خبر بدلة ضغط -يديعوت

الساعة 09:08 ص|28 مايو 2009

بقلم: سيما كدمون

 (المضمون: نتنياهو عاد من زيارته لامريكا مختلفا. فقد مر بصدمة نفسية هناك ووجد امامه امريكا مغايرة - المصدر).

لا حاجة لاذن حساسة لاستشعار ما يمر به رئيس الوزراء. هذا الشخص عاد من زيارته لواشنطن مختلفا. ليس شخصا آخر – مثل هذا التغيير يتطلب تدخل الآلهة وليس نائبه – ولكن ما من شك ان اللقاء مع اوباما قد هز رئيس الوزراء الاسرائيلي هزة عميقة.

مثلما يحدث احيانا هذا التغير انعكس اولا في مواجهة البيت الداخلي في كتلة الليكود من خلال لقائهم الاسبوعي في الكنيست. قبل ست سنوات في ايار (2003) حدث ذلك مع شارون عندما تلفظ بكلمة "احتلال" مباشرة وصراحة امام رفاقه في الكتلة البرلمانية. الارض لم تهتز والسماء لم تسقط الا ان الجميع ادركوا ان خطا احمر قد تم تجاوزه وان الامور لن تكون كما كانت عليه من الان فصاعدا.

الاب الروحي للمستوطنات والمسؤول الرئيسي عن الاستيطان في يهودا والسامرة يطلق على هذا العمل كلمة "احتلال" ولاول مرة يعترف بأن هذا الوضع الذي تسيطر فيه اسرائيل على (ثلاثة ونصف) مليون فلسطيني هو وضع سيء.

حينها وفي هذا الاسبوع كذلك كان هذا الاطار الحزبي معاديا وحماسيا. حينها كانت جيلا جمليئيل ويوفال شتاينتس اما الان فداني دنون وتسيبي حوطوببلي وياريف ليفين، بعضهم اشخاص ايديولوجيون والآخرون حائرون مما دفع رئيس الوزراء لقول ما قاله. ومن اصغى لما قاله لم يكن بمقدوره ان لا يصل للاستنتاج المجرد بأن بنيامين نتنياهو ينعطف يسارا.

هذا ليس مضمون الامور فقط. هذا تراكم لها. في جلسة واحدة ومن خلال عدة كلمات قلب نتنياهو الصيغة التي خرج معها الى واشنطن قبل اسبوع ومفادها ان من الواجب اولا معالجة المسألة الايرانية اما القضية الفلسطينية فأزيحت للوراء. نتنياهو قدم الى اجتماع كتلته الحزبية البرلمانية متيقظا: ليس هو الذي يقرر سلم الاولويات والطريق الى الحل الايراني يمر عبر غرف نوم المستوطنين في يهودا والسامرة.

اعضاء الكنيست من الليكود صرخوا ضد نهج وزير الدفاع القاسي بصدد المستوطنات. رؤساء مجالس من يهودا والسامرة شاركوا في تلك الجلسة علقوا مشاكلهم على قضية البناء في مستوطنات مثل معاليه ادوميم واريئيل وغوش عتصيون. من الممكن فهمهم. هم انتظروا سنوات لتتبدل الحكومة حتى يتمكنوا من البناء. الان حتى من يريد ان يتوصل الى تفاهمات واتفاقيات حول هذه البؤر الاستيطانية او تلك، يكتشف انه لا يستطيع ان يفعل شيئا. ولا حتى اقامة نقطة للاسعاف الاولي. ولا بناء قن دجاج. هناك ضغط كبير من الميدان يحرك اطرافا سياسية. وهناك ايضا كتلة ليكودية برلمانية اكثر يمينية مما كانت عليه في عهد شارون: في ذلك الحين كانت كتلة الليكود مكونة من اعضاء كاديما الاقرب الى الوسطية السياسية.

الامر السهل بالنسبة لنتنياهو كان ابداء التعاطف والتفهم. قول عدة كلمات يحب اعضاء كتلته وسكان يهودا والسامرة سماعها. ولكن ذلك لم يحدث. نتنياهو عازم على تقديم الدعم والمساندة الكاملة لوزير دفاعه. ليس بسبب الرغبة في الابقاء على التعاون ولا بسبب الحرص على سلامة الائتلاف وانما لسبب بسيط: ليست الجبهة قبالة يهود باراك هي التي تخيفه وانما الجبهة القائمة في مواجهة براك اوباما والادارة الامريكية. نتنياهو يعرف اليوم ان الامور التي يرونها من هنا ليست كما يرونها من هناك وان الامور قد تغيرت تماما. هو وجد امامه امريكا مختلفة ورئيسا لم تشهد اسرائيل له مثيلا من قبل. رئيس يحظى بشعبية كبيرة وقوة كبيرة ومحبوب جدا من قبل الجمهور اليهودي. هو قابل ادارة لا تنطوي عليها الحيل المعروفة. امريكيون كثيرون جدا تجولوا هنا في الميدان. ازالة بؤرة استيطانية بيد واصدار تراخيص لالف وحدة في مستوطنة اخرى باليد الثانية – هذه الحيلة لم تمر بعد الان.

نتنياهو ادرك ان العالم قد تغير. ربما اعتقد انه سينجح في اقناع الجميع. هو وعوزي اراد. اراد هو شخص مع ثقة ذاتية كبيرة. ليست لديه شكوك: كل شيء بالاسود والابيض. هذا اعطى لنتنياهو الكثير من الثقة قبل السفر. وهناك من يقول ان مساعدوه لم يصفوا له الوضع على حقيقته قبل سفره. الامر هو ان نتنياهو اكتشف في زيارته ان امريكا ليست امريكا الماضية وان الكونغرس ليس نفس الكونغرس وانه لا يمتلك اية فرصة في مواجهة اوباما وليست لديه اية ذريعة. ان كان بامكان شارون واولمرت ان يقولوا للرئيس بوش ان حكومته ستسقط ان فعلوا هذه الخطوة او تلك وبوش بدوره كان يتأثر كثيرا – فالوضع ليس كذلك الان. اوباما لن يذرف دمعة ان قال له نتنياهو ان حكومته ستسقط ان اخلى البؤر الاستيطانية. هو لن يقول له: لا قدر الله المهم ان لا تذهب. الامر الاكثر سوءا الذي يمكن ان يحدث هو وصول لفني الى رئاسة الوزراء – ليست مسألة مقلقة بالنسبة لاوباما.

قبل الانتخابات في الولايات المتحدة قال اوباما بانه ليس من الواجب ان يكون الشخص ليكوديا حتى يكون صديقا لاسرائيل. واليوم يستطيع ان يقول ان لا حاجة لان تكون رئيسا للوزراء من قبل الليكود حتى تعمل مع الامريكيين. ان ادعى نتنياهو امام الادارة الامريكية ان لديه مشكلة سياسية في تمرير ايقاف البناء واخلاء البؤر الاستيطانية فالرد في احسن الاحوال سيكون: اذهب الى الجحيم.