خبر الطريق للمصالحة الحقيقية- هآرتس

الساعة 09:44 ص|09 يونيو 2009

بقلم: يائير شيلغ

 (المضمون: الطريق للمصالحة الحقيقية بين الغرب والاسلام يمر عبر التركيز على القيم الانسانية الشمولية وليس على القيم الغربية البحتة مثل الاباحية - المصدر).

في اسرائيل كما هو الحال في اسرائيل دائما النظرة القطاعية سائدة. الخطاب الاعلامي يتمحور تقريبا بالجوانب السياسية لخطاب اوباما، وهنا ايضا يركز فقط على تلك التي تتعلق فينا وحدنا. ولكن اهمية الخطاب الحقيقية تكمن في المحاولة الكبيرة وشبه المسيحية من قبل اوباما لتغيير مسار التصادم بين الحضارات ووضعها على سكة المصالحة التاريخية بين الغرب والاسلام.

هذا لا يمتلك فرصة للنجاح. ليس فقط لان خطابا واحدا ليس قادرا على تغيير عملية تاريخية كما اكد اوباما بنفسه، وانما لان الارتقاء بارتباط الانظمة العربية "المعتدلة" للغرب يدفع رئيس الولايات المتحدة في أبهى صور السياسة الواقعية الامريكية لان يواصل التسليم بطابع هذه الانظمة الاستبدادي والدفع من خلال ثمن الكراهية التي تكنها الشعوب الخاضعة لاولئك الحكام الاستبداديين لامريكا.

لان هذا في الواقع هو سر الفرق بين شرق اوروبا وشرقي البحر الابيض المتوسط: المصلحة الامريكية تستوجب التعامل المعادي مع الانظمة في شرقي اوروبا الشيوعية ولذلك حظيت الولايات المتحدة بتعاطف الشعوب، بينما تقتضي المصلحة الامريكية في الشرق الاوسط (على الاقل وفقا لوجهة نظر صناع السياسة) تأييد الانظمة الاستبدادية ولذلك تكره شعوب المنطقة الولايات المتحدة خصوصا والغرب عموما.

ولكن هناك عاملا اكثر عمقا يحول دون المصالحة التاريخية بين الغرب والاسلام. صموئيل هانتنغتون رحمه الله كان اذكى مما توقع عدد من محليليه. هو لم يتحدث عن تصادم مصالح بين الحضارات وبصورة خاصة بين الغرب والاسلام وانما عن تصادم ثقافي عميق – بين التعصب الغربي للاباحية وبين التعصب الاسلامي للنزعة المحافظة. كما ان المصالحة السياسية بين ادارة اوباما ومجموع الانظمة الاسلامية عموما بما فيها ايران لم يقنع ايات الله في طهران وغيرهم من رجال الدين بضرورة التودد للثقافة الامريكية – الغربية والتوقف عن التنظير لكونها خطرا امام جموع المؤمنين.

يبدو انه طالما لم تغير هذه الحضارات جلدها تماما – ليس من الممكن حل هذا التصادم التاريخي وانما يمكن في اقصى الاحوال "ادارته". الطريقة المركزية لادارة هذا الصراع اي تخفيض شدة الكراهية وربما مع مرور الايام تغيير الاتجاه ايضا يجب ان يميز بين صناع الثقافة الغربية وناشيريها وبين انواع قيميها: القيم الانسانية – تلك القيم الشمولية فعلا لكرامة الانسان والمساواة في الحقوق مع النساء وغيرها من المجموعات المضطهدة – وبين القيم الليبرالية الغربية تلك القيم التي تنادي بحرية الفرد بان يفعل ما يحلو له طالما انه لا يضر الاخرين.

من الممكن والاجدر تسويق القيم الانسانية بصورة شمولية لانها تمس باحتياجات الناس لكونهم بشرا بما فيهم الكثيرين في العالم الاسلامي وخصوصا النساء. هذا لن يكون سهلا ولكن مع مرور الوقت قد يؤدي الاصرار على ذلك الى تحويل الغرب الى نموذج جذاب يحتذى به من قبل كل من ضاقت نفوسهم بالاستبداد الاسلامي (كما حدث في شرقي اوروبا).

القيم الليبرالية في المقابل تعتبر تهديدا ايضا بالنسبة للتقليديين المعتدلين وهم يشخصون الغرب اصلا كعدو وليس كحليف لهم. الاصرار على القيم الليبرالية بالمناسبة بدلا من القيم الانسانية في جبهة الهوية الغربية هو على ما يبدو الذي اسهم من البداية في زيادة حدة عداء العالم الاسلامي للغرب في العقود الاخيرة.