خبر مردا.. قرية فلسطينية في سجن كبير بين مطرقة مستوطنة « ارئيل » وسنديان الأسلاك الشائكة

الساعة 08:11 ص|01 يونيو 2009

فلسطين اليوم : نابلس

منذ ان احتل اليهود الارض الفلسطينية عام 48، بانت الخطوط العريضة لسياسة الاحتلال والتي مهدت لسلسلة تداعيات على الارض عززت التواجد الاستيطاني في الضفة الغربية وقطاع غزة ، فقاموا بتدمير المئات من القرى العربية وارتكبوا العديد من المجازر البشعة في حق شعب يعيش على ارضه ووطنه و احلال الظلم بهم وسلبهم حقهم وكرامتهم، وفرض وجودهم على الارض الفلسطينية بتثبيتهم للبؤر الاستيطانية وبناء آلاف الوحدات السكنية وشق الطرق الالتفافية...

 

سجناء

فقرية مردا شمال سلفيت المحاصرة بالاسلاك الشائكة والتي اصبحت بين فكي كماشة هي الاخرى لم تسلم من هذه الهجمة الاستيطانية الشرسة على الارض الفلسطينية بشكل عام واراضي هذه القرية المسالمة بشكل خاص، فعلى اراضيها ترسو كتله ضخمة من البيوت التي تغطى بالقبعات الحمراء وكأنها مشاعل من النيران تنذرهم بمصائب جمة على المدى البعيد, وهي مستوطنة ارائيل وتعد من المستوطنات الكبرى في الضفة الغربية.

 

لا يختلف شعور السجناء داخل زنازين الاحتلال وشعور اي مواطن يعيش في قرية مردا من حيث سلب الحق في الحرية والحركة والتنقل " ويقول نصفت الخفش منسق اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار ومسؤول الاغاثة الدولية، ان قرية مردا تعيش في عزلة تامة عن باقي المحافظات وبالتالي فان معاناة الاهالي تزداد يوما بعد يوم وخصوصا المزارعين والتي تتحكم تلك الاسلاك الشائكة بتنقلهم عبر مداخل معينة لوصولهم الى اراضيهم. ويستكمل نصفت حديثه بأسى بالغ لما وصلت اليه القرية ويقول "ان محاصره القرية بهذا الشكل له الاثر البالغ السلبي على حياة المواطنين اقصاديا واجتمعية وسياسيا، من حيث صعوبة تقديم الخدمات الأساسية في القرية كذلك صعوبة تنقل المواطنين من القرية الى القرى و البلدات المجاورة، هذا وتسبب ذلك الى تحويل القرية الى سجن كبير يعزل ما اكثر من 2000 مواطن عن محيطهم فهناك نوع من الحد من الحرية في التنقل بشكل عام... فأي نوع من الظلم هذا ان تحرم انسانا حريته في وطنه ؟؟!!

 

حتى شجرة الزيتون لم تسلم

ولم يكتف الاحتلال بمحاصرة القرية من جميع الجهات بل قامت بمصادرة ما يقارب (110 دونمات ) من اراضي الشمالية للقرية من اجل اقامة طريق عابر السامرة والذي يمر باراضي القرية الشمالية الغربية إضافة إلى تدمير و اقتلاع نحو( 230) شجرة زيتون من القرية بهدف إقامة هذه الطريق.

 

اضافة الى ذلك مصادرة الالاف الدونمات الزراعية في محافظة سلفيت من اجل اقامة جدار يحيط بمستعمرة ارائيل، مدمراً بذلك( 1000 دونماً) بني عليها الجدار أو تم عزلها خلف الجدار العنصري، مدمرا بذلك (4000 شجرة زيتون )، بالإضافة إلى عزل ما يزيد على ( 500 شجرة زيتون) خلف الجدار المحيط بمستعمرة 'ارائيل' بحسب معطيات وزارة الزراعة الفلسطينية.

 

ولم يقف الاحتلال عن ذلك بل قاموا باقامة عبارات للمياه العادمة على طول الجدار المحيط بمستعمرة 'ارائيل' بهدف ضخ المياه العادمة من بيوت المستعمرة إلى الأراضي الزراعية شرقي الجدار في قرية مردا مما تسبب ذلك إلى إتلاف عشرات الدونمات الزراعية بالقرية، اضاف "صادق الخفش رئيس المجلس القروي " انه تلقينا شكاوي من قبل اصحابها وقمنا بدورنا بتقديمها للارتباط من اجل مساعدتنا في التخلص من هذه العبارات، والتي بدورها تقضي على اشجار الزيتون، وبهذا حتى شجرة الزيتون لم تسلم من عنصريه الاحتلال.

