في لوحة جماعية فريدة، يتجمع العشرات من المواطنين حول مائدة إفطار واحدة، لا يهم ما تحمله من طعام وشراب، فـ"لقمة هنية تكفي مية" والأهم هو "لمة حلوة"، هي فكرة بدأت تنتشر وتتمدد في معظم مناطق قطاع غزة، وسط أجواء رمضانية تبث حباً ونفساً طيباً وتكافلاً اجتماعياً يزيد الحب حباً..
فقبيل ساعة من موعد الإفطار، يتجمع العشرات من أبناء المنطقة، يختارون لهم مكاناً للتجمع فيه، يحضر كل شخص طعام الإفطار الخاص به، ضمن شعار "فطورك عليك والمكان علينا"، حيث تسعى جهات لتأمين المكان وبعض من الأنشطة والفعاليات التي تزيد الفكرة جمالاً..
لا يقتصر الإفطار على سن محدد، فالأطفال قبل الكبار والشيوخ قبل الشباب، يشاركون في هذه الفكرة التي نمت بعيداً عن الجهات الرسمية، وبرتوكولات الإفطارات الجماعية التي تشهد بذخاً ومغالاة غير محمودة.
واعتاد المواطنون في قطاع غزة، على موائد الإفطار الجماعي من خلال المؤسسات الرسمية، لموظفيهم أو لفئات محددة، كالشهداء والأسرى والأيتام، لكن تتميز الفكرة أنها شعبية وعائلية تأتي في ظل ظروف اقتصادية صعبة.
الدكتور درداح الشاعر أستاذ علم النفس، يرى أن المواطن الفلسطيني لديه قدرة فائقة على التكيف مع الظروف، خاصةً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، لذا فإن الإفطارات الجماعية هي أفضل تعبير عن التكافل والتكيف الاجتماعي والاقتصادي.
وأشاد الشاعر في تصريح خاص لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، بالإفطارات الجماعية التي تعطي للإنسانية دافعية وإيجابية عالية تنشر المحبة والتعاون بين الناس، ويؤلف بين القلوب ويترك مساحة نفسية جيدة لدى المواطنين.
واعتبر الشاعر، هذا العمل إيجابياً يجب دعمه وتعزيزه والتفاعل معه والتركيز عليه من خلال وسائل الإعلام والثقافة المختلفة، لإبراز جوانبه الايجابية على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية.
وأشار إلى أن الإفطارات الجماعية كونها عمل فردي جماعي فهو أكثر قدرة على إظهار الصورة الاجتماعية للمواطنين، ويعبر عن الترابط الاجتماعي من خلال إحضار كل شخص لطعامه، فتظهر التواضع وعدم المغالاة في الطعام، فما يهمهم هو "اللمة الحلوة".
وحث الأخصائي النفسي، على ضرورة دعم هذه المبادرات وتعزيزها والتركيز عليها، داعياً الفئة الغنية لدعمها في كل المحافظات، لتعزيز التكافل الاجتماعي بين المواطنين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تحتاج لتضامن وتكافل الجميع.