خبر اغتيال بواسطة مبعوث.. هآرتس

الساعة 09:33 ص|04 يونيو 2009

بقلم: يوسي ميلمان

الاذرع الاستخبارية الاسرائيلية نفذت خلال 60 عاما من وجودها جرائم غير قليلة ضد الولايات المتحدة – هذا ما نشر في الماضي في وسائل الاعلام الاجنبية. في مطلع الخمسينيات جندت (بواسطة الملحق العسكري حاييم هرتسوغ) عملاء من بين صفوف الضباط العرب الذين خدموا في واشنطن. في سنوات الستينيات سرقت اليورانيوم بواسطة رافي ايتان ووحدة (مكتب العلاقات العلمية، هذه القضية التي عرفت باعتبارها قضية تهريب اليورانيوم من مصنع أبولو التابع لزلمان شقيرة). في الثمانينيات استخدم الجواسيس (جوناثان بولاد وبنعامي كاديش) واستعانت برجال اعمال (أرنون ميلتشن) لسرقة أسرار وتكنولوجيا وأجهزة ومن ضمنها برنامجها النووي.

الان توجه ضد اسرائيل تهمة بارتكاب جريمة اخرى – محاولة القتل. جون جونتر دين سفير الولايات المتحدة في لبنان سابقا يدعي في مذكراته التي نشرها في الشهر الماضي ان عملاء الاستخبارات الاسرائيلية حاولوا اغتياله. هو ولد في عام 1926 في المدينة الالمانية براسلاو باسم جون جونتر دونستفرتيك. والده محام يهودي اعتبر نفسه مواطن المانيا ابن الديانة اليهودية وغير الصهيوني، وهجر الولايات المتحدة. الابن انضم الى وزارة الخارجية وخدم في فيتنام وفي افغانستان وفي الهند.

في اواخر السبعينيات وضع دين في لبنان واطلع عن كثب عن الدور الاسرائيلي المعمق هناك. هو اعتقد ان السياسة التي اتبعتها اسرائيل بصدد لبنان والعالم العربي عموما تتناقض مع المصالح الامريكية وحاول التحرك ضدها. من هنا عقد علاقات قوية مع القادة الفلسطينيين وحاول اقناع زعيم الكتائب المسيحية بشير جميل بان لا يكون العوبة بيد اسرائيل. نهجه لم يرق للمسؤولين وللقادة الاسرائيليين وادى في احيان كثيرة الى مجابهات بينه وبين سفير الولايات المتحدة في اسرائيل سام لويس. في آب 1980 سافر دين في لبنان مع زوجته وابنته وخطيبها. كانت في قافلتهم ثلاثة سيارات. عندما اصبحوا خارج بيروت اطلق عليهم فجأة صاروخ من كمين واطلقت عليهم النار من الاسلحة الاتوماتيكية. ولم يصب منهم احد. في كتابه "مناطق خطيرة: حرب دبلوماسي من اجل المصالح الامريكية" كتب دين: "السلاح والصاروخ انتجوا في الولايات المتحدة وارسلوا لاسرائيل التي استخدمتهم لاغتيال دبلوماسي امريكي".  وزارة الخارجية الامريكية شرعت في التحقيق الذي لم يعرف نتائجه ابدا. دين قرر اجراء تحقيق خاص به. خبراء من واشنطن كشفوا له النقاب عن اسرائيل قد ارسلت اسلحة كانت الولايات المتحدة قد زودتها بها الى احدى الميلشيات المسيحية في لبنان. "انا اعرف بثقة مطلقة بان الموساد كان ضالعا في الهجمة بطريقة ما" اجمل دين القضية. "من دون شك حليفتنا اسرائيل وبواسطة عملائها حاولت قتلي".

في عام 1988 اجبرت وزارة الخارجية الامريكية دين على ترك منصب السفير في الهند. على حد قوله المسؤولون عن الوزارة فعلوا ذلك لمنعه من المس بالحملة الانتخابية التي ادارها نائب الرئيس حينئذ جورج بوش الاب واسكات الانتقادات التي وجهها لسياسة بوش والرئيس رونالد ريغين في افغانستان. هو يدعي بان المسؤولين عنه قد اجبروه على تلقي علاج نفسي بذرائع وهمية واثر تشخيص كاذب اتاح له المجال في اخر المطاف للخروج من الخدمة في اوروبا. بعد التقاعد كرس وقته بين باريس ومزرعة زوجته في سويسرا.

من الصعب طبعا التأكد من رواية السفير الامريكي. مسؤولين كبار سابقين في الاذرع الاستخبارية الاسرائيلية من الذين كانوا ضالعين في بلورة السياسة الاسرائيلية في لبنان وتنفيذها يعتقدون ان المؤلف يتحدث من خلال خيالاته الخاصة. "هل من المنطق ان تصادق حكومة اسرائيل برئاسة مناحيم بيغن على قتل دبلوماسي امريكي؟" هم يتسائلون. ومع ذلك اجتاز كتاب دين رقابة وزارة الخارجية التي صادقت على نشره بعد ان طلبت ادخال بعض التغيرات عليه.

طول الحبل

تعيين حاجي هداس ممثلا لرئيس الوزراء في المفاوضات في اطلاق سراح جلعاد شليت عرض على الجمهور باعتباره خطوة ستتسبب بانطلاقة. ماضي هداس في الموساد اعتبر مؤشرا هاما سيساعده في عمله ولكن الحقيقة قد تكون معاكسة. هداس خدم في الوحدات الاكثر ميدانية في الموساد. وفقا لتقارير اجنبية هو كان رئيسا لوحدة كيدون تلك الوحدة التي نسب لها تنفيذ "مهمات خاصة". هذه المهمات وفقا للمصادر الاجنبية تضمنت قتل ارهابيين عرب مثل الدكتور فتحي شقاقي رئيس الجهاد الاسلامي الذي تم اغتياله في مالطا في عام 1995. النماذح الاخرى هي اغتيال الاجانب الذين ساعدوا الدول المعادية في التسلح بالسلاح غير التقليدي كالمهندس الكندي الدكتور جيرالد بول. بعد ذلك كان هداس رئيسا "لقيسارية" قسم العمليات التابع للموساد.

في المنصب الجديد لا يوجد لهداس اية ميزة من خلال تجربته الاختصاصية. هو ليس ناطقا بالعربية وليس خبيرا باجراء المفاوضات، ومعرفته بالعالم العربي في اقصى الاحوال من خلال فوهة البندقية. اسلافه في المنصب جاؤوا من الشاباك (يوسي جينوسار ويعقوب بيري وعوفر ديكل) وكانوا رجال قانون (شموئيل تاميير، اري مارنسكي، اوروي سالونيم). لوبا الياب السياسي والمربي كان استثنائيا. هو جند للمنصب بسبب علاقاته مع اليسار الاوروبي وم.ت.ف.

على اية حال شخصية الوسيط ومزاياها ليست الامر الاساسي. قدرته على التوصل الى صفقة تعتمد على طول الحبل الذي سيعطوه له. ان رغب رؤساء الوزراء والحكومة كلهم بعقد صفقة وكانوا جاهزين لدفع ثمنها الفادح من خلال اطلاق سراح مئات الارهابيين حسب مطلب حماس فسيكون بالامكان تنفيذها في اية لحظة. في الوقت الحالي يبدو ان حكومة نتنياهو – ليبرمان – باراك ليست جاهزة لدفع الثمن الذي كان مرتفعا جدا حتى بالنسبة لحكومة اولمرت – لفني – باراك.