خبر أوباما يتحدى.. معاريف

الساعة 09:34 ص|04 يونيو 2009

بقلم: عوزي بنزيمان

توماس فريدمان تحدث اول امس مع الرئيس اوباما وتعرف منه على شيء ما من الخطاب الذي يوشك على ان يلقيه في القاهرة اليوم. وأشرك فريدمان قراء "نيويورك تايمز" في ما فهمه: الرئيس الامريكي يوشك على ان يقول لشعوب الشرق الاوسط انظروا في المرآة وهو يعتزم مناشدتهم ان يكونوا صادقين، وان يقرأوا الواقع كما هو وان يكفوا عن اخفائه خلف ستائر الادعاء وازدواجية اللسان. أوباما، حسب المحلل الامريكي، لا يوهم نفسه في ان خطابا واحدا سيغير العالم، ولكنه يؤمن بأن الحديث في مستوى النظر كفيل بأن يؤثر على مئات ملايين العرب وعلى 7 مليون اسرائيلي سيشاهدونه. وحتى عندما نأخذ بالحسبان بأن اوباما محسوب الخطى في الرسالة التي يسعى الى نقلها عبر فريدمان، فليس من الحكمة ان نتجاهل النهج الذي يعرضه: مهما كانت الدوافع الاستراتيجية والاعتبارات السياسية للرئيس الامريكي، فان الطلب الذي يوجهه الى شعوب المنطقة في نزع غلاف الازدواجية والزيف التي يغطون بها نواياهم الحقيقية، يمس شغاف قلب النزاع. في واقع الامر، ما يقوله زعيم العالم الغربي هو، حانت لحظة الحقيقة؛ ضعوا الاوراق على الطاولة وتوجهوا للتصدي للمسائل الجوهرية.

اسرائيل هي مشاركة مباشرة في ما يسميه الرئيس الامريكي "رقصة الكابوكي": فهي تختبىء في الساحة التي يقع فيها المشهد الشرق اوسطي دون ان تلمس الامور نفسها. ومثل الراقصين العرب فان وجهها يتستر بالوان سميكة لاخفاء مواقفها الغامضة. اسرائيليون فهيمون (ووطنيون)، يوصون بالانصات الى دعوة اوباما والضغط على حكومتهم للاستجابة له. بعد 42 سنة من حرب الايام الستة حان الوقت للاعتراف بصوت عال بأن محاولة ابتلاع الضفة الغربية (عن قطاع غزة سبق ان تنازلنا) هو خارج قدرة هضم الدولة. هذا الجهد الكبير يجبي أثمان باهظة – بالمقدرات الاقتصادية، بالعبء الامني، بالتدهور الاخلاقي، بالشرخ الداخلي، بتضعضع أسس النظام – بحيث من الافضل التخلي عنه. غير ان حكومات اسرائيل، على اجيالها، رفضت الاعتراف بذلك وصممت شخصية الدولة بقوة الاضطرار الذي فرضها عليها التطلع لمواصلة الاحتفاظ بالمناطق.

للدول العربية، وبالتأكيد للفلسطينيين مسؤولية كبيرة على مواصلة النزاع، ولكن ساذجا من يتجاهل دور اسرائيل في الطريق المسدود الذي توجد فيه. اسرائيل توجه خطاها وهي مدفوعة برفضها هجر البلدات التي اقامتها في الضفة الغربية. وهي تبرر مواقفها بألف عذر، بعضها غير مدحوض، ولكنها لا تصرح بدافعها الحقيقي – عدم رغبتها او عدم قدرتها على التحرر من التزامها بالمستوطنات.

توجد لاسرائيل حجج مبررة لمواصلة الاحتفاظ، حاليا، باراضي الضفة الغربية: الفلسطينيون ليسوا ناضجين بعد لاقامة دولة، والعداء العربي تجاه مجرد وجود الدولة اليهودية لم يتبدد، والمخاطر الامنية في التخلي عن المناطق المحتلة عالية جدا. ومن المشروع التمسك بهذه المواقف من حيث الجوهر؛ ولكن من غير المشروع التمسك بها من أجل اخفاء الدافع الحقيقي – رفض التخلي عن المستوطنات. وذلك لانه في المستقبل سيكون ممكنا، ربما، ايجاد تسويات تهدىء المخاوف الامنية والوجودية لاسرائيل، بينما التسليم بوجود المستوطنات، فما بالك بتوسعها، يخلق بيقين عائقا غير قابل للاجتياز لتحقيق المصالحة مع جيرانها.

ما يريده اوباما هو ان يطرح على طاولة المداولات، جذور الخلاف ومواجهة اسرائيل (ضمن امور اخرى؛ وهو يوجه المطالب للعالم العربي ايضا)، مع موقفها من المستوطنات. وبدلا من التباكي بان الرئيس الامريكي يسعى الى اسقاطه، يجبر رئيس الوزراء ان يقبل التحدي الذي يوجهه له اوباما.