هل تجاوزت حركة الجهاد الإسلامي حالة الردع

الساعة 12:57 م|15 مايو 2023

فلسطين اليوم

بقلم : خالد صادق

منذ العام 2008م شن الاحتلال الصهيوني سبع عمليات عسكرية على قطاع غزة, بخلاف الجولات القتالية التي كانت تستمر لساعات, وفي كل عدوان يشنه الاحتلال, كان يعد الإسرائيليين, وتحديدا سكان ما يسمى بالغلاف الحدودي بوقف اطلاق الصواريخ من غزة تجاه المستوطنات, والقضاء على من اسماهم بالحركات «الإرهابية» ووصل به غيه للحديث عن إعادة احتلال قطاع غزة, وفي كل معركة كان الاحتلال يخرج خالي الوفاض, لم يحقق من أهدافه شيئاً, وكانت تتعرض حكوماته الباغية لانتقادات لاذعة وتعنيف جديد, لذلك حاول الاحتلال ان يغير من أسلوبه واستراتيجيته في التعامل مع فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة, فقرر ان يخوض معاركة مع حركة الجهاد الإسلامي وجناحها العسكري بعيدا عن كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة  حماس, والاستفراد بفصيل على حساب فصيل اخر, ففي معركة وحدة الساحات العام الماضي قال الاحتلال انه لا يقاتل الا الجهاد الإسلامي فقط, ولا يريد لحماس ان تتدخل, ظانا ان الجهاد سيتلاشى وينتهي ويضعف وتكسر شوكته, فاستهدف ابرز قياداته العسكرية وقام بتصفيتهم واغتيالهم, واستطاعت الحركة ان تصمد في المعركة وتدافع عن نفسها, وحمت فصائل المقاومة حركة الجهاد من هجمات الاحتلال, وتحديدا كتائب القسام, وهددت بالدخول المباشر وبقوة في المعركة, وانتهت معركة وحدة الساحات ولم يستطع الاحتلال ان يضعف الجهاد او يقضي عليها, بفضل قوة وصلابة الحركة, وبفضل الحاضنة الشعبية التي تؤمن بالكفاح المسلح لردع الاحتلال الصهيوني وافشال مخططاته العدوانية, واستلاب حقوقه منه بالقوة والردع, لان الحقوق لا تمنح, انما تنتزع انتزاعا من بين انياب الاحتلال, أصيب الاحتلال بخيبة امل واتهم بالفشل والاخفاق وقرر ان يعيد الكرة مرة أخرى.

دفع ما يسمى بوزير الامن القومي الصهيوني ايتمار بن غفير, وما يسمى بوزير المالية الصهيوني المجرم بتسلئيل سموتريتش رئيس حكومتهم النازي بنيامين نتنياهو بالتعجيل في توجيه ضربة مباغتة للجهاد الإسلامي, الذي يقوم بدعم وتحريض كتائبه في الضفة, والذي اوجد الأرض الخصبة للفعل المقاوم هناك, والذي استطاع ثلة من اسراه الابطال في سجن جلبوع اختراق السجن «الخزنة» وحفر نفق اسفله والتحرر منه, لتهتز ما تسمى دولة إسرائيل امام هذا الفعل البطولي الذي اذهل الجميع, طالب بن غفير وسموتريتش بالعودة الى سياسة الاغتيالات, وافصحت حكومة نتنياهو عن نواياها هذه, ووجهت تهديدات لقادة الجهاد, ولقادة حماس, وسمت أسماء بعينها ووضعتها على خارطة الاغتيال, ظنا منها انها قادرة على كسر المعادلات التي فرضتها المقاومة بالقوة على الاحتلال في اعقاب ملحمة سيف القدس البطولية, خاصة بعد تآكل قوة الردع وانكشاف حقيقة الجيش الذي وصفوه انه لا يقهر, لكن نتنياهو اساء التقدير مرة أخرى, واندفع وراء الصهيونية الدينية ورغباتها, حتى لا تنهار حكومته, ويضطر للدعوة لانتخابات جديدة, فاندفع نحو المعركة التي اطلق عليها اسم «السهم الواقي», ظانا انها ستنتهي خلال ساعات, لكن تقديراته الخاطئة دفعت به الى الهاوية, واصبح يستجدي التهدئة ويرسل الوسطاء لإقناع الجهاد الإسلامي بوقف المعركة التي اطلقت عليها المقاومة اسم «ثأر الاحرار», ووقفت غرفة العمليات المشتركة مع سرايا القدس في معركتها, وقادت العملية من بدايتها الى نهايتها, واستطاعت سرايا القدس ان تمتلك مفتاح الميدان وتحدد أهدافها بدقة وتتحكم في مسار المعركة, وتحدد وقت نهايتها, وسمعنا ابن غفير وسموتريتش يطالبان بوقف المعركة ويستجديان ذلك, لكن النهاية حددتها السرايا والمقاومة وفق شروطها.

اهم مكسب خرجت به حركة الجهاد الإسلامي من هذه المعركة, انها أصبحت خارج دائرة الردع الصهيونية, فالاحتلال بات يدرك انه لا يمكن ردع سرايا القدس, او يخوض معارك ضدها, حتى لو كانت معركة منفردة, وترسخت قناعة لدى الاحتلال, ان حسم أي معركة في غزة يتطلب انتصاراً, وكلمة الانتصار على المقاومة غير حاضرة في القاموس الفلسطيني, فهى معركة إرادات, وصراع بين مشروع صهيوني محكوم عليه بالفشل, ومشروع حضاري ينبئ بانبعاث الامة من جديد, مشروع تقوده المقاومة بإيمان وعزيمة وإرادة لا تلين, وهى تستند على الحاضنة الشعبية التي تؤمن ايمانا مطلقا بالفعل المقاوم, فقد أصبحت المقاومة ثقافة ترسخ في العقول والاذهان, وممارسة يمارسها الطفل الفلسطيني, والزهرة الفلسطينية, والمرأة والرجل, كحق اصيل يتمسك به ليتخلص من براثن الاحتلال, وينال حريته ومقدساته, فالأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي خرج ليخاطب الشعب الفلسطيني ويقول لهم ان جولة انتهت, لكن المعركة مع الاحتلال لا تنتهي الا بزواله واندحاره عن ارضنا الفلسطينية المغتصبة, وان المقاومة وسرايا القدس لا زالت تمسك بسلاحها وتستعد لجولة جديدة من المواجهة مع الاحتلال, ونحن نقول انه بالمفهوم العسكري فان الجيش القوي الذي يخفق في تحقيق اهداف العدوان التي سعى لتحقيقها هو جيش مهزوم, والجيش الضعيف الذي يستطيع منع الجيش القوي من تحقيق اهداف العدوان, هو جيش منتصر, والاحتلال خاض جولات وجولات يستهدف سرايا القدس وفصائل المقاومة, وفي كل مرة يصاب بخيبة امل, ويخفق في تحقيق الأهداف, نتنياهو المهزوم سيخضع للمساءلة والحساب, وان كان يسوق لصورة نصره باغتيال ستة من سرايا القدس فانه واهم, فسيخلف القائد الف قائد, وستعود السرايا اكثر قوة, وعليه ان ينتظر جولة جديدة من القتال, ليعلم ان دماء الشهداء تثمر نصرا وتفجر براكين الثورة بوجه الاحتلال.

 

كلمات دلالية