خبر القرضاوي: أرحب بخطاب أوباما والإفراط في التفاؤل سذاجة

الساعة 07:25 ص|06 يونيو 2009

فلسطين اليوم- وكالات

رحب العلامة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بخطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي ألقاه بجامعة القاهرة، معتبرا أنه بداية مشجعة للتعامل بين العالم الإسلامي وأمريكا على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، إلا أنه وصف التفاؤل المفرط بالخطاب بأنه سذاجة.

 

وتمنى القرضاوي في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بجامع عمر بن الخطاب بالعاصمة القطرية الدوحة أن "يكون الخطاب بداية لتغيير سياسة أمريكا ولو جزئيا على مراحل، داعيا العرب والمسلمين للاعتماد على الله وحده ثم على أنفسهم بعد ذلك". 

 

وقال: "إذا رأى خصومنا قوتنا ووحدة صفنا احترمونا وحاولوا أن يوجدوا حلولا لمشاكلنا، وإذا تمزقنا وتنازعنا وحارب بعضنا بعضا فلن يحترمنا أحد، مستشهدا بالقول المأثور: من لم يحترم نفسه لم يحترمه غيره".

 

وعاب الشيخ القرضاوي على الذين أسرفوا في التفاؤل بالخطاب، ظانين أن أمريكا غيَّرت سياستها وأصبحت صديقة للمسلمين وستحل المشاكل التي بينها وبينهم بين عشية وضحاها، ولم يتفق مع الذين انتقدوا أو ورفضوا الخطاب بالكامل وطالبوا بمنع أوباما من إلقائه قائلا: "أنا لست مع المسرفين في التفاؤل ولا المسرفين في سوء الظن". 

 

ونبه إلى أن أمريكا تحكمها مؤسسات ولا يحكمها شخص الرئيس وهناك سياسات موروثة يسير عليها الرؤساء السابقون واللاحقون لا يمكن تغييرها، مقرا بأن الرئيس الأمريكي حاول التودد للمسلمين وتحدث بلغة غير مستفزة على خلاف لغات الرؤساء السابقين بوش ومن سبقوه.

 

وأشار القرضاوي إلى أن الرئيس أوباما له جذور إفريقية وإسلامية أثرت فيه وجعلته يستنكر الاستيطان الإسرائيلي ولم يصف حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس" بأنها إرهابية وإن كان وصفها بالعنف.

 

وأبدى دهشته لوصف أوباما "حماس" التي تدافع عن أرضها وعرضها بالعنف وترك إسرائيل المعتدية المغتصبة بلا إدانة.

 

وعلق الشيخ القرضاوي على استشهاد الرئيس الأمريكي بالقرآن والتوراة في الدعوة للسلم قائلا: "لم أجد في التوراة نصا واحدا يدعو للسلام وكل ما في التوراة دعوة للحرب لدرجة أنها تصف الله عز وجل بأنه رب الجنود". 

 

وأوضح أن فكرة إبادة شعوب البلاد الأصلية التي اتبعها الأمريكيون مع الهنود الحمر وطبقها الإنجليز مع سكان أستراليا الأصليين وتنفذها إسرائيل في فلسطين هي فكرة توراتية مستمدة من النص التوراتي القائل: "أبدهم على بكرة أبيهم، لا تستبقي فيها نبتة حية". 

 

"ست ساعات"

 

وعلق الشيخ القرضاوي على الذكرى الثانية والأربعين لنكبة يونيو 1967 والتي حلت ذكراها الجمعة، مبديا اعتراضه على تسميتها بـ"النكسة"، موضحا أن النكسة تعني أن العرب كانوا منتصرين ثم انتكسوا ولكن العرب لم ينتصروا على إسرائيل في أي معركة قبل عام 67.

 

وقال إن "تسمية ما حدث في يونيو67 بـ النكسة أو المصيبة أو الكارثة أو النكبة لن يقلل من فداحتها، وإن ما زاد من فداحة النكبة أنها حدثت في ست ساعات وليس في ستة أيام كما يزعم البعض". 

 

وانتقد الشيخ القرضاوي بعض القادة العرب الذين هنأوا إسرائيل بمناسبة عيدها الوطني الذي يصادف 15 مايو كل عام، مذكرا أن الذي يهنئ إسرائيل بقيام دولتها ينسى نكبة الفلسطينيين في فقدان دولتهم. 

