى نداء جيش الاحتلال الذي أمرهم عبر مكبرات الصوت بالخروج من منازلهم. الأب خالد عبد ربه (32 عامًا)، الأم كوثر (30 عامًا)، الجدة سعاد (54 عامًا)، والبنات: سعاد (9 أعوام)، سمر (5 أعوام) وأمل (3 أعوام)، ويتضح من الشهادات التي جمعها مركزا الميزان والحق أن: الأب، والأم، والجدة والبنت الكبرى كانوا في المقدمة وهم يلوحون بأعلامٍ بيضاء.

ولدى خروجهم رأى أفراد العائلة دبابة عسكرية على بعد أمتار منهم يظهر منها جنديان. لم يفصل بين الجنود والعائلة أي حاجز من شأنه أن يحجب النظر. كل ما كان هناك هو رجل وامرأة في مقتبل العمر، امرأة متقدمة بالسن وثلاثة أطفال. أربعة من بين أفراد العائلة يلوحون بأعلام بيضاء بيتية الصنع. وقف أبناء العائلة دقائق طويلة، يلوحون بالأعلام البيضاء حتى يسمح لهم الجنود بالعبور من جانب الدبابة في طريقهم إلى وسط بلدة جباليا. فجأة، خرج من الدبابة جندي ثالث وصوب سلاحه الرشاش باتجاه العائلة وبدأ يطلق النار. إطلاق النار استمر عدة دقائق ما أدى إلى إصابة الجدة والبنات الثلاث. الجدة انسحبت إلى داخل المنزل فيما نقل الأب والأم البنات الجريحات اللواتي كن ينزفن إلى داخل المنزل. سرعان ما لاحظ الوالدان أن إصابة بناتهما خطيرة جدًا، أدركا أن اثنتين منهما فارقتا الحياة وأن الثالثة تلفظ أنفاسها الأخيرة. الأب والأم بدأا بالصراخ طلبا للنجدة والمساعدة لكن أحدًا لم يحضر. في البيت المجاور لبيت عائلة عبد ربه يسكن سميح الشيخ الذي يعمل كسائق سيارة إسعاف. عند سماع الصراخ بعد إطلاق النار لبس سميح وابنه صائب زي المسعفين وحاولا الوصول بسيارة الإسعاف إلى بيت عبد ربه لكن الجنود منعوهم من ذلك وأمروهم بمغادرة المنطقة كليا هما وعائلتهما بعد أن أمروهما بترك سيارة الإسعاف مكانها.

بعد ساعتين من المحاولات والتوسل للجنود بالسماح بنقل المصابين إلى المستشفى، حمل الوالدان بمساعدة أفراد من العائلة والجيران الشقيقات الثلاث وجدتهن التي أصيبت في يدها وأسفل ظهرها، وتوجهوا إلى المستشفى مشيا على الأقدام. 

بعض الجيران الذين هرعوا لمساعدة العائلة تقدموا المجموعات التي كانت تحمل المصابات ووصلوا إلى الشارع الرئيس وكانوا يحاولون إيجاد سيارة لنقل الجرحى إلى المستشفى. وبعد وقت قصير مرت من المكان عربة يجرها حصان كان على متنها زكريا سليمان خليل نصير، (57 عاماً) وابنه موسى، (18 عاماً) وقريبه أدهم خميس محمد نصير، (37 عاماً). وجه نصير العربة باتجاه المصابين وعندما اقتربت منهم فتح الجنود النار باتجاه العربة، ما أدى لإصابة أدهم برصاصة في عنقه.

استدعى الشهود على الحادث سيارة الإسعاف، إلا أنها لم تستطع الاقتراب من أدهم المصاب بسبب كثافة إطلاق النار كلما اقترب المسعفون من أدهم المصاب. بعدها حمل زكريا أدهم المصاب على ظهره حتى اقترب من سيارة الإسعاف التي نقلته إلى المستشفى وحول للعلاج خارج البلاد بسبب خطورة حالته حيث أعلن عن وفاته لاحقًا.

بعد محاولات طويلة نجحت العائلة في نقل البنات الثلاث كل على حدة والجدة إلى المستشفى. هناك أعلن رسميًا عن وفاة سعاد وأمل، فيما نقلت سمر إلى العلاج خارج البلاد وهي تعاني من إصابات بالغة وشلل نصفي جراء الإصابات.

بعد انتهاء الحملة العسكرية، رجعت عائلة عبد ربه وعائلة الشيخ إلى بيوتها في عزبة عبد ربه ووجدت أنها دمرت بالكامل. بيت محمد عبد ربه المكون من (4) طبقات وفي كل طابق شقتان ومساحة البناء الإجمالية 450 مترا، كما دمرت منازل جيرانهم وبلغ عدد المنازل المدمرة كليًا في منطقة عزة عبد ربه (174) منزلاً سكنيًا وذلك استنادًا إلى حصيلة توثيق مركز الميزان في غزة.

وأرفقت المؤسسات بالرسالة قائمة تشمل الأسماء الرباعية والتفاصيل الشخصية لشهود عيان كل من حادثة إطلاق النار وإصابة أبناء عائلة عبد ربه، وحادثة قتل أدهم نصير الذي حاول نقل المصابين إلى المستشفى وشهود عيان على منع الجيش من قوات الإسعاف نقل المصابين إلى المستشفى.

ويتضح من الشهادات الواردة سابقا شبهات مؤكدة لمخالفات جسيمة لقوانين الحرب الدولية وارتكاب مخالفات جنائية ترتقي إلى مستوى جرائم حرب: إطلاق نار على مدنيين عزل دون سابق إنذار ودون أي سبب ودون أن يشكلوا خطرًا على حياة الجنود. كما منع الجنود تقديم المساعدة الطبية ونقل المصابين.

إضافة إلى ذلك تم تدمير الممتلكات بشكل واسع النطاق دون أيّة حاجة عسكرية لذلك. كل هذه الأمور هي جرائم حرب وفقًا للقانون الدولي وبناء عليه يجب على الجهات الرسمية الشروع فورًا بتحقيق جنائي وتقديم المسؤولين إلى المحاكمة.