"فتحوا الحصالة وأخدوا كل المصاري... أنا كنت بدي أجيب فيهم تخت وخزانة " بهذه الكلمات عبرت الطفلة نور الغول (6أعوام) عن حزنها وهي تحمل حصالتها التي انتشلتها من تحت ركام منزلها المدمر في مخيم جنين بعد اعتداء قوات الاحتلال عليهم وتهجيرهم من المنزل قسراً خلال عدوانها الغاشم على المخيم.
لصوص الحصالات
بدت نور حزينة وعابسة وهي تحمل حصالتها متحدثة عن اقتحام قوات الاحتلال لمنزل عائلتها وقالت" صار في قصف وصاروا يفوتوا على دور الناس ويخربوا فيهم وصاروا يسرقوا المصاري".
أحلام طفلين لم يتجاوزوا الستة أعوام حُكم عليها بالنهب والاستيلاء من قبل محتل غاصب، قوات عسكرية مدججة بأعتى أسلحة العالم لم تقم بإخافة الأطفال فحسب بل قامت بسلب أحلام نور وفادي من خلال سرقة ادخارهم بفتح حصالتهما وسرقة بضع شواكل، تابعت نور حديثها: "كنت أحوش أنا وأخي فادي بالكجة "الحصالة" كان فيها مصاري أجوا فتحوها من هون مشيرةً إلى مكان فتحها وأخذوا كل المصاري إلي فيهم، وكنت بدي أجيب فيهم تخت وخزانات" .
وعن المبلغ المسروق قالت نور " بالعيد كانوا يعيدوني وأنا كنت أحط فيها مصروفي يعني فيها كثير ما يقارب 100 شيكل"
من تحت الركام، انتشل محمود الغول "أبو جهاد" حصالة حفيدته نور ويقول "هذه حصالة ابنة ابني نور كانت تدخر فيها شواكل قليلة، دنّى جنود الاحتلال الإسرائيلي نفوسهم لشواكل طفلة"، مشراً إلى الطريقة الهمجية التي فتح بها الجنود الحصالة لسرقة مبلغ لا يتعدى المئة شيكل”.
منذ75 عاماً والاحتلال يسرق!
لم تكتفِ قوات الاحتلال بالاستيلاء على أراضي الفلسطينيين الذين أُبعدوا عن أرضهم عام 1948، بل عملت تباعًا على ملاحقة الفلسطينيين في كافة بقاع الوطن والتنكيل بهم وسرقة كل ما يمتلكه الفلسطيني حتى الاستيلاء على أموالهم خلال مداهمة البيوت الآمنة.
بيت محمود الغول "أبو جهاد" كان من ضمن البيوت الآمنة التي داهمها الاحتلال خلال اجتياح مخيم جنين في الأحداث الأخيرة وسرق كافة أموال المنزل حتى طالت حصالات الطفلين نور وفادي الغول.
وبطريقة همجية أرعب جنود الاحتلال الأطفال والنساء حين داهمت قوات الاحتلال منزل أبو جهاد صباح يوم الاثنين 3/7/2023، وعبثت بكافة محتوياته ودمرته.
وتحدث أبو جهاد عن تفاصيل الاقتحام " كنت أجلس أنا وأولادي وأحفادي قاموا بتفتيش البيت كاملاً من بيت الدرج إلى كل أنحاء البيت ثم قاموا بوضع العُصبات على وجوه أبنائي الثلاثة واعتقلوهم وجلسنا في البيت يوماً كاملاً قبل تهجيرنا قسراً منه".
وبنبرة حزينة أضاف أبو جهاد " رفضت الخروج من منزلي لأني شفت المرار في اجتياح عام 2002 هُدم بيتي وأولادي أطفال آنذاك، عشنا حياتنا مشردين ومن قبلنا أجدادنا تشردوا عام 1948 إلى مخيم، بعد إصرار النساء والأطفال خشية على حياتهم خرجنا من المنزل ".
وتابع حديث " بعد انسحاب الاحتلال من المخيم رجعنا إلى بيوتنا طالبين قسطاً من الراحة بعد 48 ساعة من القصف والدمار الذي حل بالمخيم لنتفاجأ أن البيت مهدم بطريقة وحشية بعد أن دمروا كل أثاث المنزل وسارقين المصاري، الجزادين الصغيرة وجزادين الأطفال ، مش مخلين إشي ، باقيين يفتشوا بأصغر الأشياء"
وأضاف أبو جهاد " سرق جنود الاحتلال قرابة 50 ألف دينار أردني، ادخرناه لحفل زفاف ابني، كنا نجهز لزفافه بعد شهرين من الآن".
ومؤخراً نشر المتحدث بلسان جيش الدفاع الإسرائيلي أفخاي أدرعي مقطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي لأموال هائلة صادرها من مخيم جنين زعماً منه أنها أموال تدعم المنظمات الفلسطينية.
الاحتلال فشل أمام مخيم جنين
مثّلت الحاضنة الشعبية والجماهيرية للمقاومة في مخيم جنين شمالي الضفة المحتلة أحد أهم أسباب الانتصار في المعركة الأخيرة، برغم الدمار لأكثر من 800 منزل وتدمير البنى التحتية إلا أن سكان المخيم وقفوا بكل صمود أمام عنجهية الاحتلال وغطرسته وكانوا الملاذ الآمن للمقاومين.
وبصوت ممزوج بكثير من الصبر والإرادة يقول أبو جهاد " الاحتلال فشل في مخيم جنين ولم يحقق أياً من إنجازاته سوى تدمير البنية التحتية وسرقة الأموال وقصف المنازل والمساجد ولم يستطع الاحتلال قتل أو اعتقال أي من المقاتلين"
وختم أبو جهاد حديثه " تدمير المنازل وسرقة أموالنا لن يثنينا عن الاستمرار بالدفاع عن الوطن حتى ننال حريتنا".
وقد شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدواناً واسعاً فجر يوم الاثنين 3/7/2023 على مخيم جنين، استشهد على إثره 13 فلسطينيا بينهم خمسة أطفال وأصيب 140 آخرين.
وألحقت العملية العسكرية التي استمرت يومين دماراً في البنى التحتية وشردت عشرات العائلات التي أجبرت على ترك منازلها بحثاً عن ملاجئ آمنة.