 

وأوضح أن السبب الأكبر لنكبة 67 هو "أننا دخلنا المعركة ولسنا مع الله فلم يكن الله معنا، وأننا استعنا بكل مخلوق وتركنا الله عز وجل ولم نقل يا رب انصرنا"، مشيرا إلى أن الجنود العرب الذين شاركوا في نكبة 67 كانوا يعرفون أسماء وصور الممثلين والمطربين أكثر مما يعرفون سور القرآن الكريم، وكانوا يحفظون الأغاني أكثر مما يحفظون القرآن. 

 

وقال إن "الإسرائيليين كانوا على عكس العرب حيث دخلوا المعركة يهودا يعظمون التوراة ونحن لم ندخلها مسلمين نعظم القرآن فانتصروا علينا"، مشيرا إلى أن نكبة 67 غيرت الفلسفة السياسية للعرب، فبعد أن كانوا يطالبون بإزالة إسرائيل لأنها قامت على الباطل أصبحوا يطالبون بإزالة آثار العدوان. 

 

وأضاف متهكما: "كأن عدوان 67 أضفى الشرعية على عدوان 48 فجعلنا نسكت ونقبل ما احتلته إسرائيل من قبل، والعرب لم يفلحوا في إزالة آثار عدوان 67 حتى اليوم، فإسرائيل لازالت تحتل الضفة الغربية والقدس". 

 

تهويد القدس

 

وحول حملة التهويد غير المسبوقة التي تشنها إسرائيل على مدينة القدس المحتلة، انتقد الشيخ القرضاوي بشدة على ما تقوم به إسرائيل من تهويد وتغيير لمعالم المدينة بالحفريات تحت المسجد الأقصى الذي تقيم تحته مدينة سياحية، محذرا من هدم الأقصى وإقامة هيكل سليمان بدلا منه.

 

وقال إن "الحفريات مستمرة منذ احتلال القدس قبل 42 عاما ولم تستدل على وجود الهيكل المزعوم"، مبديا أسفه لأن العرب والمسلمين غافلون عن قضية المسجد الأقصى والقدس الشريف، وهاجم محاولات بعض الدول العربية التطبيع مع إسرائيل.

 

ودعا الشيخ القرضاوي للانتباه للخطر الذي يتعرض له المسجد الأقصى من فوقه ومن تحته وعن اليمين والشمال، مطالبا العلماء والقادة والحكام العرب والمسلمين ومؤسسات المجتمع المدني بالوقوف في وجه الخطر الذي يهدد المسجد الأقصى ومدينة القدس. 

 

تفرق المسلمين

 

وتحدث الشيخ القرضاوي في الخطبة عن حالة التفرق والتشرذم التي تعاني منها الأمة، وقال: "من يتابع الأخبار ويستمع لنشرات الأخبار ويقرأ الصحف يجد أن المسلمين وحدهم هم الأمة المتفرقة بينما العالم يتجمع".

 

وعبر عن حزنه لأن العالم يتنادى للتقارب والوحدة بينما يتباعد المسلمون بعضهم عن بعض ويجافي ويعادي ويقاتل بعضهم بعضا، وضرب المثل بما يحدث من خلافات ونزاعات واشتباكات مسلحة بين الدعاة للإسلام والحركات الإسلامية في فلسطين والعراق والصومال وأفغانستان وباكستان. 

 

وتساءل فضيلة الشيخ: ما الذي حدث لأمتنا؟ ولماذا لم تعد لنا عقول نبصر بها؟ ولماذا لا يتفاهم المسلمون ويحتكموا لمن يفصل بينهم؟ واصفا ما يحدث من نزاعات بين المسلمين بـ"الحالقة" التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "فساد ‏ذات البين هي ‏‏الحالقة" موضحا خطورتها بأنها "تحلق الدين". 

 

واعتبر الشيخ القرضاوي تفرق المسلمين كفرا مستشهدا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ترجعوا بعدى كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض"، مشيرا إلى أن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لا يكف عن دعوة المختلفين والمقتتلين إلى أن يجلسوا معا ويتحاوروا ولكن لم يستمع إليه أحد كما قال الشاعر:

 

لقد أسمعت لو ناديت حيا *** ولكن لا حياة لمن تنادي