ما لا يريد أن يفهمه الاحتلال.. الشهادة قرار واختيار

الساعة 12:20 م|04 مايو 2023

فلسطين اليوم

 بقلم : خالد صادق

رغم ان تجارب الاحتلال السابقة كلها, اثبتت ان اغتيال القادة والشهداء لن يضعف المقاومة او يفت في عضدها انما يزيدها قوة وصلابة وانتشار, الا انه مستمر في هذه السياسة الفاشلة, لأنه يقيس الأمور بعقليته هو, وليس بعقلية ذاك الفلسطيني الذي يرزح تحت نير الاحتلال, ويعاني اشد المعاناة من ممارساته العدوانية وافعاله الاجرامية, فلا تطيب له الحياة في ظل العبودية, انما يبحث عن حريته وكرامته, وهو مستعد ان يبذل في سبيلها الروح والنفس والمال وكل شيء, لذلك لا يرهبه الموت, وهو لا يخشاه, ويسعى اليه بكل قوة, اذكر في مقابلة مع احد قادة حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين ابان ظاهرة العمليات الاستشهادية التي ارهقت الاحتلال انه قال, ان لدينا جيش من الاستشهاديين, يأتون الينا فيقبلون أيدينا ويتوسلون لكي ينفذوا عمليات استشهادية في فلب الكيان, هذا المعنى من العطاء والتضحيات لا يفهمه الاحتلال, لأنه "احرص الناس على حياة" أي حياة مهما كانت ذليلة, فهذا الكيان يعشق الحياة, ويظن واهما ان الفلسطيني يقبل بأي حياة يعيشها, فالفلسطيني يبحث عن حياة كريمة وعزيزة وان يعيش حرا مستقلا هانئا فوق ارضه وفي وطنه, لذلك رفع الشيخ الشهيد القائد خضر عدنان شعاره "كرامتنا اغلى من الطعام" فظن الاحتلال بجهله وغبائه انه مجرد شعار فقط, كالشعارات التي رفعها قادة الصهيونية الدينية وحليفهم نتنياهو ابان الحملة الانتخابية بتوفير الامن والأمان للإسرائيليين ووقف اطلاق الصواريخ من قطاع غزة, لكنها بقيت مجرد شعارات جوفاء لا يمكن ان يكتب لها النجاح, اما الفلسطيني الذي يشعر بمسؤولية الكلمة وشرف الكلمة وامانة الكلمة, فهو يتعامل معها بمسؤولية كبيرة حتى ولو كان ذلك على حساب حياته, ام عبد الرحمن زوجة الشهيد خضر عدنان وخلال مقابلة معها على إذاعة صوت القدس, قالت "والله لو انهم أتوا بي الى أبا عبد الرحمن وهو يحتضر, لأقنعه بفك اضرابه عن الطعام ما فعلت, لأنني اعلم ان هذه معركته التي ارتضاها لنفسه واراد ان ينتصر فيها" هذه الروح الوثابة لا يمكن للاحتلال ان يفهمها.     

