خبر جنين: العطش يهدد 70 ألف مواطن و الاحتلال يسيطر على منابع المياه رغم غنى المنطقة

الساعة 03:20 م|05 يونيو 2009

فلسطين اليوم : جنين

يبدو أن موسم الصيف في الأراضي الفلسطينية بات موسما تتزاحم فيه المشاكل التي يعاني منها المواطنون الفلسطينيون، ومن أبرز تلك المشاكل أزمة المياه الناجمة عن سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على أهم منابعها لا سيما في الضفة الغربية المحتلة، إلى جانب شح الأمطار في فصل الشتاء الامر الذي يهدد الخزان الجوفي المائي.

ومع حلول فصل الصيف لهذا العام، بات أكثر من 70 ألف نسمة يعيشون في قرى جنين الغربية على موعد مع العطش جراء سياسات الاحتلال التي تسيطر على مصادر المياه رغم أن المنطقة تعتبر من أغنى مناطق المياه في فلسطين.

الموسم الزراعي في خطر

سياسات الاحتلال تهدد الموسم الزراعي والمواطنين على حد سواء كما يقول رباح ياسين رئيس مجلس قروي عانين الواقعة على الحدود والتي التهم جدار الفصل العنصري آلاف الدونمات من أراضيها، موضحا انه  "ومع حلول موسم الصيف بدأنا نواجه أزمة خطيرة على صعيد النقص في كميات المياه والسبب الاحتلال الذي يتحكم بمصادر المياه حيث قلص الكميات التي يزود بها تلك القرى كما جرت العادة مع كل موسم صيف لنعيش معاناة قاسية وحقيقية يضطر المواطنون جراءها إلى شراء المياه التي ترتفع أسعارها بشكل خيالي مما يضاعف من الأعباء على المواطنين خاصة في القرى المحاذية لجدار الفصل العنصري والتي ترتفع فيها معدلات البطالة والفقر".

الأزمة الخانقة تطال بشكل مباشر أهالي بلدات وقرى كفر قود والهاشمية والعرقة وعانين والطيبة والسيلة الحارثية وتعنك ورمانة وزيوبا واليامون وكفر ذان إضافة لأراضيهم خاصة الواقعة في مرج ابن عامر والتي يعاني فيها المزارعون كما يقول المزارع احمد عابد من كفردان من نقص كميات المياه مما يضطرهم لشراء الصهاريج وبالتالي فان الموسم الزراعي لهذا العام مهدد بالخسارة.

سياسات تعسفية

والاحتلال لا يتحكم فقط بمنابع المياه بل ويتحكم بكمياتها كما يقول عماد عباهرة رئيس مجلس خدمات المياه للقرى الغربية إن كافة الحلول والتدابير التي اتخذت على مدار السنوات السابقة لتجاوز أزمة المياه الخانقة لم تجدي نفعاً لان سلطات الاحتلال ترفض الالتزام بتزويد المواطنين بالكميات المناسبة.

وأضاف "بحسب دراسة أعدتها سلطة المياه الفلسطينية فان كمية المياه اللازمة لتلك القرى تبلغ 250 متر مكعب في الساعة ولكن سلطات الاحتلال حددت الكمية ب 87 متر مكعب في الساعة فقط بفارق يتجاوز الـ 70 % علما أن المستوطنات المحاذية لتلك القرى تنعم بالماء الوفير الذي يحرم منه سكان المنطقة أصحاب الأرض والمياه الشرعيين".

وأفاد عباهرة أن "مجلس الخدمات والهيئات المحلية في القرى الغربية بدأت تعاني من مشكلة المياه منذ عام 1998 عندما رفضت قوات الاحتلال السماح  للسلطة الفلسطينية بحفر بئر مياه في بلدة اليامون لتزويد هذه القرى بحاجتها من المياه، بحجة عدم الترخيص ولدى متابعة الإجراءات اللازمة للحصول على الترخيص لتنفيذ مشروع البئر رفضت الموافقة عليه"!.