 

اما المواطن" امير فيقول " نتعرض لمضيقات من قبل المستوطنين بحقنا كمزارعين من استغلال اراضينا الزراعية المحاذية للجدار، وبالتالي تمنعنا قوات الاحتلال من القرب حتى الى هذه الاراضي، ولا تسمح لنا بتقليم الاشجار ولا بحراثتها مما يقضي عليها كذلك عدم السماح لنا حتى بقطف الزيتون خلال الموسم،

 

اصوات مزعجة وروائح كريهة..

ولم يقف الحال عند هذا الحد بل تعداه الى الاعتداءات التعسفية الهمجية، والممارسات القمعيه والنفسية ضد المواطنين العزل في هذه القرية من قبل قطعان المستوطنين، فما ان يحل الليل والا باصوات ومكبرات الموسيقى وضحكاتهم تعلو على سكون الليل وخصوصا ايام اعيادهم, فتسرق من الاهالي نومهم واحلامهم وهذا ما اكدته لنا الحاجة ام فادي فتتقول " نحن في المنطقة الغربية لا نعرف النوم من الاصوات التي يقوموا بها "

 

اضافة الى الروائح الكريهة " والتي يشكوا منها الاهالي حيث يقول " محمد يقوم مستوطنو ارائيل بتسريب مياه المجاري بين اشجار الزيتون القريبة من بيوتنا وبالتالي لا نستطيع تحمل هذه الروائح، والتي بدورها تؤدي الى بيئة غير صحيه، بالرغم من تقديم شكوى للجهات المختصة ولكن دون جدوى من اعمالهم الاستفزازية والتي تجعلنا نكره انفسنا ونتمنى انا لو لم يخلقنا الله..

جاء الصيف وجاء همه.

جاء الصيف وجاء همه.. هكذا بدأت ام احمد حديثها وكأنها مثقلة بهمها، فتقول "لم يكتف الاسرائيليون بمصادرة اراضينا، واقتلاع اشجارنا، وحصرنا وعدم حريتنا في التنقل من خلال وضع الاسلاك الشائكة على قريتنا، والتحكم بنا، بل يقوموا بتسريب قطعان من الخنازير بين البيوت وبين المزروعات، مما يقذف الخوف في نفوسنا ونفوس اطفالنا، كذلك يتملكنا الخوف من السهر في ساحة البيت، وبالتالي نفضل البقاء في البيوت بالليل خوفا من مهاجمتنا "

 

المواطن امين يقول " نحن نعاني من هذه المشكله وتزداد كل يوم فعند ذهابي الى المسجد لاداة صلاة الفجر فانني اشاهدها بين البيوت وفي الشوارع مما بنتابني خوف من مهاجمتنا، اضافة الى ذلك فان قطعان الخنازير تقوم بتخريب المزروعات من خلال ماتقوم به من حفر على الاشجار، علاوة على ذلك الخوف الذي صار يتملكنا انتشار مرض انفلونزا الخنازير,لذلك نناشد المسؤولين بحل هذه المشكلة باسرع وقت ممكن "

 

رئيس المجلس القروي "صادق الخفش عند سؤالنا له بخصوص مشكله الخنازير وكيفيية معالجة هذه المشكله اضاف قائلا " نحن في قريتنا نعاني من هذه المشكله اكثر من سنتين وتم التعامل معها من خلال توزيع مادة سامة على المزارعين من اجل التخلص منها ولكن دون جدوى من ذلك، بل وتزايدت قطعان الخنازير في القرية. اما بالنسبة لانتشار مرض انفلونزا الخنازير فهذا من اختصاص وزارة الصحة وذلك بان تقوم بتوعية للمواطنين ومحاولة ايجاد حل لمنع تسرب القطعان ليس بقريتنا فقط وانما بباقي قرى محافظة سلفيت.

 

مستقبل مجهول

وينتاب مواطنوا اهالي قرية مردا شعور بالقلق والخوف المستمر عند التفكير بمستقبل القرية التي تخضع لاشكال مختلفة من قبل الاحتلال من عزل وحصار، والسياج الذي يلتف حولها كالافعى، وحد المزارعين من الوصول الى اراضيهم الزراعية بسهولة وعدم قدرة ابناء القرية من التوسع والبناء... مما يهدد القرية لصغر حجمها بالتلاشي وطمس هذه القرية كما حدث لقرى 48.

 

فالشاب محمود يقول"اصبحنا لا نعرف ما سيكون مصيرنا، فنشعر بالخوف والقلق بعد وضع الاسلاك وتحكم الجنود بنا حسب امزجتهم، والسؤال الذي يشغل بالنا كشباب هل هناك مخطط لعزلنا عن شعبنا وضمنا الى مستعمرة ارائيل ؟ ام انه هناك مجزرة سترتكب بحقنا كما حدث في قرى 1948 وسيذكرنا التاريخ ؟! والذي سنكون مشكورين له أن ذكرنا !!.