لقد استوقفتني طويلا عبارة قالها الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين القائد زياد النخالة حفظه الله ورعاه قال فيها (نحن اخترنا طريق الشهادة بإرادتنا والشيخ خضر خير من مثل هذا الخيار), شعرت كم ان هذا القائد الكبير مستعد للشهادة, ولا يخشى الموت, وانه اختار طريقه هذا بإرادته, وهو يعلم مدى الاخطار التي تحدق به من كل جانب, وهو نفس الطريق الذي يسلكه القائد العام لسرايا القدس اكرم العجوري, الذي تعرض لمحاولة اغتيال بل عدة محاولات وقدم ابنه شهيدا, ونفس الطريق الذي سلكه القادة بهاء أبو العطا, وخالد منصور وتيسير الجعبري, ويسلكه القيادي في حركة حماس صالح العاروري الذي يهدد الاحتلال ويتوعد باغتياله, ويسلكه القائد العام لكتائب عز الدين القسام محمد ضيف والذي يلاحقه الاحتلال منذ عشرات السنين, لكن الله يحفظه بحفظه, ويسلكه رئيس حركة حماس في قطاع غزة القائد يحيى السنوار الذي ينشد الشهادة في سبيل الله في كل لحظة, وتحدى الاحتلال في اعقاب ملحمة سيف القدس البطولية بالسير وحده في شوارع غزة أمثال هؤلاء وغيرهم من الثوار الاطهار هم شهداء احياء, صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه, ومنهم من ينتظر, ما بدلوا تبديلا, ولا نزكي على الله احد, لكننا نفخر بعطاء شعبنا وقياداته ورموزه الوطنية, لا يمكن للاحتلال ان يفهم معنى الحياة بالشكل الذي يفهمه هؤلاء القادة العظام, ( فإما حياة تسر الصديق... واما ممات يغيظ العدى), فلا نامت اعين الجبناء, يضيف القائد زياد النخالة إن شهادة الشيخ الطويلة هي عنوان لمسيرة شعبنا الشجاع والعنيد ولو لم يكن لدى الشعب الفلسطيني أمثال الشيخ خضر لذهبت قضيتنا أدراج الرياح, انهم يصنعون مجدهم بعطائهم وتضحياتهم وامثالهم كثير من أبناء شعبنا الاحرار والاطهار والثوار الذين لا نعلمهم, ولكن الله عز وجل يعلمهم, وبمثلهم ننتصر, وهم من يزرعون بذور الثورة في العقول ويبعثون الامل

 هذا هو واجبنا المستمر وأكثر من أي وقت، القتال المستمر والصمود والإصرار على حقنا في فلسطين هو عنوان جهادنا الذي لن يتوقف مهما كانت التضحيات. فلنكن على قدر المسؤولية التي أوكلنا الله بها لتحرير القدس وفلسطين وطرد الغزاة القتلة من بلادنا وأرضنا, هكذا ختم الأمين العام القائد زياد النخالة كلمته, انها مدرسة الايمان والوعي والثورة التي لا تفنى, إن كل يوم يمر في تاريخ شعبنا يؤكد أن انتصارنا قادم بإذن الله، إن الإرادة التي جسدها الشيخ خضر في معركته الطويلة واشتباكه المباشر مع العدو وجهاً لوجهه وتوجت بالاستشهاد العزيز والكريم هي وسام شرف على صدر الشعب الفلسطيني الشجاع، وسيبقى الشيخ خضر رمزاً كبيراً من رموز شعبنا ورموز مقاتلي الحرية في العالم, وراية عالية في مسيرتنا نحو القدس, هكذا يحيا القادة العظام, فليس على أمثال هؤلاء يمكن ان نبكي لانهم احياء, فان رحلت أجسادهم فثورتهم حاضرة لا تغيب, من يمكن ان ينسى خضر عدنان هذا الرجل المعطاء الذي نذر نفسه للدفاع عن شعبه واسراه ومسراه, انهم اخافهم وهو حي, ولا يزال يخيفهم وهو شهيد, فيرفض الاحتلال الصهيوني تسليم جثمانه لذويه لدفنه, ويصر على احتجازه, لأنه يعلم انه سيحمل على سواعد الرجال, ويأخذ منهم العهد والبيعة بالثأر لدمه الطاهر ولفلسطين التي حارب من اجلها, فاحتجزوا جثمانه, لكن جماهير شعبنا توجهت لبيوت العزاء التي فتحت له بعشرات الالاف, ورددت ما ردده الأمين العام القائد زياد النخالة, " وفاؤنا اليوم للشهداء جميعاً وللشيخ خضر عدنان ومن سيلحقون بركب الشهداء الطاهر، أننا لن نغادر طريق الجهاد والمقاومة حتى تحرير أرضنا من القتلة والمجرمين الصهاينة.

 

كلمات دلالية