وأضاف عباهرة "مع تفاقم معاناة سكان المنطقة بذلت سلطة المياه ومجلس الخدمات المشترك جهودا كبيرة للتخفيف من معاناة المواطنين في هذه التجمعات جراء أزمة المياه حتى تمكنت  سلطة المياه من توقيع اتفاقية مع بلدية جنين لتزويد تلك التجمعات بحاجتها من المياه من خلال بئر (السعادة2) إلا أنها لم تصمد طويلاً وذلك بسبب الأعطال المتكررة لمضخة البئر خلال فصل الصيف من كل عام".

وقال عباهرة بعد ذلك اضطرت سلطة المياه للبحث عن مصدر جديد لسد احتياجات قرى جنين الغربية من المياه مما دفعها إلى توقيع اتفاقية مع شركة 'ميكرووت' الإسرائيلية يتم بموجبها تزويد قرى غرب جنين بـ250 مترا مكعبا من المياه في الساعة الواحدة".

تنصل شركة ميكروت

وأوضح عباهرة "انه  بناء على هذه الاتفاقية قامت سلطة المياه بدعم من (UNDP) بمد خط مياه من نقطة معسكر سالم الإسرائيلي  إلى قرية زبوبا كما قامت ببناء خزان كبير لتجميع المياه القادمة من شركة 'ميكرووت' الإسرائيلية وتركيب مضخات لضخ المياه إلى قرى غرب جنين ولكن قبل أن يتنفس الأهالي الصعداء فوجئنا بعدم التزام الشركة الإسرائيلية  بالاتفاقية المذكورة وقيامها بضخ نحو 87 مترا مكعبا كل ساعة بدلا من 250 مترا مكعبا وهي كمية لا تكفي الحد الأدنى من احتياجات هذه القرى بل أنها لا تسد حاجات تجمع سكني واحد كبلدة اليامون التي يصل عدد سكانها إلى 18 ألف نسمة".

ورغم ذلك لم يستلم مجلس الخدمات للأمر الواقع ويقول عباهرة عبر سلطة المياه سعينا بكل الطرق لإلزام الشركة الإسرائيلية بالاتفاقية والالتزام بتزويد المنطقة بكمية المياه المطلوبة لكن القرار بيد قوات الاحتلال التي ما زالت  تماطل بتزويد المنطقة بتلك الكمية من المياه بحجج وذرائع واهية فتارة تزعم  عدم قدرتها على ذلك  وأخرى تزعم وجود مشكله في تمديد خط المياه وتارة ثالثة تزعم بوجود آبار غير مرخصة لمزارعين في تلك المنطقة وتطالب بإغلاقها كشرط لتزويدهم بالكمية المطلوبة.

وأكد عباهرة أن مزاعم الاحتلال باطلة وهي مبررات تستخدم لحرمان أهالي المنطقة من المياه موضحا أن ما يزيد من تعقيد المشكلة هو أن كمية الأمطار التي هطلت هذا العام كانت قليلة بشكل عام مما نجم عنه  ضعف مخزون المياه الجوفية والسطحية في الأحواض المائية من جهة وعدم تمكن المواطنون من تخزين أية كميات من مياه الأمطار في آبار وخزانات الجمع المخصصة لغرض تجميع المياه واستخدامها خلال الصيف.

البحث عن حلول

ولمعرفتهم التامة وخبرتهم السابقة بالإجراءات التعسفية الإسرائيلية يحاول أهالي القرى الغربية وخاصة المزارعين حل مشاكلهم بطرق فردية عبر شراء صهاريج المياة التي ارتفع سعرها لما يقارب 200 شيكل وهو سعر مر تفع كما يقول منير خالد من السيلة الحارثية لأنه  يشكل عبئا اقتصاديا ثقيلا علينا  وخاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي  نعيشها.

اما محافظ جنين قدورة موسى فقال: "إن الاحتلال يتبع سياسة مبرمجة للتضييق على شعبنا بكل السبل خاصة و أن قضية المياه من أكثر الملفات الشائكة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني وخاصة في ظل تنصل الاحتلال  من الاتفاقيات الموقعة معه بهذا الخصوص والتي تضمن السماح للفلسطينيين بحفر آبار المياه الجوفية وتطوير بعض الآبار القديمة مما أدى إلى أزمة مياه خانقة في معظم محافظات الوطن".