خبر « عكيفا إلدار » يكتب في « هارتس » : يعززون حماس من حيث يريدون إضعافها

الساعة 07:41 ص|01 يونيو 2009

" يعززون حماس من حيث يريدون إضعافها

عكيفا إلدار" "هارتس" :

ترجمة صالح النعامي

منذ تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو تصاعدت الدعوات الإسرائيلية لإسقاط حكم حركة حماس في قطاع، لكن أكثر ما يثير الانتباه هو أن هذه الدعوات لم تعد قاصرة على السياسيين، حيث غدا الكثير من قادة الأجهزة الأمنية يتبنون هذه الدعوات ويبررونها، وأبرز هؤلاء هو يوفال ديسكين رئيس جهاز المخابرات الداخلية " الشاباك "، الذي يعتبر أحد أكثر الجنرالات تأثيراً على عملية صنع القرار في تل أبيب. الكاتب الإسرائيلي عكيفا إلدار يدلل في مقال نشرته صحيفة " هآرتس " على أن المنطق الذي يستند إليه ديسكين غير سليم، ولن يؤدي إلا لتعزيز حركة حماس، وهذه ترجمة المقال:

 

يعتبر يوفال ديسكين رئيس جهاز المخابرات الداخلية " الشاباك " شخص مستقيم، إذ أنه يقول ما يؤمن به، وهذا تحديداً مصدر قلق. وقد عبر ديسكين الأسبوع الماضي عن مواقفه السياسية أمام أعضاء لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، وبواسطتهم نقل وجهة نظره للجمهور الواسع، ومواقف ديسكين تعبر عن فشل إستراتيجي خطير. لقد قال ديسكين أنه طالما ظلت حركة حماس تحكم غزة لا يوجد أي أمل لنجاح عملية سياسية حقيقية لحل الصراع بما يضمن مصالح إسرائيل. لكن ماذا يقترح ديسكين إذن؟، لقد قال " لقد اقترحت في حينه للمستوى السياسي للعمل على اسقاط حكم حركة حماس في غزة من أجل تهيئة السياقات لعملية سياسية بما يخدم مصالح إسرائيل ". لكن ديسكين ناقض نفسه، حيث أنه في الوقت الذي قال فيه أنه بالإمكان العمل على تهاوي حكم حماس، قال في نفس الوقت أنه من غير الممكن إجتثاث حماس من قلوب الفلسطينيين. لو تجاوزنا الافتراض أن ديسكين قال مثل هذه الأقوال من أجل خدمة سيده الجديد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فإن توصيف ديسكين والحكم المنبثق عنه من شأنه أن يتحول إلى حلم يحقق ذاته، حتى في حال لم يقم المستوى السياسي بتبنيه. موقف ديسكين يعني مد الآلة الدعائية لحكومة اليمين بالوقود، وذلك لتبرير رفضها فكرة إقامة الدولتين التي يدعو لها الرئيس باراك أوباما ومبادرة السلام العربية. أن الجمهور الإسرائيلي يقدس التصريحات التي تنسب عادة إلى قادة أمنيين كبار، لكن بعد مرور شهور أو سنين وعندما يتحول قادة الأجهزة الأمنية للحياة المدنية يتبين أن ليس كل من يشغل منصب عسكري لديه منطق سليم. بكلمات ثانية ديسكين يقول أن الطريقة الوحيدة بالتي بوساطتها يمكن تدمير حكم حركة حماس هو شن الطبعة الثانية من حرب " الرصاص المصبوب "، على غزة، لكنه في نفس الوقت يقر أن مثل هذه الحرب لن تؤدي إلى اجتثاث حماس من قلوب الناس...... والسؤال الذي يطرح نفسه كيف يمكن تهيئة سياقات سياسية تناسب مصالح إسرائيل في الوقت الذي تتربع حركة حماس على قلوب الفلسطينيين ؟ ففي غياب خيار جدي لحل الصراع بوسائل سياسية، فإن الخيار العسكري يجعل الفلسطينيين أمام خيار واحد: تخليد الصراع مع إسرائيل وتعاظم التأييد لحركة حماس. حتى أكثر الناس عداءً من بين الفلسطينيين لحماس يقرون أنه لا يوجد تنظيم أكثر منها قدرة على إدارة الصراع في ظل حرب استنزاف ضد إسرائيل، من هنا فإن حماس لن تحافظ على حكمها في غزة، بل أنها ستحصل على مواطئ قدم راسخة في الضفة الغربية على حساب السلطة الفلسطينية. لكن ماذا سيكون مصير التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية التابعة لأبو مازن وإسرائيل، وماذا بخصوص خطط دايتون ( الجنرال الأمريكي الذي يشرف على تدريب أجهزة عباس الأمنية )، وتحديداً فيما يتعلق تسليم السلطة المزيد من المناطق للسيطر عليها أمنيا.في نفس الوقت، فإن أي عملية عسكرية ضد حماس لن تحصل على شرعية دولية في حال لم يرافقها أفق سياسي، بل ستؤدي إلى اجتثاث إسرائيل من قلوب أفضل مؤيديها في العالم، وماذا سيكون مصير جلعاد شليت الذي تحتجزه حماس، في حال دفعنا هذه الحركة إلى الزاوية؟.

 

الدكتور ماتي شطاينبيرغ الذي عمل لسنوات مستشاراً لرؤساء جهاز " الشاباك " لشؤون الفلسطينيين، غضب من موقف زميله السابق ديسكين، وهو يؤكد أن ما يدعو له ديسكين لن يؤدي إلى انهيار حركة حماس، بل سيؤدي إلى انهيار حكم السلطة في الضفة الغربية. ويضيف إن كان رئيس " الشاباك " يعتقد أنه لا مفر من عملية عسكرية ضد حماس فإنه لا مفر من تهيئة الأرضية لعملية سياسية. اندماج إسرائيل في تحرك دولي وضمن ذلك أنظمة الحكم العربية المعتدلة تمكنها من العمل العسكري ضد حماس، وبهذا فقط يمكن أن نظهر حركة حماس كحركة تهدف لضرب العملية السياسية وتثير ضدها ليس المجتمع الدولي، بل أيضاً الدول العربية، كما أنها ستخسر تأييد معظم الفلسطينيين، وعلى رأسهم الفلسطينيين في غزة.

 

أن شطاينبيرغ مقتنع أن الطريق الوحيدة لوقف تعاظم حركة حماس يتمثل في محاولة اقناع الجمهور الفلسطيني بتفوق عوائد التسوية السياسية على طريق الدم والعرق والألم، لذا يقترح أن يتم قلب المعادلة التي رسمها ديسكين رأساً على عقب، فبدلاً من اشتراط الشروع بالعملية السياسية بإسقاط حكم حماس من الحكم، يجب تبني موقف يقول انه طالما لم يتم الشروع في عملية سياسية لحل الصراع، فإنه يتوجب السماح لحماس بمواصلة حكم قطاع غزة.