خبر تعنت صهيوني حسب الأصول/فايز أبو راس

الساعة 07:21 ص|04 يونيو 2009

التعنت الذي يبديه رئيس حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو وأركان حكومته في مسائل القدس والمستوطنات وغيرها مما يعتبر من مسائل اللباب، ليس مستغرباً ولا خارجاً عن السياق الطبيعي الذي تقتضيه أصول التعامل بين الكيان ومن يتمرغ على أعتابه من طالبي الإحسان السياسي عرباً وفلسطينيين للحصول على حقوقهم الوطنية والقومية, ومنذ البداية فقد انتخب تجمع المستوطنين داخل الكيان هذا الفريق السياسي ليؤدي هذا الدور ويقوم بهذه المهمة فقط لا غير بعد أن سئموا الضبابية والكلام الذي يحتمل أكثر من تأويل على ألسنة القيادة السابقة ولذلك فقد كانوا بحاجة إلى قيادة أكثر جذرية ومواقف أكثر تصلباً وقد حصلوا عليها, وذلك من أجل الوضوح في القضايا التي يعتبرونها مصيرية من وجهة نظرهم وهم الآن يعتبرون أن الظرف موات جدا لفرض وجهة نظرهم ولتحقيق أهدافهم   ولا يوجد داع للتأخر والانتظار بعد أن تجاوزوا مرحلة بناء الدولة والاستحواذ على (أرض إسرائيل) كما يعتقدون, وعليهم الآن أن ينتقلوا إلى مرحلة جديدة وأن يحققوا يهودية الدولة, وهذا ما يجري التأسيس له قانونياً الآن داخل الكنيست.

 

القضايا التي يثار النقاش حولها رغم أهميتها هي بعض جزئيات القضية الفلسطينية الكلية وليست كلها, لكن طريقة التعاطي مع هذه الجزئيات تنبي عن الطريقة والمنهج في التفكير التي تحكم المتوسلين والمتصدقين في نفس الوقت وشكل الحلول المتوقعة التي يتوجب على شعبنا انتظارها, وعندما لا يكون غير موقف الإدارة الأمريكية ووزيرة خارجيتها هو الوحيد المعول عليه عربيا وفلسطينيا في الضغط على حكومة الكيان من أجل تعديل مواقفها فعلينا أن لا نتوقع غير التعنت والتصلب والإصرار على نفس المواقف لأن السياسة الأمريكية في النهاية هي لتحقيق مصالح إسرائيل في المنطقة لأن مصالح إسرائيل هي المصلحة الأمريكية الحقيقية وعلى الطرف المقابل (العرب والفلسطينيين) أن يقدموا التنازلات وان يتقبلوا ذلك ويقنعوا أنفسهم بصوابية الموقف الأمريكي الإسرائيلي لأن هذا هو الممكن والمتوفر والمتاح في الوقت الحاضر؟؟؟.

 

السعي المتواصل الذي يقوم به النظام الرسمي العربي وأطراف السلطة الفلسطينية لإيجاد الحلول وهذه الزحمة من المبادرات السلمية ومشاريع التسوية على امتداد عقود طويلة والتي من كثرتها أصبح من العسير على المرء إحصاؤها أو تذكرها بدون الرجوع إلى الوثائق والمدونات والكتب حتى أن المرء ليدهش من الابتذال وإراقة ماء الوجه في تسويقها والترويج لها وهي كاسدة بائرة ولا من يشتريها ولا أحد يتطلع بها أو يهتم بمطلقيها الذين يتذللون وهم يفركون الأيدي ويصطنعون الوقار رجاء أن تحظى بضاعتهم بشيء من القبول الذي يحقق لهم بعض الرضى عن أنفسهم أمام شعوبهم لكنهم رخصوا أنفسهم فرخصت بضاعتهم وكان عليهم أن يختاروا ما يعزهم ويرفع شأنهم وهم أولى بالتمسك بحقهم من تمسك الصهاينة بباطلهم.

 

التزام الأطراف العربية السلام كخيار وحيد أفقدها ميزة أن يكون لديها بدائل أخرى وحرمها من الناحية النظرية إمكانية أي مناورة في الوصول إلى الأهداف وأبقاها في وضع المستجدي الذي ينتظر ما يجود به عليه المحسنون الصهاينة والأمريكان الذين لا يرغبون في التنازل حتى عن ما هو شكلي من اجل إنقاذ ماء الوجه, بل يسعون إلى سلبهم حتى آخر قطرة حياء وذلك من اجل قطع كل علاقة لهم بقضاياهم وحشدهم مع الكيان الصهيوني في تحالف جديد لمواجهة عدو مصطنع جديد, هذا الخيار وغيره من الخيارات العربية الخاطئة هي التي تفتح شهية الصهاينة والإدارات الأمريكية المتعاقبة لتلقي المزيد من التنازلات العربية بحيث تتحول الحقوق الثابتة باستمرار إلى قضايا متنازع عليها ومن ثم يتم التنازل عنها ونسيانها فيما بعد وبذلك يصبح التنازل عن الحقوق شيء لازم لتعزيز إجراءات الثقة بين الجانبين أو لفتح باب التفاوض ومن أجل انطلاق الحوار, هذه الخيارات ثبت بما لا يدع مجال للشك فشلها وعظيم ضررها وأصبح لزاما على كل ذي عقل وصاحب بصيرة أن يكون له صلة بذلك النفر الذين لم يضرهم من خالفهم أولئك المرابطون في المقاومة. 

 

 

 

الرد المطلوب الذي ينهي التعنت الصهيوني ليس في التنازل أمامه ولا في ملاقاته عند منتصف الطريق أو في إيجاد المخارج والحلول له ولمشاكله وأزماته بل في تعميق هذه الأزمات وسد كل المخارج عليه وذلك بالتمسك الحازم بالحقوق الوطنية الثابتة في فلسطين وعدم التنازل عنها وفي التعامل مع الصهاينة في فلسطين كل فلسطين كعدو مغتصب ليس له منا إلا الحرب والقتال والمقاومة وأننا أصحاب حق وقضية عادلة ومستعدون للتضحية بأرواحنا في سبيلها ومؤمنون بأن النصر حليفنا مهما طال الزمن وبلغت التضحيات, وأن علينا واجباً نؤديه في معركة طويلة قد لا نشهد نحن انتصارها لكننا واثقون من النصر كأننا نراه رأي العين, الرد المطلوب هو في الإيمان بأن شعوب أمتنا العربية قادرة على الصمود والتغيير وتقديم الدعم والانتصار وفي أن الأمة كل الأمة لن تخذلنا ويوم نصرتها لنا قادم ولو تأخر بسبب الأغلال التي تكبلها وهو قريب.