قائمة الموقع

السلطة بين البيت والحديقة

2023-07-09T00:03:00+03:00
عبد الرحمن شهاب.jpg
فلسطين اليوم

  بقلم : عبد الرحمن شهاب
ذكر محلل الشؤون العربية في القناة 12 ايهود يعاري أن "أبو مازن قد وبخ الأجهزة الأمنية، وحذرهم إن لم يتحركوا بسرعة ستسيطر حركة حماس على جنين"، وأن شرط وصول المساعدات العربية للسلطة هو سيطرة الأجهزة الأمنية على جنين
.

من المُهم هنا أن نشير إلى العديد من النقاط في هذا السياق؛ النقطة الأولى أن أبا مازن لم يكن يومًا مُهتمًا بمدينة جنين ولا بمخيمها، فنحن لا نتذكر أنه زارها منذ أن أصبح رئيسًا للسلطة الفلسطينية، حتى خلال الانتخابات التي خاضها وفاز فيها.

ثانيًا: يشير ايهود يعاري إلى أن سبب التوبيخ لقادة الأجهزة الأمنية، لأنهم لم يستطيعوا حماية اثنيْن من قادة فتح (محمود العالول وعزام الأحمد)، حيث مُنعوا من المشاركة في جنازة الشهداء، ولنا أن نسأل، بل الشواهد تؤكد أن أبا مازن لم يكن يومًا معنيًا بالمشاركة في جنائز الشهداء، فلو كان معنيًا لاتصل بعائلاتهم هاتفيًا على الأقل أو توقف عن قطع رواتب الشهداء والجرحى والأسرى.

لكن ما الذي حصل بالفعل؟ وما الذي أتى بقادة فتح للمشاركة في الجنائز؟ وما الذي أعاد إلى أبي مازن اسم جنين ومطالبة الأجهزة الأمنية باستعادة السيطرة، وبقوة السحر أخرج من القمقم جني الانقسام (السلطة وحماس) على الرغم من غياب أبي مازن عمّا يحدث لجنين من نكبات وضحايا وتدمير؟

من خارج السياق، يعود أبو مازن إلى مدينة تعيش خارج السياق، خصوصًا بعد العملية العسكرية الإسرائيلية في جنين "بيت وحديقة"، والتي ذكر الإعلام الإسرائيلي أن نشر أخبارها تعرضت للعرقلة من خلال الرقابة العسكرية بأضعاف أضعاف سنوات سابقة، فما الذي يُمكن للعدو أن يخفيه عن الإعلام فيما يتعلق بمعركة جنين؟

تقديري أن من السذاجة أن نعتبر أن الرقابة تمنع نشر عدد قتلى الجيش الإسرائيلي أو تخفي عدد الإصابات، فهذا تفكير سطحي، فالقيادة السياسية والأمنية، بل حتى المجتمع في إسرائيل ليست لديهم حساسية من موت جنودهم إذا تحققت الأهداف، كما لا تقبل عائلة أيّ جندي ألا تتم جنازة عسكرية لابنها الجندي القتيل في المعركة، فالمشروع الإسرائيلي يثيره الدم ويؤجج سعاره، ولذلك فالرقابة العسكرية تركز على ما يضر بالاستراتيجيا، وهنا نعود للاستراتيجيا من العملية.

هناك إشارات وردت على لسان قادة الكيان كأهداف للعملية، وهي استعادة حرية الحركة داخل جنين، أيّ حرية حركة؟! هل الجيش الإسرائيلي لا يستطيع أن يدخل جنين ويخرج منها، وهو الذي يقتحمها كل يوم؟! ولكن ما تم نقاشه في المجلس المصغر عشية العملية الأخيرة هو دعم السلطة ومنع انهيارها، في نفس الوقت الذي تجد فيه إسرائيل أن السلطة لا تقوم بدورها في جنين، والمطلوب أن تزيد من فاعليتها، لكن السلطة تؤكد أن ليس لها قدرة على التنسيق الذي يمنع العمليات ضد الأهداف الإسرائيلية، ولذلك فإن العملية الصهيونية في جنين هي تسهيل العمل داخل جنين للأجهزة الأمنية.

وتبرز أهمية هذا الهدف عندما نعلم أن الأجهزة الأمنية تواجدت بقوة خلال الاجتياح بمظهر المساعدة في إخراج المطلوبين من جنين، فهي لا تستطيع إلا أن تأتي بهذا المبرر، لأن تواجدها علنًا من أجل سد الفراغ الذي يتركه الاحتلال يعرضها لمواجهة من المواطنين وطردها بقوة كونها ستدخل على ظهر الدبابة الاسرائيلية، لكن مجيئها تحت ستار حماية شباب المقاومة، وفي نفس الوقت من أجل "منع حماس من السيطرة على جنين" هي الفكرة والوجه الأفضل لمبرر الدخول.

تقديري أن هدف منح السلطة حرية الحركة في جنين هو أهم أهداف عملية "بيت وحديقة"، وهو الهدف الذي لم يتحقق بشكل واضح، وسيجعل العدو يعيد الكرة والمحاولة تحت هذا العنوان.

اخبار ذات صلة